المقالات

هناك في ذلك الزقاق تتخذ أنجع القرارات

1585 07:30:35 2014-07-24

سعد الزيدي

صناعة القرار في دهاليز السياسة والغرف المظلمة، هو انعكاس لمخزون القيادات السياسية والمخابراتية من المعلوماتية.

والمعلوماتية هذه في شتى المدارس الفكرية ودوائر المخابرات، خلاصة آراء واجتهادات الفلاسفة والعلماء والمفكرين، لقراءاتهم المختلفة لما اختزنه التاريخ من تجارب وأحداث واحتمالاتهم الشخصية، ولما تطرحه الحياة المعاصرة والحداثة، من المتغيرات على امتداد مساحة الفعل، يضاف له ما يتعلق بالقرار من قراءة مستقبلية، وفق المعطيات والحيثيات الجانبية، أو الهامشية الواقعية المنظورة المتداولة و المحتملة، كلاً أو جزءا،وبالتالي قناعة السياسيون أنفسهم ومستشاريهم .

أذاً بيانات المعلوماتية هذه مصادرها ومراجعها ذات الصلة معروفة، وتشترك بكونها تشكل منظومة متسالم على صحتها، وبالتالي اعتمادها في هذا الصدد.

 وهي محسوسة كونها من صنع الإنسان، وليس فيها إلا نسبة ضئيلة من المجازفة المحسوبة نتائجها أيضا، كما تشترك بكونها نتاج عمل يومي على مدار الساع،ة لعدد كبير من الموظفين في مراكز البحوث، وحقول التجارب والمؤسسات الدراسية، ذات الاختصاصات المتباينة والدرجات المتعددة، قد تشكل بمجموعها مدينة بحجم مدينة النجف الأشرف، من حيث (المساحة وعدد الموظفين والمكائن والمعدات والكلف)، وتُرصد لها من ميزانيات الدول ملايين الدولارات، وبرغم هذه الاحتياطات الهائلة في حساباتها وكلفها، فعندما يأتي القرار كرد فعل بناءا على عمل مفاجئ ترتفع احتمالية الخطأ فيه، وما من طبخة قرار ناجح ومقبول، إلا وله كثرة من الإتباع والمؤيدين، وإلا و وراءه كلفة إنتاج مرتفعة، وتهيئه نوعية من الإمكانات كالعقول المجربة  والحسابات الدقيقة.

قد لا يشهد التاريخ  نجاح مطلق لقرارات سياسية، لكن ما يذهل ويعد عند كثيرين من معجزات العصر، ويؤشر مفاجئات في عالم الإمكان، أو يعده من لا حظ له من العلم، بأنه من ضروب الحظ والبخت وحسن الطالع، عندما يأتي أنجع القرارات في التضحية، وعلى مستوى متقدم من الخطورة من شخص واحد، يعاونه بضع أشخاص بمجموعهم يعيشون في( 80مترمربع )فقط من مساحة مدينة النجف، لا يمتلك من المقومات المادية للقرار سوى الورق والقلم، ولا يكلف ميزانية الدولة شيء، ولم يجر هذا القرار في نفس القنوات التي اشرنا إليها، ولا يخضع للحسابات الجيوسياسية والبارادايم (النموذج الإدراكي النظري ) التي أسلفنا.

 ذلك قرار المرجعية العلياء في النجف الأشرف لحفظ العراق، بكل ما تعني كلمة الحفظ وكلمة العراق، صدر بتاريخ 13/6/ 2014 وحصل على مباركة السماء قطعاً، وهي  بالإمكانات المتواضعة التي في حيازتها.

لا نقول بأن القرار ليست نتاج العقل البشري، أو خارج قاعدة الأسباب الطبيعية المتلازمة، ونشارك القائلين بحنكة القرار من حيث الوقت والمضمون، ونقول بالتأييد الإلهي للمرجعية أولاً، كما نضع علامة "صح" أمام قول القائلين :بأن البشرية بكل مدارسها الفكرية والعقائدية، لم ترق إلى إصدار قرار بدقة قرارات مدرسة آل البيت عليهم السلام، المتمثلة بقرارات المرجعية الدينية العلياء، للحفاظ على بيضة الإسلام والمصالح العلياء للأمة والتوازن الديموغرافي، كما نؤيد بأن فهم أجواء قرارات المرجعية غير متيسر وفق الآليات المعاصرة.

لذلك فمن الصحيح؛ أن تحدث انعطاف في مسيرة الأحداث، وتقلب حسابات الطرف الآخر وتعيده القهقرى إلى وراءه، فينقلب  مذعوراً لا يحسن التفكير،لأن هذا النوع من هيئات صنع القرار ( المرجعية الدنية )، تتفرد بمجموعة خواص ومميزات، منها صدق العلاقة مع السماء، فتمنحها التسديد فيما يصدر عنها من قرارات.

وبذلك فالمرجعية تعبر عن أرادة السماء، وأٌولى دلالات هذه الميز،ة صحة مذهب المرجعي،ة وصدقها في التعامل مع مفردات المذهب، وثانيا المراقبة الدقيقة لمتغيرات الشارع العراقي، والفهم العميق للمتغيرات العالمية من حوله، وتمتاز بالعلمية الدقيقة في التشخيص للمخاطر والمصالح بشكل عام، والحرص الشديد بل المتناهي على أبناء هذا الشعب بكل مكوناته، وثالثا الثقة المطلقة المتبادلة بين المرجعية وأتباعها، واحترامها من قبل كل مكونات الشعب العراقي، وثقة اصدقاء العراق والعالم الخارجي بها،  ورابعا وخامسا...

وأما مرد دهشة وتساؤل عدد كبير من المدارس الفكريةوالمحللين والمراقبين، فهو أن  الذين يتعاملون بأدوات صنع القرارات المعاصرة، يغفلون أن قاعدة الأسباب الطبيعية المتعلقة بالفشل والنجاح، غير منظوره بمجموعها في الحسابات المادية، وينسون بأن ( فوق كل ذي علم عليم )، أي أن العلم غير محتكر، كما أنهم  لا خبر لهم عن شيء من أمر الآخرة، وتوجيهات السماء وترابط الإحداث، فهم قد استهلكوا ما عندهم من العلم والطاقات الفكرية، في شؤون الحياة الدنيا المنظورة فقط، فلم يبق منه شيء، يدركون به أمور الآخرة، فهم في جهل مطلق منها، كأنها لم تقرع سمعهم، أو قرع خبرها سمعهم وعقلوها، لكنهم جحدوها أو في شك منها، يرتابون في أمرها لفساد عقيدتهم.

إن النجاح مرتبط بمجموعة خلفيات، فيها ما قد تتراءى غيبيات، لمن لا يؤمن بالغيب والتسديد الإلهي.

من هنا فقد جاوز قرار المرجعية (الفتية الجهادية )كل الحسابات الاحتمالية لدى الطرف الأخر، برغم تفوقه التكنولوجي، في حين أن إمكانات المرجعية المادية، لا تقارن نهائيا بما مخصص لصناع القرار، وغرف العمليات، ومراكز ومؤسسات الدراسات والبحوث في الغرب والشرق.

15/5/140724

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك