المقالات

أسحار رمضانيّة ()

1460 2014-07-01

نزار حيدر

{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا* أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِّن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا}.
عندما يتيقّن المرء انّ عمله لن يذهب سدى، وان هناك من يسجّله له، وسيثيبه عليه في الدنيا قبل الآخرة، فلا يضيع عمل عامل من ذكر او أنثى، فلماذا يبخل عن فعل الخير؟ لماذا ينتظر من الناس ان يردّوا له جميل فعله وحسن صنيعه؟ أيهما افضل أثرا وأعظم جائزة؟ ردُّ جميل على فعل خير من إنسان؟ أم عدم تضييعه من قبل خالق السماوات والأرض؟.
لماذا نربط الإقدام على فعل الخير، بشكره من العبد، او برد جميل من آخر؟ لماذا لا نفعله لله الذي لا تضيعُ عنده الودائع؟ وهو القائل في محكم كتابه الكريم {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ* وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}؟.
لو انّ كل واحد منّا قرر ان يفعل الخير بلا ثمن، لشاعت في المجتمع ثقافة العمل الصالح، والتي ستصبّ، في نهاية المطاف، في الصالح العام، وهو المطلوب.
لقد ضمِنَ الله تعالى ان يحفظ أعمالنا مهما استحقرها صاحبها او الآخرين لبساطتها مثلا او لقلّة اثرها، فلماذا لا نجتهد في العمل أيّا كان موقف الآخرين منه؟.
ان عمل الخير كقطرات المطر قد نتصورها بسيطة الأثر صغيرة الحجم، الا انها لو تجمّعت لأمكنها ان تدمر مدن بأكملها اذا ما تحوّلت الى سيلٍ هادر، فلماذا نستخفّ بعمل لصغره او نستحقر آخر لقلّة اثره، وهو لو تراكم في الواقع المعاش لترك اعظم الأثر؟.
ومن اجل ان يترك العمل اثره، ينبغي ان يتميّز بما يلي:
الف؛ ان نطمئِنّ لأثره، فلا نقدم على عمل نعرف مسبقا انه زائل مع زوال لذته، فلقد قال أمير المؤمنين (ع) {شتان ما بين عملين، عملٌ تذهب لذته وتبقى تبعته، وعمل تذهب مؤونته ويبقى اجره}.
باء؛ ان لا يصاحب العمل منٌّ او أذى يلحق بالآخرين، لان الله تعالى ضمن ان لا يضيع اجر العمل اذا كان حسنا تصاحبه التقوى التي تعني، من بين ما تعني، ان لا يتجاوز على حق الآخرين او خصوصياتهم، ولذلك ورد في القران الكريم قوله عز وجل {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ} وقوله تعالى {وَإِن تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ}.
وفي قوله تعالى دلالة واضحة على ذلك، اذ يقول {الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} وقوله {قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ}.
جيم؛ ان يكون العمل في محلّه، يملأ فراغا او يسد ثغرة او يستجيب لتحدي، فلا يكون بطرا مثلا، فلقد جاء في القران الكريم قوله {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ} فالأجر يتعاظم كلما كان العمل مؤثرا في الزمان والمكان والظرف.
دال؛ الصبر على العمل لتتحقّق الاستقامة والديمومة وعدم التراجع بمجرد ان يتعرض صاحبه لنقد او هجوم لاذع او التشكيك في نواياه والطعن في خلفياته، فإذا كان المرءُ واثقا من نواياه ومن أهدافه وأدواته ومنطلقاته، فلماذا يتراجع، مثلا، اذا شكّك أحدٌ بعمله؟ او طعن بنواياه؟.
يقول الباري عز وجل في محكم كتابه الكريم {أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا} وصدق أمير المؤمنين عليه السلام الذي يقول {إن صبرتَ جرى عليك القدر وانت مأجور، وان جزِعتَ جرى عليك القدر وانت مأزور}. 
وكل رمضان وانتم بخير.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك