المقالات

جرائم إبادة الجنس البشري في كردستان و جنوب العراق

2946 19:41:00 2006-05-31

دراسة قيمة بقلم الاستاذ الدكتور منذر الفضل عن الجرائم التي ارتكبت في كردستان وجنوب العراق

تهدف جريمة ابادة الجنس البشري Genocide الى قتل الجماعات او المجموعة البشرية بوسائل مختلفة وتعتبر من الاعمال الخطيرة التي تهدد أمن وسلامة المجتمع لأنها تؤدي الى ابادة أواضطهاد كائنات انسانية كليا او جزئيا بسبب طبيعتهم الوطنية او العرقية او السلالية او الدينية , وهي ترتكب بصورة عمدية ولا تنحصر اثارها على الوضع الداخلي للدولة التي تقع في نطاق حدودها الاقليمية و انما تمتد حتى الى الأسرة الدولية بسبب أثارها الشاملة . وهي ليست من الجرائم السياسية و انما تعد من الجرائم العمدية العادية حتى وان ارتكبت بباعث سياسي لآن هناك فرقا بين الجريمة التي ترتكب بباعث سياسي وتلك التي ترتكب بباعث غير سياسي .و يعود التطور التاريخي لهذه الجريمة الى العصر البابلي وجرى ارتكابها اثناء الحرب العالمية الاولى حين استعمل الألمان الغازات السامة في فرنسا وكذلك في اثناء الحرب العالمية الثانية منذ عام 1939-1945 ومن ثم ضد الشعب الكردي سواء في كردستان العراق ام في مناطق العراق الاخرى كما حصل ضد الاكراد الفيلية من جرائم التهجير و الاختفاء القسري والاعدامات خارج نطاق القضاء وكذلك ضد الشيعة في وسط و جنوب العراق في أوقات مختلفة مما يؤكد أهمية وخطورة هذه الجريمة وكونها من الجرائم الماسة بحقوق الانسان الامر الذي دفع بالامم المتحدة الى وضع اتفاقيتين دوليتين لتنظيم احكامها وهو ما حثها الى عقد اجتماع في روما لتأسيس محكمة جنائية دولية عام 1998 ولدت الى النور في نيسان من عام 2002 واودعت الاتفاقية لدى الامم المتحدة وحدد قضاتها الذين سينظرون في مختلف الجرائم الدولية ومنها جريمة أبادة الجنس البشري بالنسبة للجرائم التي ترتكب بعد 1 ايلول 2002 وهو تاريخ سريان هذه الاتفاقية .ومما يتعلق بأنتهاكات حقوق الانسان وجريمة ابادة الجنس البشري هي سياسة الاضطهاد الطائفي التيمارسها النظام المقبور ضد ابناء عشائر جنوب العراق ووسطة من اتباع المذهب الشيعي ولعل أوضح دليل على ذلك مظاهر التمييز الخطيرة ضدهم والأهانات والتحقير لسكان الجنوب من خلال سلسلة مقالات نشرت في صحيفة الثورة الناطقة بلسان حزب النازية العربية عقب الانتفاضة في نيسان عام 1991 التي تضمنت تلك الافكار عبارات الاهانة والتحقير وبخاصة ضد سكان الاهوار التي شككت في عروبتهم وعراقيتهم وهو ما وفر للنظام مناخا لضرب مدن الجنوب وسكان الاهوار بصنوف الاسلحة والتدمير لأبادة الجنس البشري وانشاء ما يسمة ب ( النهر الثالث – نهر صدام ) .ولاشك ان هؤلاء السكان يعيشون في منطقة تعد من اقدم مناطق العالم في التاريخ حيث شهدت اولى الشرائع القديمة وهي الشرائع البابلية والسومرية ومنها شريعة اور نمو ولبت عشتار وايشنونا ومن ثم شريعة حمورابي .ولم تعد قضية حقوق الإنسان و الانتهاكات البليغة التي ترتكبها الأنظمة الدكتاتورية مسألة داخلية لا يمكن للاسرة الدولية أن تتدخل لوقف قمع السكان المدنيين أو أن يبقى المجتمع الدولي متفرجا من قضية التطهير العرقي أو الجرائم الدولية الخطيرة التي يرتكبها بعض الحكام الظالمين في أي بقعة من الأرض , وإنما أضحت مسالة احترام حقوق البشر قضية تهم المجتمع الدولي ولا تنحصر بشؤون الدولة الداخلية ولا تتعلق بالأمن الوطني فقط أو تخرق مبدأ التدخل في الشؤون الداخلية للدول التي تنتهك هذه الحقوق , لان هذه الانتهاكات صارت مصدرا للقلق والنزاعات وعدم الاستقرار للمجتمع الدولي. و أضحت هذه الجرائم سببا خطيرا للنزاعات والحروب مما يؤثر استمرارها على الأمن والسلم الدوليين خصوصا إذا جاءت هذه الانتهاكات ضمن ممارسات ارهاب الدولة حيث أرتكب صدام وأركان نظامه أبشع الجرائم ضد الكورد والشيعة .وفي ظل حكم البعث بلغت قضية إهدار حقوق الإنسان حدا خطيرا لا يمكن إغفاله , فالانتهاكات التي مارسها منذ عام 1968 وحتى سقوط النظام في 9 نيسان 2003 وبخاصة ضد الكرد في كردستان العراق وضد الشيعة والتركمان و الاقليات الأخرى من سياسة التمييز و القمع والاضطهاد و التي ازدادت بعد اندلاع الحرب بين إيران والعراق عام 1980 وما تبعها من استعمال السلاح الكيماوي في مناطق متعددة من العراق و بخاصة في حلبجة عام 1988 و من احتلال دولة الكويت عام 1990 , و تجفيف الاهوار وتدمير البيئة وتسميم المياة وضرب مدن الجنوب بالصواريخ شكلت خرقا واضحا للدستور و لكل القوانين و الالتزامات الدولية والأعراف وحتى للديانات السماوية والقيم الإنسانية مما دفع مجلس الامن الى اصدار القرار رقم 688 لحماية الشعب العرب والكرد والاقليات الاخرى من بطش النظام .ولذلك لابد من الحديث عن هذه الجرائم وتقسيم البحث على النحو التالي :القسم الاول : تحديد مفهوم جريمة ابادة الجنس البشرينصت اتفاقية منع ابادة الاجناس البشرية والمعاقبة عليها لعام 1946 على احكام الجريمة المذكورة فالابادة يقصد بها التدمير المتعمد للجماعات القومية او العرقية او الدينية او الاثنية ويراد بكلمة او مصطلح genocide في اللغة اللاتينية ( قتل الجماعة ) فقد اقترن اسم وشيوع مصطلح جريمة الابادة مع النازية اولا حيث جرى قتل ملايين البشر بسبب دينهم او اصلهم العرقي وأعتبرت الجريمة من نمط الجرائم ضد الانسانية حتى ولو لم تكن الجرائم المرتكبة تشكل اخلالا بالقانون الداخلي للانظمة المنفذة لها .ولاشك ان ارتكاب الافعال بقصد التدمير الكلي او الجزئي لجماعات قومية او اثتية او عنصرية او دينية تقع من خلال صور متعددة وسواء أكانت الجريمة بصورة مباشرة ام التحريض عليها ام بالتامر على ارتكابها وسواء اثناء السلم ام الحرب فقد جاء في المادة الثانية من الاتفاقية مايلي :(( في هذه الاتفاقية تعني الابادة الجماعية ايا من الافعال التالية : المرتكبة عن قصد التدمير الكلي او الجزئي لجماعة قومية او اثنية او عنصرية او دينية , بصفتها هذه :1- قتل اعضاء من الجماعة 2- الحاق اذى جسدي او روحي خطير باعضاء من الجماعة3- اخضاع الجماعة عمدا لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كليا او جزئيا 4- فرض تدابير تستهدف الحؤول دون انجاب الاطفال داخل الجماعة 5- نقل اطفال من الجماعة عنوة الى جماعة اخرى ))وهذه الافعال الاجرامية يعاقب عليها القانون سواء من خلال الابادة فعليا او بالتامر على ارتكاب الابادة الجماعية او التحريض المباشر والعلني على ارتكابها او في محاولة ارتكابها او الاشتراك فيها ويتعرض للمسؤولية القانونية اي شخص كان حتى ولو كان مسؤولا دستوريا او موظفين عامين او افرادا كما ان هذه الجريمة لا تسقط بمرور الزمان . وهذا يعني ان رئيس الدولة او رئيس الوزراء مثلا لا يتمتع بالحصانة الدستورية او القانونية ولا يعفى من العقاب مطلقا .يتضح من ذلك ان قتل الجماعات تحصل بطرق او وسائل مختلفة منها :النوع الاول :الابادة الجسدية وهو يتمثل في قتل الجماعات بالغازات السامة او الاعدام او الدفن وهم احياء او القصف بالطائرات او الصواريخ او باي وسيلة اخرى تزهق الروح وهو ما حصل مع الكورد في حلبجة والانفال وضد البارزانيين وضد الكورد الفيلية و مع مئات الالوف من الشيعة في جنوب العراق اثناء الانتفاضة وخلالها في اذار ونيسان وما بعدها عام 1991 ووفقا لاعترافات الكثير من ضباط الاجهزة الامنية الذين فروا من بغداد فان مسؤول الاجهزة الخاصة ( قصي صدام حسين ) ارتكب في يوم واحد جريمة قتل حوالي 2000 مواطن عراقي من جنوب العراق ممن اتهموا بالمشاركة في الانتفاضة وبدون محاكمة في سجن ابو غريب ببغداد وهو مما ينطبق علية وصف الجريمة الدولية في ابادة الجنس البشري .وقد جاءت هذه الجريمة ضمن حملة ما يسمى ب ( تنظيف السجون ).النوع الثاني :الابادة البايولوجيةوتتمثل بطرق تعقيم الرجال او اجهاض النساء وبوسائل مختلفة بهدف القضاء على العنصر البشري . ( الفقرة د- من المادة الثانية ) من اتفاقية منع ابادة الاجناس والمعاقبة عليها .النوع الثالث:الابادة الثقافية وتتمثل في تحريم التحدث باللغة الوطنية والاعتداء على الثقافة القومية وهو ما حصل في كردستان العراق وما يحصل في تركيا وسوريا ضد الشعب الكردي وما حصل في العراق في المدن الكردية التي كانت خاضعة لسيطرة نظام صدام مثل كركوك وخانقين وغيرها .( الفقرة ج من المادة الثانية من الاتفاقية ).غير ان الاسرة الدولية لم تتجه بعد الى اعتبار هذا النوع من الابادة جديا وخطيرا ويؤدي الى الفناء على الرغم من هذا النوع من الابادة هو ابادة معنوية تدمر البشر وهي تؤدي الى الصهر والاذابة والتدمير وهو عمل غير مشروع .أما بالنسبة الى البواعث على هذه الجريمة فيمكن حصرها على الشكل التالي :1- الاسباب الدينية :و لعل اوضح صورة في العصر الحديث هي جرائم نظام صدام ضد الشيعة في وسط وجنوب العراق حيث قام بضرب مدن الجنوب بالصوارخ وبالاسلحة الثقيلة خلال الانتفاضة وما بعدها عام 1991 انتقاما منهم فضلا عن تسميم مياة الاهوار وتجفيفها بهدف القضاء على الحياة في المنطقة .ووصل الحد الى ضرب العتبات المقدسة بالصوارخ وبالدبابات والمدافع الثقيلة وتصفية المئات من علماء الدين الشيعة بصورة خطيرة سواء ممن اختفوا ام ممن قتل علنا لموقفهم الرافض لنظام صدام .2- الاسباب السياسية والاجتماعية :وهو ما نصت عليه المادة الثانية وهي تتعلق بالكرد عموما والكرد الفيلية بهدف القضاء على لغتهم وتذويبهم وصهرهم وتعريبهم ومن خلال سلسلة من القرارات غير الانسانية .ومن المعروف ان مناطق الجنوب في العراق تعرضت الى سياسة متعمدة من الاهمال وتدمير الحياة البشرية والنباتية والحيوانية بقطع المياة عن الاهوار و تحويلها الى مصدر اخر من خلال عملية بناء السدود الاصطناعية المتعمدة للتجفيف وقتل الكائنات الحية وتدمير البيئة مما دفع السكان الى الهجرة داخل العراق او الى المناطق المجاورة . وقد تاكدت هذه الجريمة من خلال الاقمار الصناعية التي كشفت هذه الجريمة ضد البيئة وهو ما قامت بتوثيقة المنظمة العالمية للبيئة عام 2001 و أدانة قرار البرلمان الاوربي عام 2002 و لجنة حقوق الانسان في جنيف فضلا عن تصريحات السفير ديفيد شيفر بان هذه الجريمة هي جريمة دولية ضد الانسانية ( جريمة التطهير العرقي ).القسم الثاني الجرائم الدولية ضد الجنس البشري في العراقأولا _ مقدمةقبل بيان الجرائم الدولية في جنوب العراق التي ارتكبها النظام لا بد من توضيح أقسام الجرائم الدولية التي توزع إلى ثلاثة أنواع وهي:1. جرائم مرتبطة بالحرب War Crimes 2. جرائم ضد السلم War against peace3. جرائم ضد الإنسانية Crimes against Humanityوالجريمة الدولية تنفذ بصورة عمدية وهي جريمة كبرى high crime, أي ترتكب مع وجود القصد الجنائي للفاعل criminal intent , ولهذا لا ترتكب الجريمة الدولية في شكل جنحة أو مخالفة أو بطريقة غير عمدية أي خالية من القصد الجنائي . لذلك تعد الجريمة الدولية جناية خطيرة Infamous Crime تهز الأمن والسلم الدوليين ولا تنحصر أثارها على إقليم الدولة فقط و إنما تمتد أثارها إلى المجتمع الدولي أيضا وتطبق عقوبتها باسم الجماعة الدولية ويمكن تعريفها على إنها:(( واقعة إجرامية تخالف قواعد القانون الدولي سواء أكان الفعل الذي يشكل جريمة في صورة فعل, جريمة بفعل إيجابي , أم امتناع عن فعل وهي الجريمة سلبية )).ثانيا - أركان الجريمة الدولية ضد حقوق الإنسانيمكن تحديد هذه الأركان على النحو التالي:1. الركن الشرعي – ويقصد به النص القانوني الذي يجرم الواقعة ( الفعل أو الامتناع ) من الأعراف و الاتفاقيات و النصوص الدولية الموقع عليها من الدول مثل اتفاقية تحريم إبادة الجنس البشري genocide وهي جريمة ضد وجود البشر إما أن تكون في صورة إبادة مادية بالقتل للتخلص من قومية معينة أو عنصر معين أو طائفة معينة كما حصل في حنوب العراق و في كردستان وفي أعوام مختلفة وبخاصة في واقعة حلبجة وواقعة الأنفال , وقد تكون الجريمة في شكل إبادة بيولوجية مثل تعقيم البشر و إبادة ثقافية كتحريم النطق باللغة القومية إن الثقافة التي تتميز بها القومية أو الطائفة أو الجماعة كما بينا ذلك , ومما يتعلق بالنص الشرعي ايضا النص على أسس الحرب الظالمة والجرائم ضد السلام كحيازة الأسلحة الفتاكة وشن الحرب و الجرائم ضد الإنسانية التي تخص انتهاكات حقوق الإنسان ومنها دفن عشرات الالاف من ابناء الجنوب وهم احياء اثناء الانتفاضة وما بعدها حيث تكتشف بين فترة واخرى القبور الجماعية في جنوب العراق التي تشير الى انها جرائم مرتكبة من النظام بالقيام بعمليات الاعدام دون محاكمة .2. الركن المادي – ويقصد به الأفعال أو الامتناع عن الأفعال التي تشكل جريمة دولية أي هو التصرف العمدي الخطير بحد ذاته كتدمير القرى والبيئة و إخفاء الأشخاص وأجراء تجارب السلاح البيولوجي والكيماوي ضدهم وهو ما فعلة نظام صدام ضد أبناء الجنوب في العراق ..وفي مناطق الاهوار تحديدا وفي كردستان .ففي مناطق الجنوب تضرر من عملية تسميم الاهوار وتجفيف الاهوار وتدمير البيئة ما يقارب 300 الف انسان وهجرة اكثر من 100 الف انسان الى ايران يعيشون في الخيام في صورة نازحين حيث لم يبق من الاهوار المذكورة الا صحارى لا يمكن العيش عليها بعد قتل الطيور وتدمير البيئة وتسميم المياة ونفق الحيوانات والاسماك.وهذة المناطق تعاني من القطع المتعمد لمياة الشرب وسوء الخدمات العامة .وبعد سقوط النظام عاد جانب كبير من هذه الحياة الطبيعية الى المنطقة .3. الركن المعنوي – أي أن الجريمة الدولية ترتكب عمدا ( قصد جنائي ) وهو ما يدل على خطورة الجريمة الدولية التي تهز أركان المجتمع الدولي في أمنه وتهدد السلم العالمي.ولهذا تعد الجريمة الدولية من درجة الجنايات العادية الكبرى ولا تعد الجريمة الدولية من درجة الجنحة أو المخالفة وذلك لان الجريمة الدولية ترتكب عن قصد ( ارادة الفعل + النتيجة ) معا .ولغرض إلقاء الضوء على الجرائم الدولية التي ارتكبت من النظام في العراق لابد من الإشارة بإيجاز لهذه الجرائم على النحو التالي:ثالثا – الجرائم المرتبطة بالحرب في جنوب العراق War crimes in south of Iraq على الرغم من أن أوضاع الحرب تسبب انتهاكات بليغة لحقوق الإنسان , إلا أن هناك من الجرائم التي ترتكب أثناء الحرب تخالف قواعد القانون الدولي و بخاصة الاتفاقيات الدولية المنصوص عليها والتي تنظم قواعد الحرب .فجريمة العدوان وجريمة شن الحرب الظالمة هما من اخطر جرائم الحرب طبقا لقواعد القانون الدولي وهي جرائم ترتكب أثناء النزاعات المسلحة وتهدد الأمن والسلم الدوليين ويعتبر مرتكبي هذه الجرائم من مجرمي الحرب ومن أعداء الإنسانية ويمكن محاكمتهم وطنيا او دوليا أمام محكمة جنائية دولية . فللحرب قواعدها و أسسها التي نظمتها قواعد القانون الدولي وهؤلاء هم من أعداء الإنسانية ويمكن أن نوضح القواعد الأساسية المنظمة للحرب وهي :1. . اتفاقية لاهاي لعام 1899- 19072. قواعد تحريم استخدام أسلحة الدمار الشامل مثل السلاح النووي و السلاح الكيماوي و كذلك السلاح البيولوجي. وهناك اتفاقيات عديدة وقعت عليها دول العالم والتزمت بها حفاظا على الأمن والسلم الدوليين إلا هناك البعض من الدول لم توقع على هذه الاتفاقيات .3. برتوكول جنيف في تحريم استعمال الغازات السامة و الخانقة و وسائل الحرب الجرثومية لعام 1925.ومن المعلوم أن مجلس الأمن الدولي أدان النظام السابق في العراق على استعماله السلاح الكيماوي ضد الشعب الكردي في مدينة حلبجة عام 1988 وذلك بموجب القرار الصادر في 26-8-1988 غير أننا نعتقد أن هناك قصورا في الجانب الإعلامي في إبلاغ الرأي العام العالمي عن جرائم ابادة الجنس البشري ضد الشعوب العراقية . فبالاضافة الى استعمال السلاح الكيماوي ضد أبناء الجنوب في العراق و في تسميم الاهوار وتجفيفها أيضا عام منذ عام 1991 قام النظام المقبور بجريمة انتهاك حرمة الموتى حين ارتكب جريمة التخزين للسلاح الكيماوي في قبور النجف وكربلا وهي من الجرائم الدولية التي يجب محاسبة المسؤولين عنها حسب القواعد القانونية الدولية المتعارف عليها .رابعا - نماذج من جرائم الحرب الدولية المرتكبة في العراق1. جريمة إبادة الجنس البشري genocide تعتبر هذه الجريمة من اخطر الجرائم الدولية التي ارتكبت في جنوب العراق وضد الشعب الكردي في كردستان العراق من خلال تطهير العرق الكردي جغرافيا , أي من المناطق الكردية , والإبادة الثقافية وفي سياسة تعريب الكرد على نحو ما بيناه , وكذلك ارتكبت هذه الجريمة ضد عرب الاهوار في جنوب العراق , مدينة العمارة و مدينة الناصرية و البصرة , ونفذت هذه الجريمة البشعة ضد الكرد في محافظة كركوك أيضا.ومن ذلك ايضا ارتكاب الجريمة ضد الكرد الفيلية والعراقيين المسفرين بسبب انتماؤهم للمذهب الشيعي .2. إبادة الجنس البشري من خلال استعمال السلاح الكيماوي ضد الكرد و ضد الشيعة في جنوب العراق وفي الاهوار.وقد حصل ذلك في الأعوام 1988 و في 1991.3. ضرب الأهداف المدنية بالصواريخ و الطائرات أو من خلال القصف المدفعي كما حصل مع القرى الكردية الآمنة و في أثناء الحرب ضد إيران التي بدئها النظام في العراق وكذلك ضد أبناء النجف وكربلا و البصرة والسماوة والديوانية والمدن العراقية الأخرى التي انتفضت ضد النظام عام 1991 .4. دفن البشر وهم أحياء . فلقد قام نظام صدام بدفن مئات الألوف من الكورد ومن العرب والتركمان وهم أحياء في كردستان العراق و في النجف و كربلا و البصرة والعمارة و السماوة وغيرها من المدن العراقية . وتعد هذه الجريمة من جرائم الحرب الخطيرة ضد الشعوب العراقية ولا يمكن أن تسقط بالتقادم مهما مر من الزمان وان الفاعل لها يعد مجرما دوليا عاديا و لا يمكن أن يتذرع المجرم الدولي بأنه ارتكب جريمته للأغراض أو بدوافع سياسية .فالمجرم الدولي ليس مجرما سياسيا ولا يمنح حق اللجوء السياسي مطلقا مهما كان منصب الفاعل دستوريا وقانونيا وليس له حصانة دستورية او قانونية.5. جريمة إعدام الأسرى . تنظم شؤون أسرى الحرب اتفاقيات دولية محددة , وللأسير حقوق واضحة وثابتة لا يمكن إغفالها مطلقا ولا يجوز مثلا انتزاع الاعتراف من الأسير بالقوة أو إعدامه أو قتلة أو إهانته .ولذلك يعد إعدام الأسرى أو دفنهم وهم أحياء جريمة دولية طبقا لقواعد القانون الدولي وان هذه الجريمة هي من جرائم الحرب و أن الفاعل لها هو مجرم حرب يخضع للمحاسبة .6_ جريمة تعذيب الأسير في الحرب أو انتزاع الاعتراف بالقوة منة .7. جريمة اغتصاب النساء .وقد ارتكبت هذه الجريمة ضد الشعب الكردي في منطقة كردستان وكذلك في دولة الكويت ضد الشعب الكويتي أثناء الاحتلال .8. جريمة زرع الألغام ضد البشر . وقد قام نظام حكم الرئيس صدام بزرع اكثر من 10 مليون لغم ضد البشر في منطقة كردستان ضد الكرد . ومن المعلوم – طبقا لقواعد القانون الدولي – أن مرتكب الجريمة الدولية لا يجوز منحة حق اللجوء مهما كان نوعه , لجوءا سياسيا أم لجوءا إنسانيا , فلا يجوز منحة حق اللجوء السياسي لأنة ليس سياسيا ولا تعد جريمته المرتكبة جريمة سياسية , و لايمكن أن يمنح حق اللجوء الإنساني لانه مجرم عادي مطلوب للعدالة ولابد من محاسبته أمام القانون عن الجرائم التي ارتكبها وفي أن ينال الجزاء العادل الذي يستحقه قانونا وتقع على المجتمع الدولي الحد من ظاهرة الافلات من العقاب .ثم أن هذه الجريمة لا تسقط بالتقادم مطلقا , أي لا تسقط بمرور الزمان و إنما تبقى الجريمة قائمة وثابتة على الفاعل ولا يستطيع أن يتخلص منها بحجة مرور الزمان – وهذا ما حصل بالنسبة إلى دكتاتور تشيلي السابق (بي نوشيه ) وكما وقع مع دكتاتور صريبا ( سلوبودان ميلوسوفتش ) , كما أن مرتكب الجريمة الدولية لا يعفى من المسؤولية حتى ولو كان يشغل منصب رئيس دوله طبقا إلى اتفاقية عام 1970. ونشير هنا إلى دور الصليب الأحمر ( اللجنة الدولية ) في المبادرة لتدوين قواعد القانون الدولي الإنساني أي في وضع قواعد قانونية في أثناء النزاعات المسلحة تهدف إلى حماية الإنسان كما بادرت إلى تدوين قواعد القانون الدولي الإنساني وتحت اتفاقية جنيف في 12-8-1949 واتفاقية لاهاي 1899 و 1907 وبرتوكول جنيف 1925 .وللصليب الأحمر الدولي دوره في حماية القواعد الأساسية لحقوق الإنسان أثناء النزاعات المسلحة وهي مثلا :• عدم جواز مهاجمة الأشخاص من الأبرياء الذين لم يدخلوا النزاع المسلح وهم ( المدنيون ).• حظر قتل أو جرح العدو الذي يستسلم أو يصبح عاجزا عن القتال ومعاملة أسرى الحرب بصورة إنسانية.• رعاية الجرحى والمرضى و معالجتهم طبيا حسب الأصول .• صيانة الحقوق البشرية الأساسية للأسرى .• تمتع جميع الأشخاص بالضمانات القانونية في محاكمة عادلة عن الاتهامات بارتكاب الجرائم .• ليس لأي طرف في النزاع حق مطلق في اختيار أسلوب الحرب أو السلاح الذي يستخدمه أو في استعمال شارة الصليب الأحمر للأغراض العسكرية .• حظر سلب أو نهب أو سرقة الممتلكات أو اعتبارها غنائم حرب .وللأسف فان جميع هذه القواعد الأساسية لم تحترم من النظام البعثي المقبور في العراق لا في أثناء الحرب العراقية الإيرانية ولا في أثناء قمع الانتفاضة في كردستان و جنوب العراق ولا في دولة الكويت ولا في كل الحروب الداخلية والخارجية بسبب سياسة الغدر التي يتصف بها نظام البعث المجرم .خامسا - الجرائم ضد السلم Crimes against peaceمن المعروف أن للإنسان حقوق ثابتة وقت السلم أيضا وهذه الحقوق محمية بموجب الصكوك الدولية وبخاصة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان , وهذه الحقوق تشمل الحقوق المدنية و الحقوق السياسية ( الحق في الحياة والحق في حرية العقيدة و الحق في السلامة الجسدية …) وكذلك له من الحقوق الاقتصادية و الحقوق الاجتماعية و الحقوق الثقافية ( الحق في العمل والحق في التعليم والحق في الصحة والحق في الغذاء و الحق في الثقافة ..).بناءا عليه فان أي اعتداء على هذه الحقوق يشكل خرقا لقواعد القانون الدولي وتعد الجريمة دولية يحاسب الفاعل عنها وتعد جرائم مخلة بسلم الإنسانية . على أن هذه الجرائم قد ترتكب وقت الحرب أو في زمن السلم وهي جرائم ضد وجود البشر و وضد حقوقه ويمكن ذكرها على النحو التالي:• أي عمل من أعمال العدوان مثل أعمال التخطيط لغرض إلحاق الأذى بدولة من الدول , ومثال ذلك أعمال التخطيط في احتلال دولة الكويت عام 1990 وكذلك أي حرب تنتهك المعاهدات أو الاتفاقيات الدولية أو الضمانات الدولية أو الإعداد لهذه الحرب أو الشروع فيها أو شنها . • الاشتراك في خطة أو في مؤامرة مشتركة لغرض إنجاز أي من هذه الأفعال العدوانية المذكورة .• جريمة ضم إقليم تابع لدولة من الدول بالقوة وهو تابع إلى دولة أخرى .سادسا – الجرائم ضد الإنسانية against Humanity Crimesاعتبر مجلس الفاتيكان هذه الجرائم موجه ضد الله والإنسان على أساس إنها جرائم تنتهك حقوق الإنسان . وقد حددت هذه الجرائم مبادئ محكمة نورمبرغ في إنها تعد جرائم دولية ترتكب عمدا ضد الإنسانية وهي بمثابة جرائم كبرى وخطيرة يعد فاعلها مجرما دوليا خطيرا , و مثال ذلك قتل السكان المدنيين أو إبادتهم بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو المذهب أو غير ذلك وكذلك جريمة نفي السكان المدنيين ومثال ذلك عمليات تهجير مئات الآلاف من العراقيين بعد إسقاط الجنسية عنهم بحجة انهم من التبعية الإيرانية وكذلك عمليات تهجير الكرد من مدينة كركوك و المناطق الحدودية الأخرى وجريمة الأنفال الخطيرة و كذلك جريمة تدمير اكثر من 4500 قرية يسكنها الكرد بحجة إنها تقع على الحدود العراقية – الإيرانية .وتعد من الجرائم ضد الإنسانية ممارسة الاضطهاد الديني ضد المواطنين وكذلك تسميم الاهوار في جنوب العراق و التدخل في الشؤون الداخلية للدول .ومن الجرائم ضد الإنسانية قتل أفراد الجماعة العرقية أو الدينية أو القومية مثل اغتيال رجال الدين الشيعة في النجف وكريلا ومن هؤلاء مثلا جريمة اغتيال عدد من رجال الدين من أسرة السيد الحكيم و عدد من أسرة السيد بحر العلوم وجريمة اغتيال أية الله ميرزا الغروي و الشيخ مرتضى البرجوردي والسيد آيه الله محمد صادق الصدر والسيد محمد باقر الصدر وشقيقته بنت الهدى و أبناء السيد أبو القاسم الخوئي و علماء آخرين غيرهم وكذلك تعمد خلق ظروف معاشيه صعبة لغرض إبادة شعب من خلال سوء التغذية و تعقيم البشر و جريمة الإيذاء الموجه ضد المشاعر و الأحاسيس .الدكتور منذر الفضل
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك