المقالات

الانتخابات تنافس وليس تنازع ؟!

1518 2014-03-20

محمد حسن الساعدي

هناك علاقة وثيقة تربط مفهوم المواطن وموضوع الانتخابات باعتبارها أحد أهم معالم النظام الديمقراطي. حيث تعبر الانتخابات بوضوح عن ممارسة المواطنين لحق أساسي من حقوقهم في المجتمع الديمقراطي، وهي المشاركة الفعلية في عملية صنع القرار، من خلال انتخاب ممثليهم الذين سيكونون في مواقع القيادة في الدولة التي تعمل على تنظيم حياة المواطنين وإدارة شؤونهم في مختلف المجالات الحياتية.
لذلك في المجتمعات الديمقراطية تتوزع القيادة وتتفرع إلى عدد من المؤسسات التي تشكل حلقة وصل بين المواطنين على اختلاف تجمعاتهم وانتماءاتهم ومصالحهم وبين القيادة العليا أو السلطة السياسية وهي الدولة والمؤسسات التابعة لها.لهذا تكون هناك ضوابط أخلاقية وسياسية تحكم هذه العلاقة ، فالانتخابات تنظم العلاقة بين الحكام والمحكوم ، وتعكس الرقي في الإنابة الفوقية لممثلي الشعب عن القاعدة التحتية وهم المواطن البسيط . 
من خلال هذه المقدمة برز مفهوم التنافس بين المرشحين ليكونوا نواة القاعدة التحتية في البرلمان ، وبالتأكيد يجب أن يكون هناك مستوى جيد من العقلائية بين عقول هولاء ، فمجلس النواب العراقي لايمكن له لن يستوعب قليل العقل أو الفهم والاستيعاب ، بل هناك ضوابط يجب توفرها في المرشح ليكون موهلاً في أن يكون نائباً عن الآلاف من المواطنين . 
مجلس النواب العراقي تلك المؤسسة التي تتمتع بكونها من أرقى المؤسسات التي تعطي القوة للدولة ، ونحن لمسنا كم أن الحكومات تكون هشة وضعيفة إمام قوة البرلمان ، والذي استطاع إسقاط الكثير من الحكومات في الدول الديمقراطية المتحضرة . 
التنافس الشريف بين مرشحيه يجب أن يعكس تلك الثقافة العالية ، والأخلاق المنضبطة ، والابتعاد عن ظاهرة التسقيط والتي أصبحت للأسف سمة يتسم بها اغلب برلمانيونا ، لهذا نشاهد اليوم التسقيط لم يكن في داخل البرلمان فقط ، بل خرج ليكشف النواب كلاً غسيل الآخر ، وتسقيطه أمام جمهوره ،والذي "زاد الطين بلة " أن يشمل التسقيط كتل وأحزاب كبيرة ،شاركت في مجمل بناء العملية السياسية بعد سقوط النظام الفاشي الديكتاتوري .
الزيارة التي قام بها وفد حزب الدعوة إلى مكتب رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي عمار الحكيم ، والتي جاءت في احتدام الصراع بينهما في البصرة ، ومحاولة دولة القانون ورئيسها شخصياً التدخل في حل حكومتها والتي تشكلت أبان انتخابات مجالس المحافظات الماضية ، هذه الزيارة والتي جاءت بدعوة من المالكي للتهدئة ، ومنع الوصول إلى الصدام بين الفريقين في الإعلام ،والتي بدأت بوادره في البصرة ، وتسقيط محافظها الذي يعد أحد رجالات المجلس الأعلى .
حرب التسقيط هذه عكست واقعاً مؤلماً يعيشه السياسي العراقي ، ويعكس جهلاً مركباً في فهمه للديمقراطية ، وان كان سياسيوا المعارضة التي كانت في الخارج لم يكونوا على قدر عالي من الفقه السياسي ، ولولا عباءة " شهيد المحراب " السيد محمد باقر الحكيم (قدس) ، والتي استطاع من لملمة شتاتهم لكانوا لليوم بلا سقف ولا حكومة ، لهذا لانجد في أجندت حزب الدعوة الحاكم ، ولا دولة القانون أي مفهوم للتعايش السلمي ، والثقافة السياسية الغنية والتي تحترم تاريخ كبير من جهادهم أن صح . 
يبقى على الجميع أن كانوا لم يحترموا شعبهم ، واحترام رغبته في تغيير هذه الوجوه ، أن يسعوا إلى احترام تاريخهم في المعارضة ، والرموز الدينية التي رفعوا اسمها لتكون لهم شعاراً ، أن يحترموا هذه الدماء ، وان يكونوا على قدر عالي من المسؤولية ، لان السياسية ما هي إلا أدوات السياسي ليحكم فيها في ظل دستور يحترم الحريات والعلاقات بين جميع أفراد المجتمع الواحد .
يجب أن يكون الدين والأخلاق هي التي تحكم العلاقات بين جميع السياسيين ، وان يكون للتاريخ موقفاً من هذه العلاقة ، بدل أن نختلف دعونا نتنافس ، لان التنافس شريف بين السياسيين ، والاختلاف صحي ، ولكن الخلاف لا يولد سوى الصراع والنزاع ، وهذا ما يريح العدو ،ويسر الذي يتحين الفرص لينقض علينا ليوقع بنا ذبحاً ومفخخات وتفجير وتهجير ، تحت يافطات عدة . لماذا لا نتحد عند نقاط محددة ، ونتنافس عند الانتخابات ، لنعكس صورة جميلة عند مواطنينا ، لماذا لا نقتدي بانتخابات " فلسطين المحتلة " ، ولماذا لا نستفيد من تجارب الآخرين على الأقل ؟! تبقى هذه الاستفهامات مفتوحة لعلنا نجد الإجابة عند اختيارنا القادم ؟

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك