}دروس في سلوك ونشاط المخابرات في الدول الديمقراطية } ( بقلم قاسم محمد الكفائي )
شهيدا كراجي لعام 1987
وجدتُ نفسيَ مُلزَما في الحلقة الثانية هذه أن أبوحَ بأسرار أهم قضيّة مخابراتية حدثت على أرض مدينة كراجي في الباكستان ، وتُعَد من أبشع الجرائم التي طالت أبناء المعارضة العراقية في الخارج إبان عهد صدام التكريتي . هذه القضية هزّت في وصفِها أركانَ المؤسسات الأنسانية ، العالمية منها والأقليمية ، أو المحلية . قصة كُتبت بدم عراقي طاهر على جدران عالم الحضارات ، والأنسانية ، وحقوق الأنسان ، والنفاق السياسي أو الديني ، خطتها يدُعصاباتِ نظام صدام حسين إبان عهدِه المشؤوم .في يوم من أيام صيف عام 1987 تأخر الصديقان عن بيتِهما الذي يعيشان فيه سويّا مع زوجتيهما في أحدِ أحياء مدينةِ كراجي عاصمة إقليم السند . وأحسّتا الزوجتان في تأخيرهما بشيىء من الشك على سلامة زوجَيهما وكانتا يَعرِفنَ مدى إرتباطهما كمعارضَين لنظام صدام ، ويَعرِفنَ حجمَ نشاطهما في فضح مظلومية الشعب العراقي ، والعمل السياسي المعارِض الذي يمارسانه على الساحة الباكستانية وخصوصا مدينة كراجي . ما قبل تأخير المُعارضَين( سامي مهدي ومحمد نعمه ، آسف لو صار إرباك في ضبط الأسماء ) عن زوجتيهما وعودتهما جثامينَ بلا رؤوس كانت عصابات القنصلية الصدامية قد فقدت واحدا من أقذر أعضائها أسمه ( نهثل الدليمي ) ، متهمةً أي القنصلية هذين الشابين الوديعين بأرتكاب جريمة قتله ، برمي قنبلة يدوية على سيارته لدى مروره في أحد شوارع كراجي . طالَ غيابُ الزوجين غير المُتوَّقع والمُريب لتبادر الزوجتان بأبلاغ الشرطة . خلال ثلاثة أيام أو أربعة أستُخبِرَ قسمُ الشرطة في منطقة ( كلِفتِنْ ) بالعثور على جثتين مشوَّهتين في أحد غابات ضواحي مدينة كراجي التابعة لهذه المنطقة . بعد التدقيق الصعب من قبل الزوجتين تعرفتا على أن الجثتين تعودان الى زوجَيهما المذكورين . الجثتان مقطوعتا الرأسين ، ومشوهتان بطريقة وحشية ، الجروح تملأ الجسدين نتيجة آثار الطعون بالسكين ، أو التعذيب المختلف . أصابع الأيدي مخروطة بآلة خاصة بحيث تترك الأصبع مجرد عضم ناعم ، والرأسان الشريفان لم يُعثر عليهما حتى لحظة كتابتنا هذه . نُقلت الجثتان الى مدينة قم المقدسة بأمر من رئيس المجلس الأعلى للثورة الأسلامية في العراق السيد محمد باقر الحكيم ( تقدَّسَت روحُه الطاهرة ) ، كان مقرُّه في طهران والذي اغتالته عصابات صدام حسين والوهابية الماسونية لدى عودته الى العراق ما بعد السقوط . شُيِعَت الجثامين الطاهرة كذلك في دمشق حيث مرقد السيدة زينب ( ع ) . فكان تشييعهما مَهيبا من قبل العراقيين في قم المقدسة ودمشق . نعود مرّة أخرى الى دهاليز الجريمة . كان في حينها ضياء الحق رئيسا لجمهورية الباكستان ، وكان مرتبطا مع نظام صدام إرتباطا وثيقا ما بعد ارتباطه بنظام آل سعود من أجل النفط والمال . فأمرُ هذين الضحيتين لا يعنيه ولا يَدرُّ عليه نفعا ، والأولى أن يَركنَ الى السكوت حتى يستمر هطولُ المطرِ العربي عليه .
كانت أجهزة الأستخبارات الباكستانية تعرف بالضبط أن المسؤول عن إرتكاب الجريمة هم أعضاء عصابة القنصلية العراقية كآمرين ، والمنفذون لها هم من ( أجناس لا تتشابه في الأنتماء الجغرافي ) . المجلس الأعلى المذكور متمثلا بأطياف المعارضة الأسلامية العراقية آنذاك كان له دورا ُمشرِّفا في متابعة القضية لمعرفة الجناة الحقيقيين ، لكن هذا الدور إختفى بعد ارتطامة بجبل عملاق أسمه المصالح . مؤسسة الأمم المتحدة في كراجي ، والمؤسسات الأنسانية العالمية ، والدبلومسية كلها تعرف آثار الجريمة ، وتعرف مصدرها ، لكن الصمت هو أولى لهم إنسجاما مع الموقف الرسمي الغير مُعلن من حقيقة موقف الضحيتين السياسي أو أصولهما . والتزاما بمسألة التركيزعلى حفظ نظام صدام في مواجهة الشرالحقيقي للنظام الأسلامي الفائم في إيران . كل ما استعرضناه في بداية حلقتنا هذه لا نريد أن نجعل منه حجّة بطريقة الأستدلال بسَرْدِ القصص على صحة ارتكاب نظام صدام لتلك الجريمة كون الواقع الذي عاشه الضحيتان ما قبلَ وقوعِها وبعدِه ليصيرا جثتين بلا رأسين هو الدليل الذي يدلك على مقتضى الحال . الذي يهمنا هنا المنفذين لتك الجريمة حتى وإن كانت هناك درجة تفاوت في حجم دور المُنفِّذ ، فالبحث في الغموض يُنذِر برجل أنمُلة وكأنها رجلُ فيل . فدورُنا في عراق اليوم الذي انتظرناه لأكثر من ثمانية عشر عام وما بعده لمتابعة المنفذين سيكون فاعلا وسنضع النقاط فيه على الحروف ، وسنمسك برأس الخيط حتى ولو تقطعت منه بعضُ مكوناته . سنُثلج صدرا زوجتيْ الضحيتين ، وصدورَ عوائلهما ، والمُحبين ، وكلِّ أطياف شعبنا الذين صبروا على ضيم النظام التكريتي لتلك الحقبة البائدة .( أما لو أن الأطراف التي يعنيها واقع الجريمة تعرّفت على كل مجريات القصة بهدوء ومهنية فهذا شأنهم .) في هذه الجريمة كانت مؤسسة صدام قد خططت لها ، ليُصدر أمرَ تنفيذها الموظفون المختصون في القنصلية العراقية في كراجي ، بعدها جاء دورُ المنفذين لها ( ؟؟؟ ) ، ثم المؤسسات المحلية والدولية بصمتِها ، والمخابرات العالمية بالتستر عليها وإخفائها . إنه عالمٌ غريبُ ، وعظيم بغرابته ووحشيته على الأنسان الذي لا يفهمه ، إنه عالم المخابرات.
ملاحظة هامة :
* أدعو الجميع الى متابعة حلقاتنا الأولى بتفاصيلها حتى تكتمل عملية الفهم لها وما زالت على الكثير من المواقع العراقية الموقرة فقد اعتنت بنشرها بروح المواطنة والمسؤولية .
*الحلقة الأولى بعثتها الى مجلس الوزراء العراقي على الأيميل أدناه وسنواصل المراسلة ولو من طرف واحد حتى لا نضيع في متاهات الذين خططوا علينا من قبلْ بأساليب ديمقراطية ثم فشلوا في التنفيذ . عراقُ اليوم صار يختلف بواقعِه السياسي والوعي الأمني لدى الدولة والجَمْهورعن واقع الأمس الغاير ، لهذا لِزاما على المهتمين بأحوال أبنائه في الداخل والخارج أن يتابعوا أحوالهم حفاظا عليهم من كيد الكائدين كي لا تكون نقمة عليهم في كشف عالمهم المتخفي بمعالم الديمقراطية وحقوق الأنسان .
* نأمل من مؤسستنا الشريفة أن تبادر الى متابعة كل القضايا التي تهتم بالشأن الأمني الذي يواجه أبنائها في الخارج @ كذلك متابعة حلقتنا هذه بكل دقة وتسجيلها بالكامل وحفظها في ملف خاص حتى حين . والتجربة مريرة أرجو أن لا يُستهان بها .
* يمكن مراسلتنا لأمرٍ هام على كل الأيميلات المذكورة أدناه وعند عدم الأجابه يمكنكم إعلان رسالتكم على الموقع الذي ترونه مناسبا بسبب التلاعب القديم والجديد بشأن بريدنا الألكتروني .
قاسم محمد الكفائيكاتب عراقي – كنداiraqisiraq@yahoo.comgoodearth2@hotmail.comcanadainsummer@yahoo.com
https://telegram.me/buratha