( بقلم مركز دراسات جنوب العراق )
(واحة الخلود)
السلام على الخالدين يا من تركوا سفر الالهام التضحوي ارثا لهذه الامة
قليلات هن المضحيات من اجل الحق ونصرة المظلوم
قليلات هن الصابرات على وجع المصيبة حين تكون في الاولاد واقل من ذلك كله الشاكرات اللاتي
يشكرن الله على هذه القرابين
لقد ربحت تجارتكم مع الله هنيئا للطواهر من الامهات المضحيات فهن مصنع الرجال الابطال
شهداء الامة وبهن تتوازن الفضيلة في مجتمع تتهده الافات وحب الدنيا وشهوة الاموال ونهم
المناصب والعناوين
هذه المشاهد الرائعة في تاريخ مجتمعاتنا ما هي الا محطات للتامل واعادة الحسابات ووخزة
الضمائر التي لبدتها سحب الحياة
انهم كانوا يعيشون معنا وتشع مواقفهم نورا في ظلمة هذه الحياة الفانية وقد لا يستفيق من في
الجوار الا بعد رحيلهم وفقدانهم من بيننا حضورا وهذا داب مجتمعاتنا لا تؤبن او تثمن الفضيلة الا
بعد رحيلها من واقعنا
فسلام على ام الشهداء الحاجة ام جلال التي كانت بحق مدرسة صالحة تركت الكثير من مواقف
الخير والعطاء لمجتمعها رغم ضخامة المحنة التي احاطتها وبفقدها اربعة من اولادها شهداء في
طريق الحق على يد جلاد العراق صدام الطاغية وحزبه الارعن الذين حكموا العراق بالحديد والنار
ولم يتركوا لحقوق الانسان مفردة الا عاثوا فيها ولا كبدا الا افروه ولا حقا الا ضيعوه
لكن سيبقى العراق العزيز شامخا بكل تلك التضحيات الشماء من ابنائه وبناته من رجاله ونسائه
وها نحن اليوم نؤبن الفقيدة الغالية المرحومة الحاجة ام جلال الزبيدي في ذكراها السنوية الاولى
حقا علينا ان ننصف المضحين الذين بدمائهم وصبرهم وتضحياتهم يبنى العراق اليوم ويشيد عاليا
ولازالت امام حكومة الشعب العراقي اليوم فرص كثيرة ان تقدم الكثير لاولئك المضحين باعتبارهم البناة
الحقيقيين للعراق الجديد ووفاء لمواقفهم الشجاعة في وقت كان الكثير لا يمتلكون حتى شجاعة التصدي
رحم الله الفقيدة الغالية واسكنها فسيح الجنان ولا حول ولاقوة الا بالله العلي العظيم
عن عائلة الفقيدة –لندن
27 ربيع الثاني 1427
25-6-2006
الحاجة ام جلال / نموذج المراة العراقية المضحية
لا اعرف كيف لنا ان نحتفل بغيابك الاول يا ام جلال ؟
واي نعي يليق بمن حملت العراق في خافقيها هاجسا يوميا , واي نوع من الموت هذا الذي غدر بها وهي لا تبارح الرهان على ان لا تموت الا في العراق , الحاجه ام جلال هذه الجنوبية التي قررت ان تموت كأخر ( شاهده ) تحمل براءتها كعود ثقاب في ظلمة الغسق دون ان تمهلنا فرصة ان نشعل مصابيحنا كي نرى بعضنا بعضا .
اتعثر بخبر غيابها الاول كما تتعثر الروح بموال جنوبي مذبوح .. فـ ام جلال شرفة كبيره للحلم والضوء والبراءه والبهجه والامل .
ترقد الان على حافة روحها البيضاء المتوهجه على رائحة الطين في وادي السلام ممسكة بعصى الشهداء : جابر محمد بداي السالم , جعفر محمد بداي السالم , وفاء محمد بداي السالم , هيفاء محمد بداي السالم .
امراءة بمستوى الفضيلة والحكمة ... كبيرة بلا تكبر
لم تتاخر ام جلال يوما من الايام رغم وجعها الازلي , ان تترك ساحة المواجهة والتصدي فكانت ابوابها مفتوحة ونوافذها مشرعه امام استقبال كل تلك الكائنات الطرية التي تنتمي لها وعاشت في كنفها والنائية والبعيدة عن ارضها .
فقدنا ام جلال وهي تتسرب من بين مشابكنا الى عتمة رحيلها الابدي لكنها تركت لنا تاريخ حافل بنبؤءات امراءة لن تتكرر .
كانت تبث حنينها الاسطوري في ما نسمعه منها من احاديث وقصص ... تركتنا نعاني وحشة بعادها حاملين في ايادينا ورودا حمراء على ارصفة التيه .. ام جلال المراءة التي كانت تبهرنا بنبلها وبراءتها .. عادت الى العراق وهي المسكونه بالعودة للعراق وكانها لم ترى بلدا مثله ولكنها عادت وهي تحمل نحيبها السري ونشيجها الحزين صامتة محمولة على اكف بيضاء كقلبها الرمادي الممتلء حبورا وبراءة .
ام جلال الغارقة في انبهار الضوء , الهاربة من حجيم الاغتراب الى الاغتراب , اي نشيج يليق بخاتمة الغياب وانت تبحر في اللاعودة وموغل في اقاصي الوجع تبحث عن مرافأ ...
هل بامكاننا ان نقول لك وداعاااااااااااااااااااااا؟
ايها المسافرون الى العراق خذوني معكم احتضن قبر والدتي ام جلال !.
رياض الفرطوسي
في رثاء
الفقيدة المجاهدة أم الشهداء
الحاجة ام جلال الزبيدي
تنوع العراق في مكوناته كما تنوع بفدائه وتضحيات شعبه الصابر وقد يعجز الجسم الضعيف عن حمل اثقال الحياة لكن النفوس تكبر وتتمنع عن ذلك وتشمخ في عنفوانها وصدق الشاعر حين قال:
اذا كانت النفوس كباراً تعبت في مرادها الاجسام
وللانسان أهلية هذا التحمل حين قال رب العزة: (انا عرضنا الامانة على السماوات والارض والجبال فأبين ان يحملنها واشفقن منها وحملها الانسان(. فالأمة تختزن عادة طاقات عظيمة تكون مبعث فخر في تاريخها وتشكل سلسلة قدوات مؤثرة في بناء وصياغة المجتمع ومن النساء العراقيات المعاصرات القدوة هي الفقيدة الحاجة ام جلال الزبيدي (رحمها الله).
- أعدت الفقيدة لهذه الأمة ابناءً و بنات قدموا خدمات جليلة للمجتمع منهم الطبيب والمهندس وكذلك في طريق بناء الانسان من خلال المدرسة القرآنية التي أحبتها وتعلقت بها ودفعت بمن بقي من بناتها في تدبر القرآن فاصبحن مدرسات قديرات في هذا الطريق.
- قام النظام البعثي المقبور باعتقال أربعة من ابنائها وبناتها واعدامهم بين 1980-1981 ولم تقف على اجسادهم الطاهرة حتى في المقابر الجماعية المكتشفة، والشهداء من اولادها هم:
1- جابر محمد بداي السالم
2- جعفر محمد بداي السالم
3- وفاء محمد بداي السالم
4- هيفاء محمد بداي السالم
- عام 1981 قامت قوات المخابرات الصدامية بعد اعدام الشهيد البطل الاستاذ محمد بداي السالم باقتحام بيتها في منطقة (الشوصة) في الكاظمية في بغداد وحصلت مواجهة دامية يعرفها ابناء مدينة الكاظمية تكبد النظام البائد ثمانية قتلى من اجهزته البوليسية، لكنها استطاعت ان تترك العراق مع من بقي من أولادها الى خارج العراق وبقيت السلطة الصدامية تلاحقها، ولدى المركز الوثائقي لحقوق الانسان في العراق وثيقة القاء قبض صادرة من أجهزة النظام العراقي البائد ضد الفقيدة واولادها عممت على نقاط الحدود العراقية جميعها.
- بقيت تعمل ضد الدكتاتورية البائسة في بغداد بعد مغادرتها العراق وفي عام 1986 سافرت الى جنيف حيث مقر الامم المتحدة وأدلت بشهادتها الرائعة برباطة جأش عن ابنائها الاربعة المختفين آنذاك امام لجنة حقوق الانسان التابعة للامم المتحدة في جنيف وكان أسلوبها في طرح مأساة ابنائها الاربعة الذين اعتقلهم نظام صدام البائد مثيراً حيث أبكت اعضاء اللجنة الدولية والحاضرين عند عرضها المأساوي لقضيتها مما ادى بوفد النظام الصدامي بالهرب من القاعة وكان فيهم المجرم برزان التكريتي الاخ غير الشقيق للطاغية صدام، في وقت كانت كلمة الحق في الدفاع عن شعبنا المظلوم في العراق يعز سماعها، وهذه الشهادة أفادنا بها سعادة سفير العراق حالياً في براغ الاستاذ ضياء الدباس، حيث كان ضمن المجموعة المشاركة للادلاء بهذه الشهادة.
ثم تابع الأمر على سنوات عدة الاخ الدكتور صاحب الحكيم (مسؤول منظمة حقوق الانسان في العراق) وكانت الامم المتحدة تبلغه بان النظام الصدامي يمتنع عن الأجابة على طلب الفقيدة حول ابنائها الأربعة.
أليست هذه وثيقة واضحة على جرائم النظام المليونية لكنها موثقة حسب الضوابط والأصول الدولية وجاهزة لتكون وثيقة ادانة ضد نظام الطاغية صدام في محاكمته القريبة.
- عاشت الفقيدة (رحمها الله) في المهجر بعد ان تركت العراق عام 1981 وعادت اليه مرحومة يوم 29/5/2005 حيث دفنت في وادي السلام في النجف الاشرف بعد ان لبت نداء بارئها يوم 26/5/2005 في ايران حيث كانت تعيش مع من تبقى من أسرتها لكنها (رحمها الله) أسست جلسات قرآنية كانت احداها تنعقد في بيتها كل شهر على مدى سنوات كثيرة وأوصت باستمرار عقدها من بعدها حباً بكتاب الله العزيز كذلك ساهمت في دعم ورعاية معاهد ومكتبات قرآنية في ايران حيث الجالية العراقية الواسعة
- اما في داخل العراق بعد سقوط الصنم حيث ساهمت في تأسيس معهد قرآني في مدينة البصرة واسست فيه مكتبة قرانية.
رحم الله الفقيدة اذ نفقد برحيلها مربية ومجاهدة تمثلت الاسلام سلوكاً، وعلمته ابناءها ومريديها حياة، زاد الله في علو درجاتها واسكنها فسيح الجنان.
(يا ايتها النفس المطمئنة ارجعي الى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي)(صدق الله العلي العظيم).
مركز دراسات جنوب العراق
https://telegram.me/buratha