المقالات

الكوكب المحوري

2511 00:31:00 2006-05-09

( بقلم : باقر علي الشماسي )

الكوكب المحوري في المعادلات السياسية العراقية، والأب الروحي الأكبر بالعراق، والمرجعية الأبرز اليوم لغالبية

 الطائفة الشيعية في العالم العربي والإسلامي، هو السيد علي السيستاني .هذا الرجل قد شهد له البعيد قبل القريب

 بنزاهته وغزارة علمه وتواضعه وحلمه، وحنكته السياسية ومنهم احد كبار الصحفيين الأمريكيين، وهو رئيس صحيفة

(واشنطن بوست)الأمريكية،، فريد مان، إذ طالب في بعض مقالاته بإنصاف السيد السيستاني وتكريمه بمنحه جائزة

 نوبل لعام 2005م تقديرا لجهوده في تجنيب العراق الحرب الأهلية الطائفية، في ضوء معرفته وقناعاته بقيمة السيد

السيستاني، رجل السلام في الشرق الأوسط،، والأب الروحي لجميع أطياف الشعب العراقي. نظرا لما يتسم به من

 قيم سامية وآفاق تحليلية ناضجة للتحولات والمستجدات الدولية والعالمية.  وفي نظر فريد مان، بان الرجل قاد ولازال

 يقود هذه السفينة العراقية بنجاح باهر يليه نجاح آخر، على الرغم من التضاريس والأخاديد هنا وهناك التي

يصنعونها أعداء الإسلام والوطن.وعلى الرغم من الأعاصير التي تعصف بالعراق فتصيب المئات بين قتلى وجرحى

.يوميا بفعل الفكر الصدامي. والماسوني التكفيري، .ثم جاء بعده الأستاذ جمال خاشقجي الكاتب المعروف، وأضاف

 بان السيد السيستاني يستحق ليست جائزة نوبل وحسب بل وجائزة الملك فيصل، لخدمة الإسلام واقترح كذلك على

بعض كبار علماء المسلمين كالشيخ والعلامة الطنطاوي، والعلامة مفتي السعودية، وبعض كبار المشايخ في المؤتمر

 الإسلامي بان يذهبوا للعراق لمقابلة السيد السيستاني ويشدوا على يده من اجل خدمة السلام والاستقرار في العراق،

 وفي الشرق الأوسط، وفي تقديري بان هذين الرجلين الأستاذين الكبير يين فر يد مان والخاشقجي لم تبدرا منهما

هذه المبادرات الطيبة والمنصفة من فراغ وإنما هي محصلة لقراءة ومراجعة دقيقتين عن سيرة هذا الصرح الشامخ

معرفيا، بالمتغيرات الدولية والأحداث الدرماتيكية العالمية ومنطلقات تحركاتها. وأين تقاطع مصالحها وبؤر تناقضها

.وفي أي مكمن تتواجد فيها نقاط ضعف من يحركون هذه الأحداث وهذه الموجات من الرمال المتحركة.  ناهيك

 عما عرف عن هذا السيد الجليل من زهد في بريق الدنيا وتواضع في مأكله ومشربه، ومسكنه الصغير وفي منتهى

البساطة في أثاثه، عدا عن مواقفه الأبوية الروحية لكل ماتحويه ارض العراق من فسيفساء بشرية:وقد سمعت

 من مصادر موثوقه ومشهود لها بالمصداقية والحيادية. تروى بأنه جاء إلى السيد السيستاني في يوم من الأيام وفد

باكستاني ليسلم للسيد سبعة ملايين دولار كأخماس. فرفض استلامها، ونصح الوفد بان يوزع هذه المبالغ على فقراء

 باكستان فهم أولى من غيرهم خارج باكستان.ومثل هذه المواقف تتكرر بين حين وأخر. وفي أثناء تحرير العراق

 من جردان العراق مافيا صدام حسين.حدث بان إمام مسجد سني قد خرج من العراق مع أسرته فقام جماعة من

الشيعة بالاستيلاء على هذا المسجد المذكور، وعند رجوع ذلك الإمام إلى وطنه العراق والى محافظته وعرف ما

حصل لمسجده ابلغ السيد السيستاني بذلك فأمر السيد بإرجاع المسجد إلى إمامه السابق وأعطاءه راتبا شهريا خاصا

 للمسجد وراتبا شهريا أيضا لإمام المسجد نفسه.وقدر الشعب العراقي أن يمر بمنعطفات ومفاصل تاريخية

دراماتيكية موجعة ومكلفة في تقديم القرابين تلو القرابين، بدءا بثورة العشرين 1920م ومرورا بحلف بغداد سيء

 السمعة والذي ذهب عدد ضحاياه في السجون والمعتقلات والإعدامات بالآلاف.ثم تلى ذلك ثورة عبد الكريم قاسم

 58م فحرر بلاده من حلف بغداد وحراس حلف بغداد أمثال نوري (السعيد) وصالح جبر. وحينذاك قام العجاج والغبار

 من الداخل والخارج في وجه التوجه الديمقراطي والانجاز العمراني وتحرير الدينار من ارتباطه بالجنيه الاسترليني

... والخ ومثيري هذا الغبار هي القوى القومجيه الشوفينيه بمساندة بعض الاستخبارات الأجنبية لإسقاط ذلك الوليد

الجديد ووأده في مهده علانية، وفعلا تم لهم ذلك. فنصبت هذه القوى الأجنبية صدام حسين ملكا غير شرعي على

العراق لمدة ثلث قرن. فكان عهدا أسودا ودمويا بشعا، ،وفرض على الشعب الثقافة الفاشية والتمييز الطائفي والعرقي،

.وفتك بالنخب المثقفة وحتى بالأطفال والنساء.غير أن هذا الشعب، شعب ولود بالعقول الكبيرة والمفكرين والقيادات

 والزعامات دينية ووطنية دون نضوب أو توقف ووضعت أرواحها على كفوفها من اجل وطنهم.وكلما صرع رجل

 في مسيرته النضالية حلت مكانه العشرات جيل بعد جيل. وشاءت الأقدار أن يسلط الله على عصابة المافيا مغتصبي

الحكم من لا يرحمهم وهي القوى الأجنبية التي صنعت منه ملكا جزارا لشعب العراق.حيث انتهت صلاحية مفعول

 التقاطع المصلحي بين تلك القوى وبين صدام وعصابته.فانتهى ذلك الرباط اللا مقدس بالطلاق بالثلاث، وفي أول

 ضربة موجعة واجهها نظام صدام تهاوى بسرعة كأوراق الخريف، ، حيث كان نظاما متورما بالإمراض الخبيثة

 من رأسه إلى أخمص قدميه ، كالطائفية والشوفينية والعرقية والدكتاتورية المتوحشة. وقبل

 أن تجف دم ضحايا صدام في المقابر الجماعية.جاءت المحطة الأخيرة الانتقالية من نظام فاشي متوحش إلى نظام

دستوري ديمقراطي تعددي.وهذه ثقافة جديدة ونوعية ، تحتاج إلى تكريسها في أذهان الأجيال المخضرمة والأجيال

 الجديدة وما بعدها إلى سنوات غير قليلة حتى يتم هضمها ،فاستغل التكفيريون وأيتام صدام هذه المساحة الزمنية

قبل أن يهضم الشعب هذه النقلة الثقافية النوعية .فحركوا سكاكينهم وسيوفهم وفؤوسهم للهدم وقتل الأبرياء كي

 يوحوا إلى الجماهير ولجميع الشرائح(إن لم تعودوا إلى المربع الأول والا سنذيقكم العذاب والموت الزئام ) بيد أن

 هذا التحدي قد قبله الشعب العراقي وبعناد.إذ فهم مغزى هذه اللعبة القذرة.وكما أسلفنا بأن هذا الشعب شعب ولود

 بالعطاء من الزعامات الشجاعة والقيادات والنخب الدينية والوطنية التي لاتهاب الإرهابيين بل تتحداهم لذلك وعبر

 هذه المخاضات وتلك برزت زعامات وقيادات كفؤة وذات قواسم مشتركه وهو انتصار العراق على أعداءه وعلى

 رأسهم الأب الروحي الحكيم والمرجعية الحوزوية العظمى السيد علي السيستاني.وبهذه القيادة الحكيمة نجحت عملية

 الانتخابات للمجلس الوطني الجديد والتصويت على الدستور، وأخيرا انتخبت القيادات السياسية الثلاث، ولم يبقى

غير تأليف الوزارة الجديدة برغم أنف الإرهابيين القتلة.وهذه الإنجازات قد أذهلت التكفيريين وأيتام صدام، فقام

الزرقاوي بخطابه المتشنج اليائس ليصب جام غضبة وتهديده للسنة والشيعة معا ومن يتعاون مع هذه الحكومة

.وقد علمنا التاريخ السحيق والمعاصر بأن أي مفصل تاريخي أو أي منعطف أو صيرورة متقدمة لابد وأن تواجهها

 شرنقة جرذا نية فاسدة وملوثه لتحرف ذلك التحول الايجابي لصالحها.ولكل تحول ومسيرة خيرة ثمنها الكبير فثورة

الجزائر قد أعطت الكثير من شبابها وشاباتها، وثورة الفيتنام أعطت الكثير، والمقاومة الفرنسية ضد الغزو النازي

 أعطت الكثير، ولكل مقام مقال.فالأعداء من الداخل في العراق هم الخطر الأكبر على الأمة العراقية والعروبة وعلى

 الإسلام وعلى الحريات وكرامة المرأة وحقوق الإنسان. وأما الاحتلال في العراق فلن يستطيع البقاء شهرا واحدا

 بعد تصفية الحساب مع الإرهابيين والداعمين لهم والقضاء عليهم قضاء تاما حيث هؤلاء يحاربون ويقتلون ويغتالون

 ويدمرون كل البنى التحتية، ويكفرون ما شاء لمزاجهم المدمر، باسم العروبة والإسلام كذبا وافتراء على الإسلام

فالاحتلال له أبعاده الاقتصادية ومصالحه المادية ومتى تحققت وطمأن إليها فهذا هو هدفه وليس له أدنى مصلحة

 في محاربة الإسلام، وحتى الحروب الصليبية لم يأتوا إلى الشرق من أجل احتلال القدس وإنما جاؤا من أجل الخبز

 واللبن في الشرق الأوسط.وهذا ما جاء في خطابات القسيس (لا يحضرني اسمه الآن ) ولذلك رما الصليبيون السلاح

 وأوقفوا حروبهم الأهلية الدامية وتوجهوا إلى الشرق الأوسط. باسم الدين وباسم المسيح عليه السلام، كما يفعل

الإرهابيون اليوم باسم الإسلام كذبا وزورا. ولكنهم يريدون استلام الحكم في بلاد العرب والمسلمين ليمتعوا أنفسهم

 بالأحلام الوردية على طريقة أبى جهل والحجاج بن يوسف الثقفي وأمثا لهما وهذه الأمور والمعلومة المنقوشة

 في ذاكرة التاريخ تعيها تماما القيادة العراقية وعلى رأسها ربان السفينة العراقية والمرجعية العظمى السيد علي

 السيستاني حفظه الله.وانطلاق من متابعتي بما يحدث في العراق من الإرهابيين، أعداء كل الأقطار العربية والإسلامية

 فأنني من المتفائلين بسحق هذه العصابات الشريرة في كل مكان وفي وقت ليس ببعيد.

باقر علي الشماسيعن شبكة والفجر الثقافية

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك