لاشك ولاريب ان علاوي ارتكب اخطاءا إلا انها للامانة لم تصل الى حد خلق أزمة للبلد فالظروف التي استلم فيها الرجل الوزارة كانت صعبة كالظروف التي يمر بها العراق حاليا ان لم تكن أصعب وقد انجز علاوي خلالها أشياء كثيرة بإعتراف خصومه بالقياس الى عمر وزارته القصيرجدا . طبعا ذلك لم يمنعنا من نقده في حينها واتخطر انني كتبت مقالا أشرت فيه الى الاخطاء التي وقعت فيها وزارته وتمنيت على خليفته ان يصححها غير ان الإمور سارت بإتجاه آخر. ( بقلم : محمد حسن الموسوي )
الاشهر الثلاثة التي انصرمت كانت هي الاصعب من بين بقية الشهور والايام التي عاشها العراق منذ تحريره في التاسع من نيسان العظيم اذ كان مستقبل العملية السياسية والبلد برمته على شفا حفرة بسبب الازمة السياسية التي حصلت والتي انقذنا الله منها بترشيح المالكي الشخصية العربية العراقية الوطنية التي جاء ترشيحها ليمثل الفرج بعد الشدة. ثلاثة اشهر والجميع طبق سياسة شد الاحزمة ولبس النجادات فلم يكن احد يستطيع التنبؤ بما ستؤول اليه الامور لولا التعامل الحكيم لقيادة الائتلاف ممثلة بشخص السيد الحكيم ومن ورائه المرجع الكبير السيد علي السيستاني والذي جاء تدخله لينهي الازمة بسلام وليكون لدوره المبارك الكلمة الفصل في ترشيح السيد نوري المالكي والذي رد على هذه التحية السيستانية بمثلها حينما وقف بكل تواضع وادب بين يدي سماحة المرجع الكبير ليطلعه على خطته وبرنامجه السياسي فكان ان رد الامام السيستاني على التحية المالكية باحسن منها حينما بارك له برنامجه واضاف عليه نقاطا تمثل حاجات المواطنين.
ثلاثة اشهر من الازمة الحالكة ومن قبلها عام هو عمر الائتلاف العراقي الموحد زودته بالكثير من الخبرة السياسية في ادارة دفة الحكم لاسيما وان الاحزاب الرئيسية المؤلفة له كانت من احزاب المعارضة التي لم تتعاط يوما مع شؤون الحكم فكان من المتوقع نتيجة ذلك ان يقع الائتلاف بأخطاء عديدة اذ ان ثقافة المعارضة تختلف عن ثقافة السلطة التي تفتقر اليها كثير من الاحزاب المعارضة سابقا ومنها الائتلاف بينما يمتلك رصيدا كبيرا في الاولى والتي يبدو انها لاتزال تلازم بعض فصائله بينما استطاع البعض الاخر التخلص منها والانتقال الى حياة الحكم والسلطة وقد يكون كل من المجلس الاعلى والفضيلة مصداقا لذلك رغم ان الاول من احزاب (الخارج) والثاني من احزاب (الداخل) رغم التحفظ على هذه التسميات اذ كان لهما قدم السبق في التأقلم مع ثقافة السلطة والحكم وبدا وكانهما مارسا السطة منذ فترة طويلة ومن حسن الصدف انهما يدركان اهمية الدور الذي لعبه ويلعبه الدكتور علاوي ومن هنا تجدهما يرغبان في مشاركته في الحكومة وينظم اليهم في ذلك ايضا رئيس الوزراء المرشح السيد نوري المالكي حيث يسجل له انه ومنذ انخراطه في اللعبة السياسية الحالية تصرفه بعقلية رجل السلطة لا رجل المعارضة وقد بان ذلك في اللقاء التلفزيوني الذي جمعني واياه حيث تعاطيه مع الوقائع السياسية بنضج ودراية وحكمة وبعقلية رجل الدولة.
أذكر ذلك كي تعي الاطراف الاخرى التي اعترضت على الترشيح السابق انها امام شخصيات سياسية حكيمة في الائتلاف وانها امام رجال دولة وحكم وليس رجال معارضة او أئمة مساجد مع احترامنا للجميع. واذا كان الائتلاف قد أخطأ الترشيح في المرة السابقة فإنه قد اصاب في هذه المرة ولذلك فاننا لانتوقع من الاصدقاء في الكتل البرلمانية الاخرى العمل على خلق المتاعب للمرشح الجديد او وضع العراقيل بوجهه واذا كانت محقة الى حد ما في المرة الماضية بخلقها لبيئة معارضة للترشيح فإنها سوف لن تكون كذلك اذا ما حاولت اعادة الكرة هذه المرة مع المالكي وذلك عبر الايحاء لبعض اتباعها بالكتابة ضده بخاصة وانه _ اي المالكي_ يمتلك كالدكتور علاوي لصفات رجل الدولة التي يفتقراليها الكثير من زعماء الكتل الاخرى ومن هنا فهو ليس بـ (روزخون) او (انشائي) حتى يجند البعض قلمه المأجور للصحف الخضراء والصفراء ضده, كما وإنه _ اي المالكي_ عراقي أصيل ومن أرومة عربية ومن طبقة المعدان والمستضعفين وليس بباكستاني أو إيراني أو إنكشاري أو كولومندي أو تركي أو إعرابي بدوي فلا مجال لرميه بالعجمة سواء كانت رومية أم إيرانية أم تركية أو بإي شئ آخر مع إعتزازنا ببني البشرجميعا إذ ( كلكم من آدم وآدم من تراب).
عام ونيف مرَّ على تأسيس الائتلاف العراقي الموحد انجز خلالها اشياء مهمة كما انه وقع خلالها في اخطاء عديدة منها سوء العلاقة بينه_اي الائتلاف_ وبين الدكتور اياد علاوي وكذلك تنكره لمؤسسه اعني الدكتور احمد الجلبي والذي سنأتي على بيانه في وقت لاحق. خطئان ما كان لهما ان يقعا في مسيرة يفترض ان تسعى إلى توحيد الجهود والكتل والشخصيات السياسية العاملة لأبناء المقابر الجماعية. فالجلبي وعلاوي شئنا أم أبينا يمثلان الخط الليبرالي المدني في الوسط الشيعي العراقي اضافة إلى شخصيات وتجمعات صغيرة اخرى. وكلاهما يمثل قطبا يدور حوله أكثر الليبراليين والعروبيين الشيعة رغم عدم تنكرنا للاخطاء التي وقعا فيها في حركتهما السياسية ولكنها اخطاء لاترقى الى خطأ إستعداء علاوي او خطأ تهميش الجلبي وبخسه حقه علما ً أنهما إثنان من ستة زعماء قادوا مشروع التغيير والاطاحة بالنظام البائد بالإستفادة من التغييرات في السياسة الدولية وهم كل من الشهيدين محمد باقر الحكيم وعز الدين السليم والطالباني والبرزاني بالاضافة الى علاوي والجلبي.
ولنتحدث عن الخطأ الاول _ اي خطا استعداء علاوي_ والذي تمثل بالحملة الاعلامية التي شُنت ضده ايام حكومة الابراهيمي التي ترأسها الدكتور علاوي بعد حكومة مجلس الحكم وأ ُتهم فيها_بحق وبباطل_ بانه اعاد البعثيين إلى السلطة وكذلك فانه أُخذ بجريرة اخطاء وزراء تلك الحكومة وإختلاساتهم ومنهم بالتحديد كل من وزير الدفاع والكهرباء السابقين. فالاول جاء بتزكية بريطانية أردنية لعب فيها المرحوم عبد المجيد الخوئي دوراً كبيراً والثاني جاء بتزكية جهة أمريكية محضة وبقية الوزراء هم وزراء محاصصة كما هو معروف.
لاشك ولاريب ان علاوي ارتكب اخطاءا إلا انها للامانة لم تصل الى حد خلق أزمة للبلد فالظروف التي استلم فيها الرجل الوزارة كانت صعبة كالظروف التي يمر بها العراق حاليا ان لم تكن أصعب وقد انجز علاوي خلالها أشياء كثيرة بإعتراف خصومه بالقياس الى عمر وزارته القصيرجدا . طبعا ذلك لم يمنعنا من نقده في حينها واتخطر انني كتبت مقالا أشرت فيه الى الاخطاء التي وقعت فيها وزارته وتمنيت على خليفته ان يصححها غير ان الإمور سارت بإتجاه آخر.
وفي لقاءٍ خاص مع الدكتور علاوي ضمني بالاضافة الى مجموعة صغيرة من السياسيين الشيعة سأله احدهم بحقيقة ما قيل من انه _اي علاوي _ اعاد البعثيين الى الحكم ؟ فأجاب بالقلم العريض انني استطعت زرع عدد من الاسلاميين الشيعة في مفاصل حيوية من الدولة العراقية ثم ذكر بعض الاسماء وتسائل علاوي فهل هؤلاء بعثيون ثم تسائل هل تعلمون ماذا حصل لهؤلاء الشيعة الذين عينتهم في اماكن حساسة ؟ قال ان رئيس الوزراء الذي خلفني طرد اكثرهم رغم انهم اسلاميون مثله إلا انهم ليبراليون مشهود ٌ لهم بالنزاهة والكفاءة والاخلاص للعراق.
دعونا نعترف ان اقصاء التيار العلماني الليبرالي الشيعي ممثلا بعلاوي والجلبي وآخرين من كتل وشخصيات مستقلة اضعف الجسد الشيعي وألائتلاف على حد سواء وقد آن الاوان لتصحيح هذا الخطأ ولعل الاشارات الايجابية الاخيرة التي صدرت من زعيم ألائتلاف السيد الحكيم ومن مرشحه السيد المالكي تجاه الدكتور علاوي هي البداية لتصحيح هذا الخطا. لقد أثبتت الايام السابقة والحوادث المتلاحقة وخصوصا واقعة منصب نائب الرئيس التي رفض فيها السنة تولي علاوي هذا المنصب لانه شيعي ولان المنصب من (حقهم ) على حد زعمهم اقول اثبتت ان القوم ينظرون الى الشيعي نظرة واحدة سواء كان علمانيا او اسلاميا وسواء كان عراقيا اصيلا او ابن جالية وسواء كان في الائتلاف او خارجه وسواء رضينا عنه او استعديناه لرغبة إقليمية بينما يعتبرون كل كولومندي او منغولي منهم عراقيا (اصيلا) من سابع جد والبقية طارئون على العراق حتى لو كانوا من قريش.
انها فرصة امام الائتلاف لتصحيح مسيرته ومد غصن الزيتون لعلاوي وللجلبي واحتضانهما وبقية الليبراليين الشيعة اذ لامبرر للتفريط بهم او استعدائهم لاسيما واننا بحاجة الى تحشيد طاقاتنا لإنجاح حكومة المالكي التي يراهن اعداء العراق على إفشالها ليقولوا للعالم ان الشيعة لايصلحون للحكم بل للطم فقط. وقديما قالوا انفك منك وان جدعته. فلا تخسروا علاويا ولاالتيار الشيعي المدني.
محمد حسن الموسوي
https://telegram.me/buratha