( بقلم : قيصر باقر )
ألا ليتنى أجدُ ألفاظاً لم يَعْرِفْها الناس ، و عباراتٍ وأقوالاً بلغةٍ جديدةٍ لم يُنْقَضْ عهدُها ، فليس فيما تلوكه الألسن أقوالٌ لم تصبحْ تافهةً مملة ، ولم يقلها آباؤنا من قبل... ( نص مصري قديم للكاتب " خعخبر رع سنت " يرجع عهده الى سنة 2150 ق.م. أن المتابع للمشهد السياسي يسجّل أن العراق يغرق في الدماء، وإذا لم تحدث معجزة، فإنها يمكن أن تتحول إلى فيضان دموي يغرق المنطقة، لأن هذه المنطقة التي كانت فخورة ذات يوم بتعددها وتنوعها الثقافي من خلال التعدد العرقي والطائفي، أصبحت اليوم مبتلاة بذلك كله، وأصبحت مهددة بوجودها، ووحدتها، وسلامها الوطني الذي دام قروناً طويلة جداً، وأنتج حضارات خالدة !!! والعراق هو النموذج الذي يجب أن يقرأه الجميع بعمق، وحرص، ومسؤولية، وجدّية، ذلك أن دينامية الأحداث في العراق، والفعل ورد الفعل التي نجمت في الأساس عن فعل الأرهاب والأرهابيين معهم الصداميين، ومحاولاتهم القاسية لتفكيك النسيج العراقي، وتحويل هذا النسيج إلى شواظ من النار الملتهبة !!! أتوجد فظاظة وتحديات لوعينا وفكرنا الجمعي وتراثنا الكفاحي وتأريخنا وثقافتنا الإنسانية في الثورة والنضال أفظع من هذا الأرهاب الدامي؟! نحن ما كدنا نتنفس الصعداء ونتنسم القليل من هواء الديمقراطية والخلاص حتى باغتتنا القوى الظلامية الأرهابية السلفبعثية السامة مسبوقة برياح التحريض والتنازع على الطائفية والقومية ، فسالت دماء وأزهقت ارواح أحترنا في مشاهدتها يوميا على شاشات التلفاز. نقول أن دينامية الأحداث قد تصل إلى حدود بعيدة، وخاصة أننا في منطقة محقونة بالضعف والتهميش والتجبّر العالمي، منطقة يوجد في مياهها العميقة كل ما يجعلها تتأجج، ولقد جاءت الأرهاب الأعمى بروح انتقامية، واندفعت كثير من الأطراف لتمارس تحت لوائه هذه اللعبة القاسية لتضخيم مناطق النفوذ باستخدام المتفجّر العرقي والطائفي، وهنا نحن نشاهد كيف أن الأمور ذهبت أبعد حتى من خيال الذين خططوا لإطلاق هذا الوحش الطائفي الرهيب. إن العراقيين ومعهم شعوب المنطقة المحيطة هم الذين سيكتوون بالنار إن ظلت الأمور على ما هو عليه لاسمح الله. فويلٌ لأمةٍ تلبسُ مما لا تنسج وتأكلُ ممّا لا تزرع وتشربُ مما لا تعصر. ما العمل ؟ السؤال ليس سهلاً، ذلك أن تراكم السنوات الأربعة الماضية وتراكم ظلم الحاكم المستبد لمدة طالت الثلاثون عاما هذا التراكمات قد جعلت الأمور صعبة إلى حد الاستحالة، وجعلت الشروخ الطائفية غائرة في لحم العراقيين وأرواحهم وقلوبهم وتجذرت الكراهية بينهم!!! وجعلت المنطقة المحيطة عبر تداخلاتها مهددة هي الأخرى بالخطر، وليس سوى صحوة عراقية شاملة وعودة عراقية إلى مشروع وطني بعيداً عن روح الثأر، وبعيداً عن لعبة الأكثرية والأقلية، وبعيداً عن لعبة الغالب والمغلوب. حيث أن الأحداث السياسية في العراق تتسارع نحو التوتر والمجازر والأغتيالات المدروسة لتضع البلد أمام خيار كارثة الحرب الطائفية إن المشكلة بالوضع العراقي الحالي هو أن كل الاحتمالات مفتوحة وممكن تحقيق أقصى السلم المدني أو اقصى الحرب الأهلية. فالقوى العراقية تقف اليوم على راس مثلت قائم الزاوية. فأما أن تنزلق أنسيابياً وبهدوء وبشكل مائل ومأمون في طريق السلم الدستوري الذي سيلّم شمل العراقيين ويحفظ شعبنا ووطننا من الدمار والهلاك وأما السقوط العمودي السريع في نار الحرب الأهلية الطويلة التي ستكون أشرس حرب عرفها تأريخ العراق السياسي المعاصر
فالأحتمال الأول صعب التحقيق وفق المستجدات الأنية، إذ أن ملامح الوحدة الوطنية، الحقيقية، لازالت غير مرئية بالأفق، فالخلافات والاحقاد السياسية بين الفصائل العراقية لازالت عالية. أي لاتوجد قواسم مشتركة وطنية بين القوى السياسية أما الاحتمال الثاني فهو الأقرب الى الواقع لأسباب ذكرت اعلاه وأضيف لها بأن التصعيد الأعلامي الطائفي والقومي عالي التوتر وكذلك الإضطهاد الطائفي بلغ حد التهجير والتشريد من المناطق التي تمتلك أغلبية طائفية. اي ان مسح طائفي وسياسة تطهير عرقي جارية على قدم وساق.
وهناك احزاب قوميه مهمتها أشعال نار الفتنة بين الطوائف والقوميات وبالتالي ستكون هذه القوى هي الشرارة التي ستبدء نار هذه الحرب غير المعلنة ولاننسى دور القوى الظلامية والتكفيرية والصنمية التي تمارس أجرام وإنتهاك سافر لم يشهد له مثيل، غرضة هو الاسراع لدفع الناس الى المواجهة الطائفية. والأهم ما في الأمر هو، أن صناع القرار قد فشلوا في أيجاد قوى عراقية تنسجم مع أهدافهم المستقبلية لتسليمها مفاتيح العراق الرئاسية رغم كل الدعم المالي وسياسة أنشاء المؤسسات والمعاهد الديمقراطية ودعمهم للصحف والأعلام والمشاريع الثقافية والديمقراطية إلا أن الكفة لازالت متأرجحه لصالح القوى المتباعده مع مشروعهم بالتالي مطلوب منهم أضعاف هذه القوى وخاصة الطائفية منها ليتسنى لها إعادة الاصطفاف السياسي بالشكل الذي يضمن لهم ظهور قوى قوية موالية لهم. وهذا الاصطفاف الجديد لن يتحقق عبر الخيار الديمقراطي، الدستوري، بل بالعكس، فالديمقراطية ساهمت وضع عراقيل كبيرة أمام مشروعهم في العراق. ولهذا جاء تصريحهم بأن إخماد الحرب الأهلية ستكون من مهمات الجيش العراقي أي إنها ستساهم في تأجيج حرب أهلية، محدودة الأبعاد، لتكسيرالطوفان الطائفي بأيادي عراقية الأمام علي عليه أفضل السلام يقول: أن القانون مطلوب حتى في دولة الحاكم الجائر. ومن هنا أقول: أنه تقع على عاتق وكاهل الحكومة العراقية أولا أن تفعّل قانون مكافحة الإرهاب وثانيا أن تفعّل قانون النزاهة ومكافحة الفساد فلولاهما سوف لن تكتب لها النجاح ولربما لن تستمر وتتعثر وتصل بها الأمر الى طريق مسدود وأقولها للتأريخ: أن العراق إمّا أن يكون جدار حماية وأمان وديمقراطية وسلام لهذه المنطقة أو فيضان دماء يغرقها، وليس هناك شك في أن المصلحة تتطلب السيطرة المطلقة على هذا الغول البشع الذي أسمه الطائفية والفساد والأرهاب وسرقة ونهب الدولة. ولهذا فأنا أعتقد مخلصا بأننا في أزمة وهي أزمة ضعف المبادئ وعدم ثباتها ،أزمة خلقتها النظام البائد بعد أن كدّرت سمائها بغبرة الموت والكرب والغدر والخيانة والمقابر الجماعية.وهي مستمرة ليومنا هذا والسرقات تضاعفت وكثرت اللصوص والمبادئ ولّت والثقافة مع الأخلاق ذهبت مع الريح. نحن نطالب اليوم وبكل وطنية كل عراقي غيور بأن يلتف وبكل إخلاص حول حكومة الأستاذ المالكي ويدعمها معنويا وأجتماعيا وسياسيا وثقافيا وأخلاقيا حتى ولو بأضعف الإيمان والوقوف بجانبها لإنتشال وأنقاذ شعبنا وأهالينا من هول المآساة والفاجعة وشدة الواقعة والفزع اليومي وصراع الإرادات والكتل والأحزاب ومن هول القتل والإنفجارات والخدمات المنعدمة ،حيث الناس من هول الحياة، موتى على قيد الحياة ! لا الأرض غنت لهم ،ولا السماء تفتحت عن طاقةِ القدر السعيد ، ولا هبطت تُصَفّق فوق رؤوسهم بالجناحين حمامة! قالوا : غراب ظل ينعق يومها فوق النخيل .. حتى الفجر ! وعرفوا أن الشمس لم تعبر بمدنهم .. ولا مر القمر .. بدروبها منذ عقود، ولا العيون تبسمت يوماً لمولود ولا دمعت لإنسان يموت .. فالناس من هول الحياة .. موتى على قيد الحياة
https://telegram.me/buratha