أحدهم زور وثائق تاريخية خطيرة وطرد من منصبه والآخر ذو سوابق اجرامية كثيرة لا يزال القضاء الدولي يطارده! ( بقلم : نهار خالد جميل )
دأب كافة افراد فريق الدفاع عن صدام أثناء محاكمته بأن يكون مدخل حديثهم بأن المحكمة التي يمثل امامها صدام هي محكمة غير شرعية وغير قانونية وأنها انشأت على أسس لا تتجاوب مع أبسط ضوابط القوانين القضائية الدولية المعروفة. ومن استمع الى مداخلاتهم تخيل اليه بأنهم لا يجيدون غير تكرار هذه الأسطوانة المشروخة التي أرادوا اسماعها بالصراخ والسباب والردح والتهديد والمقاطعة وعلى الرغم من أن المحكمة الجنائية العراقية العليا التي حاكمت صدام وبعض أزلامه ولا تزال تحاكم البقية الباقية من الذين تسلطوا على رقاب الشعب العراقي لعقود طويلة أنشأت بعد أن صادق على تأسيسها مجلس النواب العراقي الذي انتخب بدوره من قبل ثمانية ملايين ونصف المليون من العراقيين الذين شاركوا في الأنتخابات السياسية الأخيرة تحت وطأة ظروف أمنية غير مسبوقة في تاريخ المنطقة قاطبة.
ومن استمع الى اولئك المحامين الجهابذة ربما خطر في ذهنه بأنهم في نهاية الأمر افراداً يمارسون مهنة انسانية يكفل لهم القضاء والعدالة حق ممارستها مهما كانت بشاعة الشخصية التي يدافعون عنها. فحق الدفاع ينبغي ان يكون مضموناً حتى لأعتى المجرمين وابشع السفاحين.
ولكن من هم اولئك المحامين الذين دافعو عن صدام وما هو تاريخهم المهني؟ فقد تداولت وتناوبت اسماء كثيرة من اولئك المحامين نذكر منهم العراقي خليل الدليمي والأردني الخصوانة واللبنانية بشرى الخليل والأردني زيد النجداوي والايطالي دي ستيفانو والأمريكي رامزي كلارك والهندي فينورد باكثافاكلام والقطري نجيب النعيمي وآخرون غيرهم ممن وهبوا انفسهم دفاعاً عن الحق والعدل والقانون.
حسناً، أخترت من ضمن الأسماء التي ذكرتها نموذجين من اولئك المحامين لكي نطلع على سيرتهما الذاتية وتاريخهما الحافل بمقارعة الظلم والجريمة. ولكي اكون منصفاً اخترت ان يكون احد هذين النموذجين "عربياً" والآخر "اجنبياً".
والأول هو سعادة وزير العدل السابق في دولة قطر نجيب النعيمي. فهذا الرجل الذي شتم المحكمة وشكك بشرعيتها ومن يديرها ومن يقف ورائها.. وأقسم أغلظ الأيمان بأن كافة الوثائق والكتب والمراسلات التي أبرزتها المحكمة لأدانة المتهمين بأنها مزورة وهي من صناعة الحكام الجدد للعراق "حسب وصفه" وأن تلك الوثائق التاريخية ما هي سوى أوراق صفراء ليست لها أي قيمة قانونية!! فالواقع إن هذا الرجل يعرف مهنته جيداً وتاريخه شاهد على أقواله. ولنعد قليلاً الى الوراء فهذا (المحامي) كان وزيراً للعدل في بلاده عندما انفجر الخلاف بين دولة قطر والبحرين حول ملكية جزر خوار التي تنازع على ملكيتها انذاك البلدان. واطلع الوزير الهمام قيادة بلاده على وثائق تاريخية تعود الى أبان الوصاية البريطانية تثبت أحقية دولة قطر وملكيتها لجزر خوار. وجند النعيمي لتلك القضية جيش جراراً من السياسيين المحليين والقضاة والمحاميين والصحفيين وخبراء مأجورين أكدوا صحة تلك الوثائق وأن جزر خوار هي جزر قطرية تاريخياً. وأقنع النعيمي بأن ترفع بلاده دعوى قضائية للمحكمة الدولية في لاهاي ضد البحرين لكي تصدر قراراً دولياً بشرعية جزر حوار أراضي قطرية. وعلى الرغم من أن البحرين والمملكة العربية السعودية ودول أخرى في المنطقة أشارت على القيادة القطرية بأن تحل مشكلة النزاع هذه بالتفاوض والتراضي دون الحاجة للجوء الى المحكمة الدولية.ولكن الوزير الجهبذ اصر وأقسم أغلظ الايمان لقيادته السياسية بأن جزر خوار ستصبح قطرية من أول جلسة تعقدها المحكمة الدولية.
وعقدت المحكمة الدولية جلساتها علنية وعرضتها على قناة الجزيرة التي كانت مقتنعة تماماً بأنها ستزف البشرى لأهلها وبعد مرافعات لم تدم طويلاً ووثائق عرضها الطرفان يؤكد كل منهما احقيته بملكية تلك الجزر جاء قرار المحكمة الدولية وبكل وضوح بأن ملكية جزر خوار تعود للبحرين وليس قطر!! اتعلمون لماذا جاء قرار المحكمة الدولية بهذه السهولة دون ان تعترض عليه أبداً دولة قطر أو تطالب بتمييزه؟؟! ببساطة لأن الوثائق "التاريخية" التي قدمها معاليه للمحكمة واقنع بها قيادة بلاده وأراد من خلالها اثبات احقية بلاده بتلك الجزر كانت وثائق مزورة، نعم مزورة قام معاليه بشرائها من مكاتب محترفة عالية المستوى بالتزوير في بريطانيا وأنفق على شرائها مبالغ مالية خيالية كان لا يعرف بها حتى ولي أمره. وبعد ان تمكن الرجل من خداع اميره وبلاده وشعبه لم يتمكن من خداع محكمة العدل الدولية وخبراء القانون الدولي الذين كشفوا زيف وثائقه "التاريخية" بسهولة.
وقد أثارت هذه القضية غضب القيادة السياسية القطرية وخلقت لها احراجات دولية كثيرة خصوصاً مع دول المنطقة بسبب فذلكة وحنكة الوزير المحنك التي ورطها بهذه الفضيحة الدولية. وبعد ان طرد امير دولة قطر وزير العدل "الأمين" النعيمي شر طردة من منصبه وأبقاه بعيداً عن كافة مرافق الحياة السياسية والاجتماعية فما كان من هذا الأخير سوى فتح مكتب للمحاماة في الدوحة سجله باسمه بينما يمارس فيه محامون آخرون مهنة المحاماة التي لم يمارسها السيد النعيمي يوماً واحداً سوى مداخلاته الحاذقة بالدفاع عن صدام وسب المحكمة التي حاكمته والتشكيك بمصداقية وثائقها!!.
وفي مقابلة تلفزيونية لبرنامج اضاءات الذي يقدمه الصحفي تركي الدخيل في قناة العربية الفضائية بث بتاريخ 5/10/2005 قال نجيب النعيمي في تلك المقابلة التي يمكن للقارئ ان يطلع عليها كاملةً من خلال محرك البحث على شبكة الانترنت لتلك القناة، بأنه كسب قضية جزر حوار امام محكمة العدل الدولية وأنه لم يطرد من منصبه كوزير بسببها بل استقال من ذلك المنصب!!!
ويسأله مقدم البرنامج: بعد اخراجك من الوزارة رشحت نفسك للانتخابات البلدية وخسرت تلك الانتخابات شر خسارة؟ ويجيب النعيمي: انا ما رشحت عشان افوز، انا كنت اقول للي يجيني الله يخليك انت لو تفوز احسن حتى لو فزت اني يجيني وجع الراس، وقلت ان دخلت المجلس اتورطت. وبعدين انا كان لي دور في هذا التطور الانتخابي في البلد.
وفي جانب اخر من المقابلة يذكر: ان الحكومات العربية كلها فاسدة وغير صادقة مع شعوبها، يعني مين كان يصدق ان حسني مبارك يخسر الانتخابات في مصر!! يا اخي هذا الشعب المصري العظيم فيه المفكرين والسياسيين يعني ما فيه الا حسنى مبارك؟! اللى اقصده وجود زعيم عربي لمدة طويلة في الحكم تخلي الناس ما يعرفون الا ذلك الرئيس والاعلام الرسمي يطبله وهذا تطاول على الناس والشعوب (يا حلاوة الكلام طبعاً هذا ما ينطبق على صدام).
وحول موقف النعيمي من القاعدة وطالبان يرد عندما يسأله مقدم البرنامج: موقفي من القاعدة؟ اعتقد ان القاعدة خرجت في وقت فيه حاجة لخروجها لانها تسعى لتقديم خدمة للأمة العربية والأسلامية. ويقول له المقدم هذا الكلام خطير يا دكتور؟ ويرد النعيمي: ابداً مش خطير اذ لي حق التعبير ومن حقي ان اعبر عن رأيي. ويضيف: اعتبر ان اسامة بن لادن رجل مخلص لوحدة الأمة الاسلامية. وعندما يسأله مقدم البرنامج: كما ذكرت ان اسامة بن لادن مخلص وان القاعدة تدافع عن قضايا الأمة العربية، فلماذا لا ترتقي طموحاتك وتشارك معهم في القتال?. ويرد: انا اتفق معهم في الأهداف ولكن ربما نختلف في الأسلوب، هم عندهم اسلوبهم وانا اتكلم واقول بما يتطابق معهم. ولا أريد ان اطيل على القارئ الكريم هذه العجالة ولكني ادعوه لقراءة تلك المقابلة كاملة ففيها الكثير من المتعة الخرافية.والآخر محامي ذو سوابق اجرامية خطيرة:يسمي نفسه باسم "جوفاني دي ستيفانو" وعمره 51 عاماً وهو من مواليد عام 1955 في قرية صغيرة بولاية "موليزا" في جنوب ايطاليا (عدد سكانها 1,305 مواطن) بينما اسمه الحقيقي "كارلو فابياني" ويحفل تاريخه الشخصي بأعتقاله بعد عملية سرقة مسلحة لأحد المصارف عام 1974م، واعتقاله عام 1999 من قبل الشرطة الايطالية بعد قرار القاء القبض عليه من قبل القضاء البريطاني بتهمة جرائم مالية وتجارة أسلحة، وهو مطلوب اليوم للقضاء الأمريكي بعدة تهم منها تزوير وثائق وتجارة اسلحة ومخدرات. ويفخر "دي شستيفانو" أو "فابياني" بأنه من اخلص اصدقاء سفاح البوسنة او ما يطلق عليه اسم "نمر البلقان" الصربيي زيلكو رازناتوفش "أركان" الذي كان يقود الميليشيات الصربية الدموية وقتل مئات الألوف من مسلمي البوسنة والهرسك وقاد عمليات الأغتصاب الجماعي للمسلمات في البوسنة وأباد مناطق كاملة بسكانها من المسلمين.
"دي ستيفانو" الذي هاجرت عائلته من ايطاليا الى بريطانيا وعمره 6 سنوات لكي تستقر في منطقة نورث هامبتون عاد الى "موليزا" مسقط رأسه وعمره (35) عاماً انتحل في بداية حياته المهنية الحافلة أسم "جوني موليز" ليبدأ رحلته كرجل اعمال في محيط المافيا. "ودي ستيفانو" أو "فابياني" اصبح احد محامي الدفاع عن ديكتاتور صربيا السابق "سلوبو ميلوسوفيتش" الذي كان قد منحه الجنسية الفخرية ليوغسلافيا السابقة تكريماً لجهوده "الانسانية النبيلة" بتجارة الأسلحة والمخدرات بين صربيا وعصابات المافيا.
وفي مقابلة له نشرتها وكالة "BLACK AND WHITE" المتخصصة بنشر السير الذاتية العملية والمعلومات الآنية عن الشخصيات المتداول ذكرها في الحياة العامة اليومية تحت عنوان: محامي ذو سوابق اجرامية ينتحل شخصية جديدة ليدافع عن الطغاة. يقول "فابياني": "تعرفت على زيلكو رازنا توفش "أركان" في لندن عام 1974 واصبحنا صديقين حميمين حتى مقتله في يوغسلافيا السابقة وهو الذي عرفني على الرئيس الصربي ميلوسوفيش الذي منحني جنسية بلاده عام 1992. وتعرفت ايضاً وبالصدفة عام 1998 على اسامة بن لادن في لندن"!!. ولا أريد ان اكتب عما ذكره "دي ستيفانو" أو "فابياني" او "جوني" عن صدام وعلاقته به. ولكن عندما سأل لماذا يدافع عن صدام، أجاب يأن اختصاصه هو الدفاع عمن لا يستحقون الدفاع!!. واصدر "دي ستيفانو" لاحقاً كتاباً اسماه من ميلوسوفيش الى صدام "الدفاع عمن لا يستحقون الدفاع".
هذه نبذة مختصرة جداً عن التاريخ الحافل "بالمآثر" العدلية والقانونية والمواجهات القضائية لهذا "المحامي" المعجزة ذو السوابق "النيرة" في تاريخ القضاء الانساني. وصدق من قال: ان لم تستح فأفعل ما تشاء.وهل تريدونني ان احدثكم عن المآثر الأخلاقية "للرفاق" خليل النعيمي والخصاونة وبشرى الخليل أم أن ما كتب عنهما قد اشفى الغليل!!نهار خالد جميلرومــا
https://telegram.me/buratha
