المقالات

الحسين عليه السلام وآخرون

1426 05:19:00 2007-01-26

( بقلم : د. وليد سعيد البياتي )

 المعيارية والانتماء للقيم العليا:

لاشك ان المعرفة عملية تراكمية تتشكل عند اصالة المصادر المعرفية لتظهر عند حدود الواقع بصيغ تنحو منحى ايجابيا لتحقيق سعادة الانسان, باعتبار أن المصادر المعرفية في العقيدة الاسلامية تستمد نشاتها من الوحي الالهي باعتبار ان الخالق تعالى شأنه هو المصدر الاصيل لكل المعارف والعلوم. والمشكلة لاتكمن في المعرفة نفسها, ولكن في التعاطي السلبي والمنحرف لها, وهنا يكمن سوء فهم العقل المنحرف للرسالات السماوية، وتجاوز قيمها العليا ومعاييرها الدقيقة بتبني قيما منحطة والارتكاز الى معايير دنيوية. فالرسالات السماوية سعت منذ البداية الى الارتقاء بالعقل الانساني وتطوير مداركه ليتمكن من فهم حقيقة العلاقات التبادلية بينه والوجود الكلي، بالتاكيد لا يمكن الادعاء بأن الرسالات فشلت في تحقيق غاياتها ونحن نلاحظ الانحرافات المستمرة التي رافقت عصور الرسالات على مسار حركة التاريخ, فالمشكلة ليست في الرسالات ولكن في الفهم والتطبيق، لفهم هذا الحدث نعود الى المعيارية التي تؤكد ان القيم المعرفية لاترتكز الى الكثرة العددية أوالقوة المادية خارج قيم العقل والروح، وبالتأكيد فأن الخروج عن هذه القيم والمعايير هوالذي انتج في بدايات التاريخ عقلية قابيل قاتل اخيه، وبالتالي فأن كل المنحرفين الذين بعد ذاك التاريخ قد تنازلوا عن قيم العقل لصالح الانحطاط والتردي. لقد استطاع الامام الحسين ان يعيد ترتيب الاشياء وفق المنهج الالهي وسما بالعقل الانساني من مهاوي الانحطاط الى تجليات الرقي، وان كان هذا السمو قد تجلى في تلك الثلة القليلية التي استطاعت ان تتجاوز كل ماهو مادي وآني، ولترتقي على الحدث ولتضع المادي والاني قربانا على مذبح الحقيقة، فإن هذه الثلة الحسينية الولاء والرسالية العنفوان قد صارت عنوانا على مسار حركة التاريخ، عنوانا ربما لن يتكرر الا في انصار الحجة ابن الحسن عجل الله فرجه الشريف. وفي الجانب الاخر نجد ان الاتجاه المنحرف قد بقي يراوح في مستنقعات التفاهة، بل ويندك عميقا في قيعان الضحالة الفكرية، ليظهر على الدوام طواغيت مثل يزيد، وانصاف علماء تبنوا قيما منحطة حاولوا تسويقها في لباس وقوالب دينية وتشريعية او حتى عرفانية.

من البديهي انه لايمكن اجراء مقاربة بين ماهو سماوي وماهو مادي، كذلك انه لا يمكن وضع خاتم الانبياء والرسل ثم الائمة الاطهار عليه وعليهم افضل الصلاة واتم التسليم في نفس الجانب المعياري مع الطواغيت والجبابرة، وايضا لايمكن ايجاد اوجه تشابه بين عباقرة التاريخ من امثال ابي ذر الغفاري وعمار بن ياسر و وسلمان المحمدي والمقداد بن الاسود الكندي وحجر بن عدي وصعصعة بن صوحان العبدي وغيرهم كثير، لا يمكن وضعهم في مقاربة مع ابي جهل والحكم ومروان وعمرو بن العاص ومعاوية والى ذلك من نكرات التاريخ، فاي مقاربة من هذا النوع تعد اجحافا بالقيم والمعايير الرسالية، اللهم إلا اذا كانت المقاربة من باب انهم كلهم بشر ويعودون الى أب واحد وهذا مما لا تنكره لشرائع كلها، فالذين قاتلوا واستشهدوا على ارض الطفوف مع ابي عبد الله الحسين عليه السلام هم بشر من لحم ودم، والذين وقفوا في الجاني الاخر وتبنوا قيما منحطة هم بشر ايضا، لكن المعيارية هنا ليست الانتماء للبشرية، وانما الانتماء للقيم الرسالية، وتحقيق الاهداف الالهية في خلافة الانسان على الارض.

فقهاء الشيطان:

هم دائما هناك ارتدوا قمصان العلم ووضعوا عمامة الفقاهة وقد خرجوا منها ودخلوا حفيرة الجهالة، فليست القضية في انهم علماء ام لا؟ ولا في انهم اصحاب مذاهب فكرية ام لا؟ وهل في ان يتبعهم الجهلة ام لا؟ ولكن القضية في انهم منحرفون عن الشريعة اصولا ومباني، وهم يفسرون القرآن العظيم حسب اهوائهم، ويحرفون السنة المطهرة ثم يدعون انهم حماة الفضيلة. فلو لم يتم الانحراف عن الخط الرسالي ويتم ضرب الحديث النبوي الصحيح عرض الحائط منذ رزية الخميس التي انتجت سقيفة الظلم وما نتج عن هذه الاخيرة من شورى السوء، لماتجرأ يزيد المشكوك في نسبه ونسب ابيه في ان يقتل الامام الحسين عليه السلام، ولما تجرا ابن تيمية على الطعن في آل البيت الاطهار، وايضا لم يكن ابن عبد الوهاب ليتجرا هو الاخر فيظهر انحرافه عن الخط الرسالي فيكفر المسلمين، وبالتالي لما ظهرت نكرات العصر مثل ابن باز وابن عثيمين وابن جبرين، الى غيرهم من فقهاء الشيطان ووعاظ السلاطين، ولما صار الدم الشيعي مباحا بل ويهدر باسم الشريعة، وتستباح اعراض شيعة أهل بيت النبوة الاطهارعليهم السلام باسم السنة النبوية، فيالله وياللشريعة، يا لله وياللسنة المطهرة ان يصبح ابن جبرين فقيها. فهل ان العلم صار يستقى من مزابل التاريخ، ومن حاويات القمامة؟ فأين حلقات درس الامام جعفر الصادق عليه السلام حيث كانت حلقات الدرس التي قيل عنها انهم وجدوا اكثر من "خمسمائة عالم في مسجد المدينة كلهم يقول حدثني الامام الصادق" فمن هو ابن جبرين هذا؟ فيحق لي ان اطالب وبشكل جاد المرجعيات الدينية بالوقوف بحزم وشدة و بتكفير ابن جبرين واعتباره خارجا عن الملة، وعلى الازهر والمرجعيات الشيعية بأستدعاء ابن جبرين واستتابته واذا لم يذعن يعلن تكفيره واخراجه من الملة الاسلامية باعتباره مثيرا للفتنة "والفتنة اشد من القتل" كما اني ادعوا النقابات القانونية والقضاة الى اصدار احكام حاسمة للحد من فتاوى الجهلة لما يؤدي ذلك الى الخلاف والنفرة وبالتالي يوقع الايهام ببسطاء الناس، وممن لا علم لهم بالشريعة والاحكام. لقد تحدثت هنا في لندن مع شخصيات قانونية وبرلمانية بريطانية حول الفكر الوهابي، باعتباره فكر تكفيري لا يستند الى مباني الشريعة ويعمد على الدوام على الدعوة الى نقض ما هوحقيقي واصيل وتبني كل ماهو منحرف طعنا في أهل البيت الاطهار عليهم السلام وفي شيعتهم الاخيار، وقد اصابت الدهشة الكثيرمن القانونيين بعد عرض مسهب لما تحتويه الفرق الاسلامية من افكار وخاصة الافكار المنحرفة للفرقة الوهابية الخارجة عن اصول الشريعة، كما ان بعض علماء الاثار من المهتمين بالاثار الاسلامية قد بدا في وضع دراسة لليونسكو بالتنسيق معي لحماية ما تبقى من الاثار الاسلامية في مكة المكرمة والمدينة المنورة وغيرها من المدن الاسلامية على العهد الرسالي في ارض الجزيرة العربية، يجب ان تشن حملة دولية للتخلص من الافكار الهدامة للحركة الوهابية التي هي اساس فكرالقاعدة الارهابي في العصر الحديث، هم يتحدثون عن ايران في حين ان الذي اسس للارهاب الدولي هي السعودية نفسها، فكل الارهابيين في العصر الحاضر هم نتاج لهذه المؤسسة التي لم تتعلم من الاسلام شيئا.

المملكة المتحدة – لندن

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك