المقالات

الدم الذي حطم أسطورة السيوف

1599 00:41:00 2007-01-24

بقلم: السسد حسن الهاشمي

لماذا انتصر دم أبي عبد الله الحسين عليه السلام على سيف الطاغية يزيد، بالرغم من الهزيمة الظاهرية؟! كيف أن أبا الشهداء حصل على كل تلك المناقب والخصوصيات؟ وما هي الميزات التي اكتنفتها ثورته والتي جعلتها خالدة؟ وهل ثمة علاقة بين القيم والخلود، أم أن بوصلة النية والإخلاص هي التي تحدد خلود القيم سلبا أو إيجابا؟ (نية المؤمن خير من عمله) ومن أبرز وجوه هذه الرواية باعتبار أن النية لا يتطرق إليها الرياء، بيد أن العمل في الخارج يمكن أن يتطرق إليه الرياء، وحينما يقول الرسول الأكرم في الحديث السالف (خير)، يعني هذه النية يكون لها فعلية، تترتب عليها آثار سواء كانت دنيوية أو أخروية، أما الآثار الدنيوية فقانون التوفيق ثابت، أن الإنسان إذا ما جاء بعمل الخير فإنه يوفق بعمل خيري آخر، وفي الآخرة لها فعلية، لأنه يترتب عليها ثواب وأجر، ولها فعلية وتأثير حتى في عالم البرزخ كأن يوسع عليه قبره. الإنسان قوته أصلا في نيته لا في بدنه، لو جئنا بإنسان قوي البنية لكن ليس عنده العزم والتصميم لتنفيذ عمل ما، نراه لا يقدر على عمل شيء، ولربما نأتي بإنسان آخر لا يمتلك تلك القوة البدنية إلا أنه يحمل تصميما وعزما فأنه قادر حينئذ على أعمال جبارة لا يقدر عليها جملة من البشر، لأن للنية تأثير في باطن وظاهر الإنسان. وفعلية النية تتجلى في ضربة سيد الأوصياء في يوم الخندق فإنها أفضل من عبادة الثقلين، وعبادة الثقلين فيها عبادة الأنبياء والأوصياء والصالحين وفيها عبادة الأحياء والأموات من الجن والأنس إلى يوم يبعثون، ضربة واحدة أفضل من كل هذه الأمور! لماذا؟ للنية التي صاحبت تلك الضربة، فالنية لها مدخلية كبيرة في ميزان وفاعلية العمل. لذلك إذا نظرنا إلى الثواب المترتب على زيارة سيد الشهداء، نجد رواية تقول أن زيارته تعدل حجة، ونجد رواية أخرى في مقام آخر أن الذي يزوره يحشر يوم القيامة ملطخا بدم الحسين مع الذين قتلوا مع الحسين عليه السلام، وبعضها يقول أنها تعدل ألف حجة وألف عمرة، هذا الفارق في الثواب والأجر على أي أساس؟! الفارق في الأجر يعتمد هنا على النية والإخلاص في العمل وهكذا في سائر الأعمال الأخرى.لهذا جاء في الرواية (نفس المهموم لظلمنا تسبيح)، الهم يوجد في قلب الإنسان، ولأن نفسه الموجودة في كوامن خلجاته متأثرة لظلم أهل البيت انقلبت إلى تسبيح، ولكن على أي أساس؟ على أساس النية، لأن الروح المودعة في الإنسان تحمل من القوة الشيء الكثير، فدم سيد الشهداء عندما نقول انتصر على السيف، لخصوصية في شخص الحسين عليه السلام ولخصوصية في النية ولخصوصية في الحدث، فإنها امتازت على بقية الثورات بالانقطاع التام إلى الله سبحانه، فكان الدم خالدا بخلود القيم التي دعا وضحى من أجلها، والسيف الذي أوغل في جريمة اهراق دمه الخالد كان مرتكسا بخسة النوايا الخبيثة التي كانت تراود أصحابها. شهر محرم وعاشوراء، شهر انتصار الدم على السيف، فأي دم هذا الذي انتصر على السيف؟ الدم الذي انتصر على السيف هو الذي يبعث الحياة في شرايين هذا الدين منذ اليوم الذي سفح على تلك الرمال، الدم الذي حطم أسطورة السيوف وحطم أسطورة القوى المادية، ذلك الدم الذي ينبض بالحياة في نفوس المخلصين، ذلك الدم الذي يبعث الشهامة والحرية في قلوب أتباع أهل البيت بل في قلوب الأحرار في كل زمان ومكان، ذلك الدم الذي قض مضاجع الظالمين على مر التاريخ.أليس ينقل لنا التاريخ أن الطواغيت والظلمة فرضوا في عصر من العصور على شيعة أهل البيت ألا يذهب الزائر إلى كربلاء ما لم يأت بمئة دينار ذهب في وقت كان القحط والجدب يسيطر على العراق، فتأتي تلك المرأة المسنة إلى ذلك الجلاد الذي يستلم الأموال وتعطيه كيسا، قال من أين جئت بهذه الأموال؟ قالت من أيام شبابي ومنذ أن سمعت بهذا الأمر، فأنا عزفت عن الحياة وجمعت هذه الأموال من غزلي حتى أصبحت من العمر عتيا، لما وصل الخبر إلى السلطان قال ارفعوا الحظر، هذه الإجراءات لم تمنع الشيعة ولا تؤثر فيهم. وظالم آخر يفرض قطع الأيدي على زوار سيد الشهداء، يقفون على بوابة كربلاء وكل زائر يحاول الدخول تقطع يده، يأتي أحد الزوار فيقول له الجلاد أعطني يدك، يقدم اليسرى يقول له المتعارف أن تقدم اليمنى، قال اليمنى قطعتموها في العام الماضي اقطعوا اليسرى في هذا العام، هذا الدم الذي يبعث الحياة في قلوب عشاق أهل البيت عليهم السلام، هذا الدم الذي انتصر على ذلك السيف.دم الإمام الحسين عليه السلام الذي طيب أرض كربلاء وطيب العالم: شممت ثراك فهب النسيم نسيم الكرامة من بلقعوعفرت خدي بحيث استراح خد تفرى ولم يضرع وحيث سنابك خيل الطغاة جالت عليه ولم يخشعتعاليت من مفزع للحتوف وبورك قبرك من مفزعفيا أيها الوتر في الخالدين فذا إلى الآن لم يشفعوأي سيف واجه هذا الدم المقدس، ذلك السيف الذي حمله الطاغية المنحرف يزيد وشرذمة من أهل الضلالة أمثال شريح القاضي من علماء الفسق والفجور، وشبث بن ربعي الذي عمره في واقعة الطف 96 سنة، يقول وهو في ساحة المعركة: لقد قاتلنا مع علي بن أبي طالب وابنه من بعده آل أبي سفيان خمس سنين، (وهي نفس الفترة التي كانت فيها خلافة سيد الأوصياء)، ثم عدونا على ولده يعني سيد الشهداء، وهو خير أهل الأرض، مع آل معاوية وابن سمية الزانية (هذا كلامه كما جاء في تاريخ الطبري)، ضلال ما بعده من ضلال، والله لا يعطي أهل هذا المصر خيرا أبدا ولا يسددهم لرشد. هذه النماذج المنتكسة في النجاسات والموبقات هي التي حملت السيف لمقاتلة الحسين ورهطه النجباء.دم سيد الشهداء هو الذي بعث الحياة في دين جده، هو الذي بعث الحياة في قلوب المخلصين من شيعته ومحبيه على طول التاريخ إلى يومنا هذا وإلى الظهور المقدس لمولانا الحجة، دمه عليه السلام هو الذي بعث الشهامة في قلوب أصحابه وأنصاره الذين بذلوا الغالي والنفيس في الذود عن الإمام والدين والعقيدة. (ابن أبي الحديد المعتزلي في شرح نهج البلاغة) يقول أحدهم يوبخ أحد رجالات بن سعد الذين اشتركوا في واقعة الطف، فيقول له ويحك أقتلتم ذرية الرسول، يجيبه اللعين قائلا: عضدت بالجندل لو شهدت ما شهدناه لفعلت ما فعلناه، ثارت إلينا عصابة أيديها على مقابض سيوفها كالأسود الضاربة تحطم الفرسان يمينا وشمالا، وتلقي بأنفسها على الموت لا تقبل الأمان ولا ترقب في المال ولا يحول حائل بينها وبين المنية أو الاستيلاء على الملك، ولو تركناها رويدا لأتت على نفوس العسكر بحذافيرها. هؤلاء هم أصحاب الحسين عليه السلام، هذه العزيمة وهذه الهمة هي من عزيمة سيد الشهداء، هذا الإباء وهذا الشمم في أنصار أبي عبد الله الحسين عليه السلام إنما هو من إباء سيد الشهداء إنما هو من شموخ سيد الشهداء، من الشموخ الذي كان ينبض به ذلك الدم الطاهر، ذلك الدم الذي انتصر على كل تلك السيوف، ذلك الدم الذي جاوز كل الحدود، ذلك الدم الذي جاوز كل الأزمنة حتى سكن في الخلد. وصدق الشاعر عندما قال: كذب الموت فالحسين مخلد*** كلما أخلق الزمان تجدد 
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك