( بقلم : حيدر اللاري )
اذا عرف السبب بطل العجب . هذا هو مثل قديم رائع ولكي نعرف السبب وراء الكثير مما يجري في العراق اليوم وما نعرف عن عملية قلب الحقائق رأسا على عقب حتى وصلنا الى ظهور اسلوب سياسي واعلامي جديد تمارسه الجماعات الارهابية في العراق وبدلا من التعاطف مع الضحية اصبح الارهابي في نظر هذه الزمر هو الضحية وفيما المواطن العراقي العادي الذي يقتل بالسيارات المفخخة يوميا تارة وتارة اخرى يقتل على يد اثمة وبدم بارد ويلقى على الطرقات اصبح هذا المواطن الضحية والبريئ هو المذنب لانه اختار الحرية وان يمشي في شوارع بغداد رافعا رأسه يقارع من اجل رغيف خبز لسد حاجة عائلته . لكن الارهاب والارهابيين الذين كثروا هذة الايام وكثرة عربدتهم في القنوات الفضائية يعكسون الامور وبكل فضاعة ويدعون العكس تماما حتى اصبح قتل الناس بالجملة عملا جهاديا يستحق الثناء والدعم . وهنا يبطل العجب اذا ما عرفنا سر المشكلة . الشعب العراقي يعرف ويدرك تماما من هم المسؤلين عن مايحصل من قتل جماعي ويومي للعراقيين ويعرف ايضا سوابق العصابة البعثية المتفننه بالقتل والاجرام ولايختلف اثنان على ان الارهاب يستهدف المواطن العادي لكن عندما نشاهد امثال حارث الضاري وعدنان الدليمي وغيرهم وغيرهم الكثير على شاشات الفتنة العربية وتباكيهم المخزي على ابناء السنة في العراق كذبا وزورا لانهم يعرفون قبل غيرهم بأن العراقيين هم غاضبون على استبداد واجرام البعث والبعثيين وليس هناك حرب طائفية ابدا وهم يعرفون جيدا بأن التباكي هذا ماهو الا استراتيجية سياسية خبيثة للوصول الى السلطة والعودة بالعراق الى العهد المظلم . لكن الفارق هنا والملفت للنظر هو اتقان هؤلاء الارهابيين لسياسة الخدع والمكر وهم يتقنون الى ابعد الحدود فن الكذب ولكن كما فعل نظام البعث المقبور والمهرج ذات الصيت العالمي الصحاف وزير الاعلام البعثي السابق الذي كذب وكذب حتى صدقه البعض في وهلة الامر وهي سياسة بعثية بحته كذب كذب حتى يصدقك الناس .
ومن خلال مطالعة سريعة لاهم احداث التاريخ المعاصر نقف امام حقائق هامة ومثيرة حول دور الاعلام المسيس والذي يصطلح عليه بالسلطة الرابعة في توجيه الامم سواءا ايجابيا او سلبيا ونأخذ هنا مثالا على ذالك فالزعيم النازي ادلوف هتلر وضع اصبعه على اهمية الاعلام وادرك من تجاربه السياسية اهمية السلطة الرابعة في كسب الناس وحشد التأييد الى الفكر النازي العنصري ولم يكن غريبا اذ استطاع هتلر بعد ان كان رئيسا للحملة الاعلامية لحزبه في بداية الثلاثينيات من القرن الماضي ان يحدث انقلابا وسط المجتمع الالماني واستطاع ان يبث روح الحماس والتحدي في نفس الشعب الذي عانا من هزيمة نكراء على يد الحلفاء في الحرب العالمية الثاني . وقبل هتلر كانت الشيوعية متفننه الى حد بعيد بأسلوب محاكات الجمهور ونشر الدعاية والفكر الشيوعي وحتى النظم الاكثر ديمقراطية لايمكنها الاستغناء عن الدور الاساس والفعال للوسائل الاعلامية لتوجيه الرأي العام وتسيس الشعب ودفعهم بأتجاه سياسات ومخططات الحكومة او الحزب . لكن نفاجأ عندما نتعرف على الحقيقة الان في العراق فرغم الجهد الذي يبذله ابناء العراق في دعم وبناء المؤسسات الاعلامية الجديدة الا اننا نجد ان الاعلام الحكومي العراقي ليس بالمستوى المطلوب ويفتقد الى سياسة اعلامية ناجحة وقوية وخاصة بما يتعلق بشأن الارهاب والارهابيين . السلطة الرابعة العراقية بحاجة الى دعم قوي واهتمام حقيقي حتى يمكن لها من احداث قفزة نوعية ومن ثمة الامساك بزمام الرأي العام والدفاع عن العراق الحر الديمقراطي . اشياء كثيرة غائبة فيما العدو المتربص بديمقراطية العراق الحديثة الولادة يجيش الجيوش الاعلامية لزرع الفتنة والبلبلة بين ابناء الوطن الواحد . ولانجافي الحقيقة اذا قلنا على سبيل المثال بأن لقناة العربية والجزيرة دورا اساسيا في تصعيد العمليات الارهابية والقتل اليومي الذي يحصل الان .
الاعلام هو وجه الدولة والحكومة والسياسة الاعلامية هي بمثابت النور الذي ينير الطريق للامة لاختيار طريقها الصحيح ولكي لاتقع في متاهات العراك والفشل . كما ان للاعلام اسرار وفن يمنح صاحبه القدرة على تحقيق المستحيل . وللاعلام والاعلاميين ايضا تاريخ حافل ومثير وهنا انقل ماحدث في ايام الانتفاضة الشعبانية المباركة في عام 1991 وفيما كانت قوات صدام تفرض سيطرتها على مدن العراق وتسحق اي مقاومة كنت استمع الى راديو صوت العراق الثائر الذي كان يمثل الانتفاضة الشعبية في حينها وحينها اذيع الخبر الاتي : الدبابات تنتشر في بغداد وانباء عن محاولة انقلابية ضد صدام قام بها ضابط في الحرس الجمهوري .
كان لهاذا الخبر في وقته دورا بارزا في شد همم المجاهدين فيما تراجعة القوات البعثية في مدينة البصرة في حين انتشرت فعلا دبابات ومدرعات بعد ساعات من اذاعة الخبر في شوارع بغداد والقي القبض فورا على عدد من ضباط الحرس الجمهوري فعلا واعلن صدام في وقتها حالت طوارء بين صفوف قواته في بغداد ولم يغف له جفن طوال الليل . لكن الصدفة شاءت والتقيت بالشخص الذي كان وراء الخبر الذي اثار انتباه العالم ونقلته كافة وكالات الانباء العالمية في حينها وفوجأت بكلام هذا الصحفي العراقي اذ قال : لم يكن امامي اي خيار اخر . كل الانباء التي كانت ترد للاذاعة كانت محبطة وسلبية وتتحدث عن مجازر فضيعة بحق المواطنين لذا قررت ان اتخيل شيئا وفعلت لكنني لم اتصور حجم التأثير الذي احدثه في نفوس ابناء الانتفاضة الشعبانية الذين دبت فيهم الروح والحيوية لقتال الاعداء . لكن الاثر الاكبر كان في بغداد وكاد يحدث انقلابا عسكريا بالفعل . لنا الحق ان نتساءل اليوم : اين دور الاعلام العراقي الصادق والمؤثر وليس عذرا قلة الامكانيات . ونرفع سؤالنا هذا الى السيد نوري المالكي رئيس الحكومة العراقية وكلنا امل على ان يمنح من وقته وان يلتفت التفاته الى واقع المهمة الاعلامية وان يضع السلطة الرابعة من اولويات برامجه الحكومية . حيدر اللاري . المركز الاعلامي العراقي السويد
https://telegram.me/buratha