( بقلم : علي حسين علي )
خلال السنوات الاربع الماضية تعرض شعبنا وبلادنا الى اصعب ما يمكن ان يتعرض له انسان على الكرة الارضية.. ولعل السنوات الاخيرة التي تلت عهد الاستبداد والطغيان كانت هي سيئة هي الاخرى بل هي الاخطر كذلك على مستقبله..
فاذا كان صدام المقبور قد قتل وشرد ودمر ومزق الشعب العراقي ومارس القهر والاذلال, فان اتباعه والجماعات التكفيرية ارادوا استمرار نهج القتل والدمار على شاكلة جديدة بعد سقوطه.. فاذا كان صدام قد بذر بذرة الطائفية البغيضة, فان اتباعه والتكفيرين قد رعوها، ووفر فقهاء التكفير لها المناخات المناسبة.. واذا كان صدام قد استعمل الاسلحة الكيمياوية ضد الكرد في الشمال والشيعة في الوسط والجنوب, فان الصداميين(ورثته في الاجرام) والتكفيرين قد ابتكروا القتل الجماعي وبوسائل المفخخات واستهداف المدنيين في الشوارع والساحات وحتى المساجد والحسينيات لم تكن بعيدة عن اجرامهم .. واذا كان صدام قد دمر البنية التحتية قبل انهيار نظامه فان الصداميين والتكفيريين قد اتوا على ما تبقى منها بعده .
وكل ما كان صدام فعله لم ينقطع حتى الان, بل زاد عما كان سائداً في زمانه الاسود, وكان اتباعه والتكفيريون يتولون مهمة استمراره. والان, وبعد ان اعدم الطاغية, ماذا يمكن ان نفعله لهذا الشعب المظلوم الذي انتهكت حرماته في العهد البائد, وما تزال الجماعات الارهابية من تكفيرية وصدامية تمارس الابادة الجماعية بصور اخرى بعد سقوط النظام الوحشي..
نعتقد ان علينا ان نعمل جميعاً وحسب الاولويات, ولعل في مقدمتها توفير الامن والاستقرار لشعبها, ويبدو ان الحكومة- حكومة الوحدة الوطنية- ماضية في هذا الاتجاه, وان الخطة الامنية ستتكفل بالقضاء على الارهاب بالقوة اولاً، وبمحاصرته في مكامنه ثانياً, وبتجفيف منابعه ثالثاً, وكل تلك تستدعي ترصين وحدة القوى المناوئة للارهاب, والقوى التي دخلت العملية السياسية والتي تؤمن بالديمقراطية والحوار وتنبذ الارهاب والطائفية.. هذه القوى, مع ما عرف عنها من دور جهادي منذ النظام الصدامي الاستبدادي, فانها اليوم قد حظيت بشرعية شعبية ودستورية اهلتها لتمثيل الشعب في المجلس النواب.
اما القوى الاخرى التي تناصب الشعب العداء والتي اتخذت من بعض العواصم المجاورة والبعيدة مقرات لـ(مقاومتها) فانها يجب ان لا يتعامل معها وكأنها مؤثرة ولها مناصريها او مؤيديها من هذا المكون العراقي او ذاك.. فتلك العناصر التي لجأت الى(فنادق النجوم الخمسة) في الخارج لا تمثل اية طائفة او قومية, وهي منبوذة من الجميع, وان اكتسبها او عدمه لا يستحق أي جهد, بل الذي يستحق الجهد هو تنشيط الحوار الوطني الداخلي والدفع باتجاه المصالحة الوطنية, وهذان الامران ان تعاملنا معهما بجدية فان الحاجة الى(معارضي الخمسة نجوم) تصبح لا قيمة لها.
واذا كان ذلك منهجنا السياسي بعد اعدام الطاغية, فان ما يجعل الشعب اكثر تماسكاً هو شعوره بالامن والامان اولاً, واعطاؤه ما يستحق من العدل والرفاهية ثانياً. فالعدل والرفاهية هما الركيزتان اللتان تقام عليها، الأنظمة الديمقراطية في كل بقاع الدنيا.
من هنا يأتي الاهتمام بتقديم الخدمات التي حرم منها المواطن العراقي في العهد البائد وفي السنوات الأربعة الأخيرة أيضاً..فاذا كان النظام البائد قد صمم على حرمان المواطنين من الخدمات فان اتباعه والجماعات التكفيرية هم من يحرمون شعبنا اليوم من تلك الخدمات من خلال تأزيم الوضع الامني وخلق حالة لاشغال الحكومات التي تلت سقوط النظام وحتى الحكومة المنتخبة عن أهم ما يحتاجه المواطن العراقي.فالعراقيون يعانون من انعدام الكثير من الخدمات، وهم يعانون أيضاً من أوضاع اقتصادية سيئة، أن الدولة قد رفعت الرواتب الى اكثر من مئة ضعف إلا أن الوضع الأمني المتردي قد شكل عبئاً على الاقتصاد وكذلك بعض السياسات الاقتصادية الخاطئة التي نفذت في العامين الماضين..أضف الى ذلك فان الفساد الاداري والمالي التي ورثته حكومات ما بعد النظام الصدامي قد وجد فرصته لينمو باطراد حين وجد الدولة وبكل اجهزتها مشغولة في معركتها ضد الارهاب وعلى كل حال..فان العراقيين يحتاجون الى ما يجعل حياتهم أفضل مما هي عليه الآن، خصوصاً بعد أن بلغت ميزانية السنة الماضية رقماً كبيراً وميزانية السنة الحالية رقماً خيالياً وهم رأي العراقيون – بحاجة الى اقناعهم بان كل ما يصرف من الميزانية الجديدة يذهب الى الاتجاه الصحيح, وتلك مسؤلية الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني ايضاً.
واخيراً, بعد ان انتهى صدام, ومعه انتهت حقبة سوداء, وما يهمنا الان هو المستقبل, فلنفعل جميعاً من اجل الاستقرار الامين واحقاق العدالة وتعميم الرفاهية.. فشعبنا يستحق ذلك.
https://telegram.me/buratha