( بقلم : عدنان آل ردام العبيدي / رئيس تحرير صحيفة الاستقامة / رئيس اتحاد الصحفيين )
بكل تأكيد ان أي دولة تريد ان تكون قوية مقتدرة لابد لها ان تهتم ببناء مؤسساتها الامنية والعسكرية والتربوية والعلمية والاقتصادية الى غير ذلك من المؤسسات الاخرى. ولا يمكن لأي كيان او نظام سياسي النجاح في بناء دولته ما لم يلتزم بهذه المعايير الاساسية ومن ثم العمل على وضعها في خدمة اهداف وتطلعات شعبه لتحقيق ما هو ممكن منها. ربما تكون هذه هي القاعدة المتبعة عند الانظمة السياسية الحاكمة في مختلف دول العالم بما فيها بعض الانظمة ذات الاتجاهات الاحادية غير التعددية او الديمقراطية.
وتنفرد المؤسستين الامنية والعسكرية عما سواهما من مؤسسات اخرى بمسؤوليات وطنية اكبر واوسع باعتبارهما المؤسستين المتخصصتين بحفظ امن المواطن وسيادة الوطن وهذه مسؤولية جسيمة ربما تحتاج الى جهد وتضحيات ودماء اكثر مما تحتاجه المؤسسات الخدمية او الانتاجية او التربوية او غيرها.
لكن النظام المخلوع جاء وكأنه مصمم على تفتيت عراقية هاتين المؤسستين واستبدالهما بمؤسسات اخرى، فاستحدث قوانين اساسية ومهنية وفنية جديدة غير التي كانت معتمدة في المراحل الممتدة من عقد العشرينيات وحتى عقد السبعينيات من القرن الماضي وذلك بهدف تفريغ هاتين المؤسستين من عناصرهما واهدافهما الوطنية، وقد لعبت تلك القوانين دوراً خطيراً في حرمان المواطن العراقي من البقاء او الانتساب في والى هاتين المؤسستين، ولم يكتف النظام بتلك الاجراءات المشبوهة بل انه اوجد مهاماً واهدافاً اكثر شبهة لهاتين المؤسستين عندما اوكل اليهما مسؤوليات الابادة الجماعية لشرائح شعبنا العراقي في كردستان العراق شمالاً وفي اضطهاد الاغلبية العربية العراقية الشيعية في الوسط والجنوب. وتشير معظم التقارير والاحصاءات ان ضحايا هاتين المؤسستين في عهد النظام المخلوع قد زاد على الاربعة ملايين ضحية عبر العقود الثلاث والنصف التي جثم فيها على صدور العراقيين.
النظام لم يكتف بإفراغ هاتين المؤسستين الوطنيتين من مضامينهما الوطنية ومهامهما المهنية النبيلة، بل انه شرع بإيجاد مؤسسات اخرى كجيش السلطة المتمثل بأكبر الفرق والالوية العسكرية ذات التجهيز والقدرات القتالية العالية في موازات بناء مؤسسات امنية غير تقليدية كأجهزة المخابرات والامن الخاص والمرتبطين بشكل مباشر برأس النظام وابنائه والدائرة المقربة جداً منه، وهنا سنبتعد مؤقتاً في اقتفاء اثر هاتين المؤسستين الارهابيتين على امل العودة لكشف النقاب عنهما اكثر في نوافذ قادمة لكننا نجد انفسنا مضطرين للاشارة الى الروح الوطنية المتفجرة تضحية ومسؤولية وهي تعود الى هاتين المؤسستين بعد الاطاحة التأريخية بالنظام المقبور، اذ كم سيبدو الفرق كبيراً ونحن نترقب ألوية جيشنا الجديد وهي تتهيأ لإنقاذ بغداد من قوى الردة والتكفير والبعث المجرم قادمة من مناطق ابناء ضحايا الانفال والاهوار وقباب الذهب على عكس ما كان يفعله النظام عندما كان يبعث بجيوشه من ثكنات بغداد لسحق اهل الجنوب واهل الشمال في آن معاً .
https://telegram.me/buratha