( بقلم : عدنان آل ردام العبيدي / رئيس تحرير صحيفة الاستقامة / رئيس اتحاد الصحفيين )
لا ينبغي ان تتوقف للحظة واحدة ماكنتنا الاعلامية في ملاحقة الحدث الاهم في التقويم العراقي المعاصر وربما القديم والمتمثل باعدام اعتى طاغية عرفه التاريخ القديم والحديث، اذ ينبغي ابقاء هذا الحدث حيّاً مع البحث في الوسائل التي تجعل منه مادة اجتماعية تربوية حياتية تاريخية من نمط غير تقليدي لغرض ضمان حياة مطمئنة لأجيالنا الحالية والقادمة خالية من ظاهرة كظاهرة صدام حسين .
ان انهاء هذه الظاهرة لا تعني باي حال من الاحوال انزال عقوبة الاعدام ضد طاغية مجرم اوغل في الجريمة وان كان ذلك صحيحاً، الا ان المعنى الجوهري لانهاء هذه الظاهرة يتمحور في تاكيد صحة الحقائق والسنن الكونية التي عادة ما تذهب الى التبشير بانتصار الفضيلة مهما طال صراعها ضد الرذيلة.نعتقد ان العقود الاربعة الماضية التي مرت على شعبنا العراقي المكافح المجاهد لم يحصل عبر التاريخ شبيهاً لها في بشاعة الجريمة التي مورست بحقه، الا ان قوة واصرار وصبر هذا الشعب وقدرته على امتصاص وترويض الجريمة اوصله دون ادنى شك الى تتويج مسيرته بالانتصار العظيم على الطاغوت بكل اشكاله وتمظهراته الامر الذي اغاض كل طواغيت الارض الذين كانوا يختبئون خلف طاغيتهم الاكبر وهم يرون ويتابعون دقائق وتفاصيل النهاية الدرامية التي انتهى اليها من كان يعد خندقهم الاول.
لقد كشفت عملية تنفيذ حكم الاعدام بحق صدام حسين حقائق غير الحقائق التي تصنعها الماكنة الاعلامية المعادية التي تعمل بكامل طاقتها لاجهاض روح الحرية والتحرر التي تتوق اليها شعوبنا العربية الرازحة تحت نير الظلم والاستبداد ولعل اول الحقائق التي كشفتها تلك العملية كانت تتجسد بوجود حكومة عراقية قوية وقضاء عراقي اقوى يمتلك القدرة المهنية والقانونية على انزال اية عقوبة يرى انها تتناسب وحجم الجريمة التي يقاضيها واذا اردنا تقليب بعض الحقائق الاخرى فأننا سنلحظ وبسهولة ان ما يزيد على خمسة عشر محافظة من محافظات العراق الثمانية عشر قد اطلقت العنان لكرنفالاتها ان تتفجر بهجة وفرحا بهذا النصر العظيم بالوقت الذي كان يدعي فيه النظام المخلوع بأنه يحظى بشرعية شمولية من كل مكونات الشعب العراقي عرباً شيعة وسنة وكرداً وتركماناً وطوائف واقليات اخرى وهذا ما اظهرته ايضا مراسم العزاء التي اقامتها عناصر مؤسساته العسكرية والحزبية والامنية الذين اجتثهم العهد العراقي الجديد، حيث ان العراقيين ومن ورائهم العالم كله شاهد بأن الذين جاءوا لتقديم العزاء باعدام صدام وفي كل المدن التي اقيمت بها مجالس التأبين لا يزيد عددهم عن العشرين الفاً وكم ستكون المفارقة كبيرة عندما يقارن هذا العدد بشعب يبلغ تعداده ما يقرب من الثلاثين مليون نسمة.
اما الحقيقة الاخرى فربما تكون دالة فريدة من نوعها في العالم العربي اذ لا يوجد حاكم عربي مستبد منذ مطلع القرن الماضي حتى الان يلقى القبض عليه ويقدم لمحاكمة علنية عادلة تستمر لما يقرب من السبعة عشر شهراً ويحكم عليه بنفس القوانين التي سنت في عهده وتسلم جثته لاهله وذويه مع توفير الحماية لهم ونقلهم من العاصمة الى مكان اقامتهم معززين مكرمين ودون ان تلزمهم الدولة باية شروط فيما يخص اقامة مراسم العزاء وكم تكون هذه الخطوة عظيمة فيما اذا قورنت بما كان يفعل صدام بالمغدورين وذويهم من مختلف طوائف وقوميات العراق. لا شك ان هناك حقائق لا تعد ولا تحصى افرزتها عملية تنفيذ حكم الاعدام ضد الطاغية المقبور سنتابع الاشارة باتجاهها باستمرار،اينما اقتضت الضرورة ذلك.
https://telegram.me/buratha