( بقلم : علي حسين علي )
أثار إعدام الطاغية المقبور ضغينة أولئك الذين كانوا وما زالوا يتربصون الفرص بالعراقيين، فاستغلوها أسوأ استغلال بل وبالغوا في تصعيد الكراهية والحقد على الكراهيين..ولعل المستغرب والغريب هو أن بعض أولئك الادعياء والمدعين بالحرص على حقوق الأنسان واحترامها، ظلوا طوال ثلاثة عقود ونيف من السنين يرون ويسمعون ويقرأون كل ما فعله الطاغية المستبد بالإنسان العراقي، فمن قتل العلماء الاعلام الاتقياء الى إبادة مئات الآلاف من العراقيين الكرد في الانفال وحلبجة والبارزانيين إلى قمع الانتفاضة الشعبانية المباركة التي قدرت أوساط منصفة ضحايا القمع الصدامي بمى يقرب من نصف مليون عراقي بذريعة المشاركة او تأييد الانتفاضة..الى أكثر من اربعمئة مقبرة جماعية امتدت على أرض العراق من شماله وحتى جنوبه..وإذا كان بعض من تصدوا اليوم لاحقاق حقوق الانسان، فان المنظمات الحقوقية المتصدية للانتهاكات التي تعرض لها حقوق الانسان لم تغفل ما فعله صدام ولم تسكت على جرائمه، بل انها تولت فضح تلك الجرائم ونشرها، لكن صدام الطاغية المستبد استطاع أن يبني جداراً عالياً بين وحقيقة واجرامية نظامه وبين الشعوب من خلال حملات التضليل وتشويه الحقائق والرشى..وكل هذه الوسائل القذرة وكل أدواتها قد استغلت بعد إعدام صدام واظهاره وكأنه (ملاك) أو من الاتقياء ! ووصفه بعض المرتزقة بأنه(الشهيد)!!..
نفس أولئك الذين كانوا يتسترون على جرائمه هم اليوم من يتباكى عليه ويحاولون أن يثيروا الاحقاد ضد الذين حققوا العدالة واعدموه جراء جرائمه. إذا كان تأريخ البشرية على امتداده قد شهد الآلاف من المضللين والانتهازيين والمرتزقة، فان ما هو مستغرب في التأريخ الحديث هو أن من كانوا بالأمس يهاجمون صدام ويعدون أنفسهم من معارضي نظامه الدكتاتوري الاستبدادي، نراهم اليوم يدافعون عنه، ويعدونه (مظلوما) وهو الظالم و(ضحية) وضحاياه بالملايين..فكيف يجوز هذا؟! وكيف يستخف هؤلاء المعترضون والسيؤون بعقول الناس؟!خصوصاً أن التأريخ الاجرامي لصدام لم يحدث قبل ألف أو حتى مئة عام، بل لا يزيد يوم سقوط صدام ونظامه على أربعة اعوام؟.
كيف لهؤلاء (السياسيين) العرب الذين ناصبوا صدام العداء وحرضوا عليه، بل وشاركوا في اسقاط نظام..كيف لهم أن يقنعوا الناس بأن كل ما كانوا قد قالوه وصرحوا به هو كذب وافتراء على (حمامة السلام) صدام.وإذا ما كان كل ما قالوا فيه منذ ثلاثين سنة وحتى يوم 30/ 12/2005 هو كذب، فكيف يقتنع المواطن العربي بأن ما قالوا فيه بعد هذا التأريخ القريب هو الحقيقة؟!
وحتى معارضي نظامه من العراقيين الذين ظلوا ينبجحون بمظلوميتهم على يد الطاغية صدام-كما كانوا يصفونه- كيف لهم ان ينقلبوا هذه الانقلابة المثيرة وان يستديروا هذه الاستدارة البهلوانية واذ هم يقولوا: الان ان صدام مات(شهيداً)!! وهل يعقل ان يكون صدام شهيداً؟!! واذا كان الامر هكذا حسب برنامج بعض اشخاص المعارضة العراقية السابقين فماذا ابقوا للشهيد اذن؟! وهل يجوز لهم ان يحشروه في خانة الشهداء والصديقين وبنفس الوقت يقولون عن ضحاياه وهم بالملايين بأنهم شهداء؟! وكيف يستوي ان يكون القاتل والفاسق والمجرم والعتل الزنيم شهيداً واولئك الذين قتلهم بالكيماوي او دفنهم وهم احياء في المقابر الجماعية او مثّل بهم وقطّع اجسامهم وهم احياء شهداءً؟! كيف؟.. وكيف.. وكيف..الخ؟!
لكن ما عرف- كما ذكرنا- عن المنافقين انهم ظلوا طوال عمر البشرية يقولون شيئاً اليوم ويخالفونه غداً، وهكذا هو ديدنهم وتلك هي مسيرة حياتهم الحافلة بما هو سيء.. اولئك لا فرق بينهم حين يكون واحدهم حاكما او محكوماً؟ فالمنافق فوق اكبر المناصب وكذلك موقعه في الحضيض.. هكذا هم تراهم في كل زمان ومكان.. ولكن حيثما تجدهم لا تجد غير نفوس وضيعة تباع وتشترى.. وهذا وحده يكفينا ويصبرنا على مواجهة حملات التضليل والكراهية التي يثيرها المنافقون والمرتزقة.. وانا لله وانا اليه راجعون.
https://telegram.me/buratha