ان هذه ليست المرة الأولى التي تقف فيها هيئة علماء السنة موقفا كهذاالموقف ( بقلم : جواد النادر )
استغربت كثيرا للمنحدر الذي تنزل فيه هيئة علماء السنة نحو هاوية الانحطاط والانحراف يوما بعد أخر ، لتؤكد فيه أنها اختارت لنفسها ان تقف بالضد من إرادة الشعب وتقف مع الإرهاب ان لم نقل أنها هي الممولة له والراعية له ،والذي يتابع ويقرأ موقف الهيئة من كل التطورات التي مر بها العراق خلال السنوات الثلاث المنصرمة يستطيع ان يكتشف هذه الحقيقة .وفي الوقت الذي كان فيه الشعب العراقي ينتظر بفارق الصبر انباء سارة عن نجاح القوى السياسية في الاتفاق على تشكيل الحكومة وانعقاد البرلمان يخرج لنا مثنى حارث الضاري في حوار مع إذاعة ال BBC بتفاهات وفي منطق يخلو من المنطق ليكيل الاتهامات والشكوك على الحكومة المقبلة وإنها حكومة غير شرعية وغير ممثلة للشعب ، وهذا نهج اعتمدته الهيئة ولا تزال تعتمده ،وظهر مثنى أمام المحاور له من الإذاعة ضعيفا خاليا من أي قدرة على الإقناع وخاليا من القناعة بأي كلام يقوله ، اذ بدا المحاور أكثر منه حرصا وفهما للواقع العراقي ، وعندما وجد نفسه غير قادر على تقديم مبرر مقنع لاتهام الحكومة عاد من جديد ليعلق غسيله القذر على شماعة الاحتلال والقول إن هذه الحكومة شكلت تحت الاحتلال .ولكنه يدرك جيدا ان منهجهم وسياستهم هي التي أعطت للاحتلال مبرر البقاء في العراق مدة أطول .
ان هذه ليست المرة الأولى التي تقف فيها هيئة علماء السنة موقفا كهذا الموقف ، فقد عالجنا في مقالات سابقة بعض هذه المواقف ، واليوم نحاول ان ندخل من خلال التذكير بموقف الهيئة من تشكيل الحكومة الجديدة لنقرأ موقفها من الدستور العراقي الذي صوت له الشعب ، لنتأكد من المسار الخاطئ والمدمر الذي تعتمده الهيئة في الوقوف ضد إرادة المجتمع وضد أمنه واستقراره وحياته .وفي موقفها من الدستور تعكزت الهيئة أيضا على موضوع الاحتلال في رفضها لمسودة الدستور ، وأصدرت البيان رقم 144 في الثاني عشر من اب عام 2005 في محاولة لتعطيل العملية السياسية ، اذ ترى الهيئة في بيانها ان أي عملية سياسية لا يمكن ان تتم في ظل وجود الاحتلال،وان النظر في الدستور وفي المسائل المهمة منه المتعلقة بمستقبل العراق يكون صاحب الكلمة الفصل فيها هو الشعب العراقي بكل مكوناته واطيافه ، لكنها ترى ان ذلك يجب ان يكون في ظل ظروف طبيعية بعيدة عن تاثير الاحتلال ، ومن هنا نلاحظ ان الهيئة بدلا من ان تعمل على خلق هذه الظروف الطبيعية من خلال مبدا ومنطق الحوار والعمل السياسي وتحقيق الأمن ، نراها تديم وتزيد من مدة بقاء قوات الاحتلال من خلال عرقلتها للعملية السياسية وتشجيع الإرهاب .بل إننا نلاحظ ان الهيئة وظفت كل جهودها من اجل تعطيل المصادقة او الاستفتاء على الدستور ورفضه رفضا مطلقا ، ودعت في بيانها المرقم 148 انها تحمل الجمعية الوطنية المسؤولية التاريخية والشرعية والوطنية التي تترتب على إقرار هذا الدستور ووصفت العملية السياسية بأنها تحوم حولها الشبهات .
وعندما أعلن الحزب الإسلامي العراقي موقفه وموافقته على الدستور ، أصدرت الهيئة بيانها المرقم 169 في الثالث عشر من تشرين الأول عام 2005 وصفت فيه الحزب بانه خرج عن الاتفاق ، وواعلنت انها ترى ان الدستور مبني على تقسيم العراق وضياع هويته ووصفته بالطائفية وزرع الضغائن ، ودعت الهيئة الى رفض الدستور بكل الوسائل المشروعة ،ومن جانبه أعرب عبدالسلام الكبيسي عضو الهيئة عن أسفه إزاء ما وصفه بخروج الحزب الإسلامي عن الاتفاق بشان مسودة الدستور ومقاطعة التصويت علية او التصويت بلا ووصفت المسودة بانها صفعة ومؤامرة كبرى .
فهل ان الرؤيا لدى الهيئة معدومة بحيث تخيب ظنونها وتأتي النتائج بعكس ما ترى وتنظر ، ام انها تشعر وتدرك ان الديمقراطية والأمن والسلام والاستقرار والتطور تطيحان بأحلامهم المريضة ، فهذا الدستور قد اقره الشعب وانبثقت عنه حكومة شرعية مثلت فيها كل أطياف المجتمع وبدأ الحديث عن مسعى جدي لانسحاب القوات الأجنبية ، فاين تضع هيئة علماء السنة نفسها من هذا التطور وهذا المسار، فقد رفضها المجتمع العراقي وحتى السنة انفسهم لا يرون فيها مؤسسة سياسية او دينية تمثلهم ، فقط نقول ان برنامجهم ينسجم مع البرنامج والمخطط الإرهابي التكفيري الذي يعمل وفقه ألزرقاوي .
جواد النادر
https://telegram.me/buratha