( بقلم : عبد الرزاق السويراوي )
قد يتبادر لمن يقرأ عنوان هذا المقال ,أنّه يستبطن نفساً طائفيا أو مذهبيا , ولكي لا تذهب الظنون والتصورات بما لا نقصده , أسارع بالقول بأن الإعلاميين وبعض السياسيين المقصودين , هم من غير العراقيين .. يوم كان الطاغية يغدق بأموال العراقيين التي حرمهم منها , لينفقها على الكثير من الجهات المعروفة , هذه الجهات التي كان البعض منها محسوبا على الإعلاميين العرب ( الكبار) والبعض الآخر كانت جهات سياسية هي الأخرى من ( الكبار ) أيضا .
وكان الثمن المقابل لهذه الأموال , هو أنّ هؤلاء صيّروا من الطاغية بطلا قوميا , فاق ببطولاته السابقين واللاحقين والذين لم تلدهم أمهاتهم بعد, والى جانب هذا الزيف الإعلامي وبذات الحسابات المشار اليها , فأن نفس هذه الجهات كانت تغض طرفها , وتعقد لسانها , وتصم آذانها عما كان يقوم به الطاغية وأزلامه من إعتقالات عشوائية ومن إعدامات على التهمة ومن دون أيّ محاكمة , بحق العراقيين , وبحق الشيعة منهم بشكل خاص , وقد وصلت الوقاحة بهؤلاء بعد السقوط حينما ظهرت العشرات من المقابر الجماعية للشيعة , أنهم برروا بعذر أقبح من الفعل وأدعوا أنّ هذه المقابر أحتوت مَنْ خرج على السلطة , ووفقا لهذا المنطق فأن من حق السلطة إتخاذ الإجراءات التي تكفل لها حماية نفسها من الغوغائيين الذين نزح آباؤهم أو أجدادهم من الهند !! . في ذلك الوقت كنت أحيانا أعلّل إلتفاف هؤلاء حول السلطة البعثية , بأن إعلام السلطة آنذاك , كان يطغي على أنين المعتقلين في الزنزانات من الشيعة , ويحجب صرخات الذين دُفن البعض منهم وهم أحياء , إضافة الى التعتيم الإعلامي الصارم الذي كانت تفرضه السلطة في الداخل ضد كل ما هو شيعي .
أمّا اليوم , وبعد أنْ سقط الصنم وتكشّفت الكثير من الأوراق و(الكوبونات النفطية) فأننا ما زلنا نسمع ذات الإسطوانة المشروخة مع بعض التعديلات الطفيفة عليها , فبدأنا نسمع بالتخوف من الهلال الشيعي المزعوم , أو أنّ ولاء الشيعة دون إستثناء , لإيران دون شعوبهم وبلدانهم , والأنكى من كل ذلك , أنّ منظمة (إسلامية ) معروفة ولها ثقلها في الساحة العربية والإسلامية , عبّرت عن أسفها وحزنها الشديدين على فقدها مَنْ عاث بدماء الشيعةالعراقيين فسادا , فاعتبرته (( شهيد الإمة)) , وكأنّ الشيعة العراقيين هم من خارج هذه الأمة , ولا ندري , فلربما يعنون بالأمة , تلك التي تشّرفت وصافحت بحرارة , الصهاينة ورفعت على أراضيها , راية إسرائيل خفاقة .
ولكن ... على الرغم من كل ذلك , فأنا أفكر أحيانا ووفقا للمبدأ النبوي القائل إحمل أخاك على سبعين محمل , فأقول : ربما يجهل هؤلاء بعض الأمور, بسبب أن شيعة العراق , ربما لم تُتحْ لهم الفرص الإعلامية الكافية ليحسنوا عرض مظلوميتهم . وعلى ما يبدو أن الشيعة قد إستنْفدوا حتى السبعين محمل , لكن الذي لم يسْتنفدْ , ولا يمكن أن يستنفد , هو قوله تعالى : سيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون .
https://telegram.me/buratha