( بقلم : عبد الرزاق السويراوي )
حقّا أن مصيبة الشعب العربي في حكامه كما يقولون , وهذا بالتأكيد ليس إكتشافاً جديدا , وإنما هو حقيقة يعرفها الجميع , بما في ذلك طبعا , الحكام العرب أنفسهم , خصوصا عندما يتبادلون التهم فيما بينهم بخصوص تجنّي البعض منهم على شعوبهم , وذلك أثناء إحتدام الخلاف في مؤتمرات القمة التي بات الكثير من العرب فضلا عن الأجانب , يتندرون بنتائجها ويطلقون بتهكم مقولة : " إتفقوا على أنْ لا يتفقوا ". ولكن عبارة " الحكام العرب " فضفاضة , قد تضع المعنى حصراً في شخص الحاكم نفسه, وهو صحيح , ولكن الصحيح أيضا , أنّ عبارة " الحكام العرب " تشمل أيضا شرائح أخرى من المسؤولين الذين يشغلون عادة مراكز مهمة من مؤسسات الدولة , فهم بلا شك , من الحكام أيضا .
أسوق هذه المقدمة البسيطة , لأنّ المعنى الثاني الذي أشرت إليه قبل قليل , يشمل مستشار الأمن السعودي , الذي جعل من نفسه داعية لشرّ مستطير والعياذ بالله , يرفضه كل مسلم من الشيعة والسنة في العراق , الذين يرفضون كل أسباب الإحتقان الطائفي , وذلك عندما نشر مقالا في الواشنطن بوست , عبّر من خلاله ودون أيّ مسوغ مقبول , عن السعي لتأجيج الفتنة الطائفية والدعوة الى الأقتتال بين أبناء الشعب الواحد من العراقيين, حيث أعلن صراحة بأنّ السعودية , وفي حالة تعرض السنة في العراق الى هجوم , فأنها ـ السعودية ـ سوف لا تقف مكتوفة الأيدي إزاء هذا مثل الهجوم , وأنما ستمدّ يد العون , بالمال والسلاح .
ولا ندري على ماذا إعتمد هذا المستشار في إستنتاجاته أو قراءته طالما أنّ الشيعة والسنة في العراق يتعرضون الآن لأبشع العمليات الإرهابية القادمة من وراء الحدود , هذه الحدود التي يعرفها بالتأكيد المستشار أكثر من غيره , بناء على ما يشغله من مركز أمني !! ونتيجة لهذا الخطاب الإستفزازي , فأن الحكومة السعودية وجدت نفسها مضطرة للتنصل عنه وإعتبرته وجهة نظر شخصية لا علاقة لها بالموقف الرسمي للحكومة !.
ولكن بودّي هنا أنْ أذكّر المستشار بهذا التساؤل : إذا كانت تصريحاتك هذه منطلقة من حرصك على سنّة العراق بإعتبارهم من المسلمين , أفلا يجدر بهذا الحرص أن يكون واحدا على جميع العرب المسلمين , فأين كنت قبل أشهر , عندما هاجمت إسرائيل لبنان وقتلت ودمّرت كل شيء ببوارجها الحربية وبطائراتها وصواريخها ؟ أوَ ليس فيهم من المسلمين ؟ ومن السنة بالذات ؟أمْ أنّ لك رأي آخر وقد أُعلن عنه في أثناء الهجوم على لبنان ؟ ولا نريد أن نسأل أيضا عن المسلمين في فلسطين وما يتعرضون له من إبادة , أفلا يتحرك في ضميرك الحرص عليهم لتمدّ يد العون لهم ؟ . قبّح الله الحقد , حين يستعر في داخل النفس الأمارة بالسوء فيمنعها عن رؤية الحق رغم سطوعه .
https://telegram.me/buratha