( بقلم : عدنان آل ردام العبيدي / رئيس تحرير صحيفة الاستقامة / رئيس اتحاد الصحفيين )
تميزت العملية السياسية العراقية بمميزات عديدة تمنحها لوناً خاصاً عن مثيلاتها في المنطقة العربية والاقليمية. فالمعروف في كل التجارب السياسية القديمة والحديثة التي تعيشها المنطقة انها جعلت من الملف الامني ملفاً محتكراً داخل اقفاص السلطة التنفيذية دون ان يعطى الحق للاطراف الاخرى بالاطلاع عليه او المشاركة فيه، لكن الامر بدا مختلفاً تماماً في العراق بعد تأسيس المجلس المذكور والذي بات يعرف بالمرجعية الامنية للحكومة العراقية بالرغم من ان الحكومة العراقية لديها مرجعيات امنية متخصصة اخرى عدا وزارتي الدفاع والداخلية وملحقاتهما الاستخبارية كوزارة الامن الوطني او مستشارية الامن القومي.من الطبيعي ان دولة تريد ان تتخلص من ارثها السيء ان تعمل بكل الاتجاهات التضامنية لكن ايضاً يجب ان يكون عملها خاضعاً لقياسات وضوابط ادارية وسياسية ورسمية، والدولة العراقية الحديثة عندما انتهت من صياغة او تشكيل سلطاتها الاساسية الثلاث وبدأت تتجه بكثافة نحو الملف الامني انما ارادت ايضاً ان تسحب البساط من تحت اولئك الذين كانوا يرون بأن العملية الامنية تسير بقدم عرجاء - أي انها حاضرة هنا وغائبة هناك - وهذا بالطبع ليس صحيحاً.
المفارقة ان هنالك بعض الاطراف المنضوية داخل اطار المجلس السياسي للأمن الوطني قد تكون هي دون غيرها مسؤولة بشكل او بآخر عن الكثير من الخروقات الامنية والعمليات الارهابية التي تقوم تحت عنوان المقاومة، وعندما نشير الى تلك الجهات فنحن بالتأكيد لا نعني بأنها طرف فيها، لكنها الاكثر تأثيراً ومعرفةً بهذه المجاميع التي عادة ما تجعل من الاسواق الشعبية والمدارس ومحطات الوقود وغيرها من المؤسسات الخدمية اهدافاً سهلة لها، هؤلاء ينبغي عليهم ان يمارسوا ضغوطاً استثنائية على تلك المجاميع ان لم نقل بأن مسؤوليتهم ينبغي ان تكون مضاعفة في كشف اولئك بعناوينهم واسمائهم، لكن ان ينبري بعض هؤلاء ويصرح للوسائل الاعلامية بأننا منحنا رئيس الحكومة سقفاً زمنياً لتحسين الاوضاع الامنية في البلاد وهو يعتبر ثلاثة ارباع ما يحصل ضرباً من ضروب المقاومة، فهذا امر يحتمل الكثير من الغرابة والدهشة.
العملية الامنية في العراق لا تخضع لسقوف زمنية فيما اذا اصبح العراق قاعدة للقاعدة وفيما اذا تحولت تخوم بغداد الى امارات طالبانية والبعض منَّا يصفق لهذه الظاهرة والآخر الاقليمي يمدها بما يمتلك من صواريخ وعبوات وألغام ويستضيف قنواتها التلفازية السخيفة.
السقوف الزمنية التي يتحدث عنها البعض ينبغي ان يعطى لكل شريك ما زال حتى اللحظة الراهنة لا يستطيع تحديد موقفه ان كان مع من يريد لهذا البلد ان يستقر ويصل الى بر الامان ام انه جزء او شريك "للمقاومين" الذين تطور عملهم وباتت لهم فضائية تذكرنا بأمجاد "صدام وقادسيته"!! فضلاً عن محاولاتها العاثرة باعادة نفس انتاج الخطاب الذي يشابهه سوءاً الا الذين يرددون ويهزون اكتافهم على ايقاعات يستحي ممن كتب نوتاتها في يوم ما.
https://telegram.me/buratha