( بقلم : علي حسين علي )
قبل عام تقريباً عندما اشتدت العمليات الارهابية وراحت تحصد ارواح العراقيين بالمئات يومياً.. اطلق سماحة السيد عبد العزيز الحكيم زعيم الائتلاف العراقي الموحد ورئيس المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق دعوة مخلصة صادقة لتشكيل لجان شعبية في كل حي وفي كل منطقة تتولى حماية امن المواطن وتحفظ حياته.. ولو عمل بهذه المبادرة منذ وقت طرحها سماحة السيد الحكيم لكان امن المواطن افضل مما هو عليه الآن.الفكرة بسيطة وسهلة التطبيق ولكن نتائج تطبيقها عظيمة ومثمرة وفعالة ايضاً.. الفكرة تقول بأن لأهل أي منطقة اختيار من يرونه مناسباً من ابنائها لتولي حماية هذه المنطقة بما يتوفر له من معدات بسيطة واسناد شعبي كبير من لدن ابناء المنطقة ذاتها وبما للقائمين من اطلاع على مداخلها ومخارجها ومعرفة الغرباء الذين يفدون اليها ومراقبة المشبوهين حتى وان كانوا من ابنائها.. كل ذلك يحصن المنطقة ويجعل من اختراقها امراً صعباً ويعسر دخول الغرباء اليها ايضاً.
وقد يأخذ بعض ذوي الاهداف المبيتة على ان تشكيل اللجان الشعبية قد يوسع من دائرة الميليشيات او هي ميليشيات محلية، والرد على هكذا طرح هو ان اللجان الشعبية في المناطق لن يكون عملها ونشاطها الا في حدود مواجهة الارهاب وهذا امر لابد ان يتفق عليه مسبقاً من قبل جميع ابناء المنطقة اولاً، أما الامر الثاني وهو الاهم فان نشاطات اللجان الشعبية في المناطق او الاحياء لابد وان تكون متناسقة مع الاجهزة الامنية الحكومية وليس بعيداً عنها وهي – أي اللجان الشعبية – ليست بديلاً عن الاجهزة الامنية انما ظهيراً لها.من هنا تكون المزاعم القائلة بان اللجان الشعبية ما هي الا ميليشيات مسلحة فاقدة لأي مصداقية.. فهي – اللجان الشعبية – محدودة التسليح ومحددة الواجبات، ومقيدة بالقوانين وملزمة باحترام حقوق الانسان ومثل هكذا شروط وقيود لا يمكن ان تجعل منها ميليشيا او ما يشبه ذلك.
اضف الى كل ما سبق فان اهمية وجود اللجان الشعبية في المناطق والاحياء لأبد ان لا يقتصر على طرف او مكون واحد من ابناء هذا الحي او المنطقة، فالمنطقة التي تتداخل فيها المكونات ينبغي ان تتنوع لجانها الشعبية ايضاً وتضم جميع مكونات المنطقة بين صفوفها وهذا رادع اضافي يحول دون خلق ميليشيا جديدة اما المنطقة التي لا يوجد فيها الا مكوناً واحداً كأن يكون شيعياً او سنياً او غير ذلك كما في بعض مناطق بغداد فان اللجان الشعبية فيها تستحضر من هذا المكون مع التأكيد على التزام اللجان تلك بالاجهزة الامنية في المنطقة من جيش وشرطة والعمل معهما وبعلمهما ويإسنادهما.
ولعل اهم ما يمكن استخلاصه من نتائج ايجابية في حال تشكيل اللجان الشعبية هو اعطاء فرصة كبيرة للجيش والشرطة في التوجه الى حواضن الارهاب مباشرة بالهجوم عليها، وترك الدفاع عن الاحياء والمناطق الى اللجان الشعبية للقيام به لحماية المواطنين.. وبذلك تتفرغ الاجهزة الامنية للمهمة الكبرى لاجتثاث الارهاب الصدامي التكفيري، ويتاح لها باستغلال اسلحتها وافرادها لمواجهة خصم محدد ومعروف لديها مكانا ووجودا.ان الاعمال الارهابية الاخيرة التي حصلت في بغداد في الاسبوعين الماضيين تستدعي العودة الى فكرة تشكيل اللجان الشعبية التي يصعب على الارهابيين اختراقها وكذلك يصعب على الاجهزة الامنية ان تتابع كل ارهابي حين يخرج من حفرته وحتى تنفيذ مهمته.. فاللجان الشعبية كفيلة بهذه المهمة وقد اعطت تطبيقاتها في بعض محافظات اقليم الوسط والجنوب اكثر من دليل على نجاحها وصواب السير على تعميمها.
والآن وبعد ان تم الاتفاق على اطلاق يد الحكومة العراقية في تصريف الملف الامني نعتقد بـأن اللجان الشعبية ربما تكون حلا مناسبا لمحاصرة الارهاب ومنع تسلله الى مناطق معينة بتكليف ابنائها بمهمة حمايتها مع احترامنا الشديد بالحرص الذي تبديه الاجهزة الامنية وتقديرنا الكبير لتضحياتها.. فلولا ذلك الحرص والتفاني الذي ظهرت عليه، ولولا تلك التضحيات التي قدمتها، لكان امرنا اليوم غير ما هو عليه الان.. ولربما فقدنا الامل بأي صلاح للامر.
واخيرا، نعود ونؤكد بان اللجان الشعبية هي بالنتيجة حماية ذاتية يقوم بها ابناء المنطقة متطوعين بذلك بدون ان تكون اية انتهاكات للقوانين ولا تجاوزات على حقوق المواطن، بل هي حماية لهذا المواطن وتأميناً لسلامته.
https://telegram.me/buratha