( بقلم : عبد الكريم الجيزاني )
هناك العديد من الملفات التي تفرض نفسها على الساحة السياسية العراقية بمختلف اطيافها وانتماءاتها وهي بلا شك تشكل الهاجس الاول لعموم العراقيين خاصة في هذه المرحلة التي اتسمت بتحرك سياسي ودبلوماسي على دول المنطقة وعلى الدول الخارجية الغاية منها هو الحصول على دعم واسناد العملية السياسية وايجاد العوامل المساعدة والمساندة لهذه العملية التي قطعت اشواطاً كبيرة سواء على الصعيد الداخلي على مستوى المجلس الرئاسي او مجلس الوزراء او مجلس النواب اوعلى المستوى الاقليمي الذي ابدت من خلاله العديد من الدول مساندتها للشعب العراقي ولقواه السياسية التي شكلت حكومة الوحدة الوطنية.
هذا التحول الجديد في مواقف بعض الدول الاقليمية سوف ينعكس بشكل ايجابي في التعاطي مع ملفات اخرى كالعنف الطائفي وملف الارهاب وايجاد السبل والاليات التي ستحد من جماح الشد الطائفي وتقف بوجه الارهابيين التكفيريين والمتعاونين معهم من الصداميين المجرمين.
القوى السياسية العراقية وازاء هكذا تحول لابد لها ان تتحرك باتجاه تعزيز هذه التحولات من خلال ايجاد صيغة مشتركة او تشكيل جبهة معتدلة تقف بوجه المتطرفين الذين لا تخلو اجندتهم السياسية من محاولات اشعال نار الفتنة والاقتتال بين ابناء الشعب الواحد تحركها اصابع خارجية لا علاقة لها بمصلحة العراقيين بقدر ما يؤمن لها ذلك عدم انتقال التجربة الديمقراطية التي قد تهز كياناتها الحاكمة.
العراقيون يعتقدون ان الاعتدال في المواقف هو الحل الامثل لكافة الازمات السياسية والامنية وهو الحد الفاصل بين من يريدون ان يساهموا في بناء العراق الجديد وبين من يريدون اجهاض هذه التجربة الرائدة حسب قاعدة ان التطرف لا يلد الا التطرف، وهذا ما سيدعم ويعزز استتباب الامن والاستقرار ويبعد شبح وقوع الحرب الطائفية التي ما فتىء البعض يعزف على وترها صباحاً ومساءً لتمرير اجندته الخاصة.
ان ايجاد ارضية صلبة تقف عليها قوى الاعتدال السياسي هي في متناول ايدي العراقيين الحريصين على دماء شعبهم وعلى ثروات بلدهم وهذا ما سيمنع التدخلات الخارجية في الشأن الداخلي العراقي ويقف حائلاً امام من يريد ان يفرض وصايته على العراقيين تحت عناوين مختلفة ومصالح خاصة،فالعراق الجديد هو ليس عراق الامس الذي كان مسرحاً على الهواء الطلق يدخله من هب ودب ليتدخل في شؤونه ويفرض عليه اجندته ووصاياه على نظامه الاستبدادي الشمولي الذي وضع المنطقة كلها على فوهة بركان كادت ان تحرق العراق ومن حوله بسبب عنجهية حاكميه الذين جاؤوا على ظهر الدبابة.
العراق الجديد هو عراق النظم الديمقراطية الدستورية وهو دولة القانون والمؤسسات المنتخبة الشرعية من قبل ابنائه ولا يمكن لاحد ان يتجاوز هذا البناء الواعد الذي يرتكز على اسس قوية تدعمه الجماهير المليونية التي اختارته، وهذا ما يتطلب من مؤسساته الدستورية ان تشكل جبهة معتدلة ضد كل من يريد الشر والتطرف.
https://telegram.me/buratha