ورث النظام العراقي الجديد وضعا اقتصاديا مأساويا مثقل باقتصاديات الحروب وما اكثرها على الوطن المبتلى, لم يكن هناك اهتمام سوى بالتصنيع العسكري الذي اثقل الدولة بمشاريعها الفارغة والتي دمر اغلبها من قبل مفتشي الامم المتحدة اثناء فترة الحصار الاقتصادي , وما شهدته الصناعة من جمود وتدهور نتيجة تسرب وهجرة الخبرات العلمية والفنية التي كانت تمسك بالحركة الصناعية لانخفاض الرواتب والاجور و تراجع مستوى الاداريين والعمال لخبراتهم المحدودة وسط التطور الذي يشهده العالم والاهمال والفساد الذي بدا يدب في مفاصل الدولة منذ ذلك الحين والذي تنامى في فترة تسعينيات القرن الماضي واستمراره الى اليوم ببقاء نفس الرموز واتباع نفس اساليب الرشاوي والمحسوبيات اوالفساد المالي والاداري . اضافة الى اربع ملايين عاطل عن العمل كون عبئا ثقيلا بكل ما في هذا الاقتصاد من تدهور وفساد اثر على الوضع العام الحالي للبلد كما ان تدخل قوى داخلية وخارجية تحاول ايقاف عجلة التغيير الحاصل على كافة الاصعدة سبب العجز الواضح في الاقتصاد العراقي . ويدخل تردي الوضع الامني الان في مقدمة اي تدهور يحصل وبمختلف المجالات والمجال الاقتصادي احداها والذي ادى الى تعطيل او الغاء اكثر المشاريع الحيوية , لم يطرأ تغيير كبير سوى زيادة الرواتب لشريحة معينة من الموظفين اما اهمال المشاريع الانتاجية وعدم تشغيلها واغراق الاسواق بالمواد المستوردة اربك الوضع الاقتصادي وادى الى نتائج عكسية. والانفلات الامني اثر تأثير مباشر باستهداف العمال في مناطق تواجدهم والخطف الجماعي الذي يحصل في بعض المناطق والعجز في تقديم والحماية اللازمة لهم , كما واخذت عمليات التخريب والسلب والنهب حيزا كبيرا من التدهور الذي اصاب هذا القطاع ولا يمكن ان يتحسن الوضع الاقتصادي الا بتحسن الوضع الامني الذي يجعل من الشركات الاجنبية او حتى شركات القطاع الخاص التي ترغب المشاركة في اعادة اعمار البلد تتردد للقدوم اليه لاقامة مشاريع خدمية او صناعية او لاجل الاستثمار فيه والنهوض بواقعه . فلو استغلت الحكومة الحالة الامنية المستقرة في المحافظات الجنوبية في تنفيذ المشاريع الخدمية بها وخاصة وهي تعيش وضع مأساوي في مجالاته المختلفة لتمكنت من حل الكثير من المشاكل التي تعيشها تلك المحافظات ولاستقطبت عشرات الالاف من الايدي العاملة التي تعيش حالة البطالة ولانصفت سكانها المحرومين والمظلومين في هذه الظروف التي تؤثر عليهم بشكل مباشر . وفي بداية السنة الجديدة سيتسلم مجلس الوزراء مشروع ميزانية 2007 التي يبلغ حجمها نحو 39 مليار دولار لمراجعتها قبل رفعها للبرلمان العراقي والتي تعتبر اكبر ميزانية تطلق للبلد على مدى تاريخه . فاذا ما استلمت هذه الاموال ايادي امينة وحريصة عليها في التخطيط والتوزيع سوف يتمتع الشعب بثرواته التي كان محرما منها على مدى عقود حكم البعث الفاسد الذي ملئ بها الافواه العفنة وبطون المرتزقة من الاعاربة وغيرهم من عديمي الضمير الذين يبذلون جهود حميمة للدفاع عنه الان . يجب ان تسعى الحكومة الى وضع الخطط العلمية المدروسة لاستغلال هذه الاموال للبناء والاعمار وتحسين الوضع الاقتصادي للفرد العراقي والنهوض به . استقرار الوضع الاقتصادي معناه مقدمه لاستقرار للوضع الامني بتوفير الحياة الكريمة للمواطن وانتشاله من البطالة المتفشية التي تعتبر السبب في انخراط الشباب الى مجموعات ومنظمات مسلحة تسعى الى التخريب والتدمير والتهريب وتوجيههم نحو الاعمال الاجرامية وتعاطي المخدرات التي تعتبر افة خطيرة يجب على المسؤولين والمختصين ان يتابعوا ويعالجوا هذا الموضوع للحد من انتشاره بين الشباب والمراهقيين . ان عجز الدولة بخلق فرص العمل للعاطليين عنه يترتب عليه اثار ومواقف سلبية تؤثر على مسئلة انتماء الفرد للوطن ومن ثم السخط على المجتمع يدفعه الى تحليل اي جرم يقوم به تجاه الاخرين . فاذا ما استوعبت الدولة شبابها وزجهم في عجلة البناء والاعمار خلال السنة القادمة فانها ستحقق تقدما كبيرا على المستويين الامني والاقتصادي وستكتب الحكومة صفحة جديدة من النجاح لانها ستنقل البلد من مرحلة ركود الى مرحلة اخرى من الرفاه الاجتماعي والخدمي وبتشجيع الاستثمار الاجنبي الذي يساعد في التنمية الصناعية وتوسع القواعد الانتاجية وتنوعها وبتشجيع القطاع الخاص وما فيه من تنافس شريف واسناده, وتقدم كافة التسهيلات لتنشيط الحركة التجارية وعدم الاعتماد على تصدير النفط الذي يهرب في نسبة كبيرة منه والنسبة الاخرى بين عمليات الحرق والتخريب وهذا يعني ضرورة تنشيط مجال الزراعة والصناعة والسياحة ((( بعد تحسن الوضع الامني طبعا ))) فهذه المجالات هي التي ترفع مستوى الاقتصاد العراقي وهي السبيل لحل الكثيير من المشاكل العالقة ....