( بقلم : عدنان آل ردام العبيدي / رئيس تحرير صحيفة الاستقامة / رئيس اتحاد الصحفيين )
البعض يوصف وزير الدفاع الامريكي بـ(مهندس) الحرب الامريكية ضد النظام السابق والتي انتهت بعد اقل من عشرين يوماً الى نهاية حقبة صدام عن الخارطة السياسية محلياً واقليمياً ودولياً. بانتهاء الظاهرة الصدامية انتهت معها ظواهر متعددة كانت قد شغلت العالم آنذاك، فبانتهاء تلك الظاهرة انتهت اهم عقدة سياسية دولية عراقية كانت تتمثل بالقرار الدولي 687 الصادر في اذار 1991 على خلفية طرد قوات النظام من دولة الكويت وانطلاق مارثون التفتيش عن اسلحة الدمار الشامل العراقية.
القرار 687 تناوبت على ادارته ثلاثة وجوه سياسية دولية اهمها وزير خارجية السويد الاسبق (ايكيوس) تلاه المتخصص الدولي بهكذا نوع من الازمات الدولية (باتلر) حتى انتهت مهمة اللجنة مع حلول العام 2001 الى المخضرم هانز بليكس.
ومن الظواهر التي اختفت مع ظاهرة اختفاء صدام ظاهرة الحصار الدولي الذي فرض هو الآخر على العراقيين منذ نفس التاريخ تحديداً وجميع العراقيين يدركون كم تركت السنوات العشر من ذلك الحصار الجائر من آثار كارثية تدميرية على الحياة العراقية بابعادها الاجتماعية والثقافية والعلمية والتربوية حتى غدت تلك الفترة وكأنها النقطة الاكثر سوداوية في التأريخ العراقي بقديمه ومعاصره.
ظاهرة اخرى اخطر تلاشت ايضاً مع تلاشي حقبة البعث تلك هي ظاهرة التفرد بالسلطة واحتكارها بشكل مطلق من قبل (المنطقة الواحدة، المذهب الواحد، الحزب الواحد، الاسرة الواحدة) هذه الظاهرة حتى في ظل الانظمة الاستبدادية التي سبقت ظاهرة صدام لم تصل الى هذا الحد من احتكار السلطة وتهميش الآخر وتزداد خطورة هذه الظاهرة مع ازدياد حالات الاضطهاد والملاحقة وانتهاك حقوق الانسان العراقي لاسباب طائفية او عرقية او فكرية او سياسية او غير ذلك من الاسباب.
عودة الى مذكرة رامسفيلد السرية التي قدمها قبل يوم واحد من الانتخابات النصفية والتي انتهت الى فوز الديمقراطيين بمجلسي الشيوخ والنواب حيث انها تشير اولاً الى خطأ سياسة الرئيس الامريكي بوش في ادارة الملف العراقي.
ويستطرد رامسفيلد في مذكرته الموجهة الى الكونغرس وادارة البيت الابيض الى ان السبيل الوحيد لنجاح الامريكيين في العراق هو اعادة تأهيل قوى الامن العراقي وبناء جيش عراقي جديد تسهم الولايات المتحدة في تسليحه بمنظومات قتالية حديثة تمكنه من اداء مهامه في التصدي للجماعات الارهابية وحماية حدود العراق من المتسللين وصولاً الى خفظ القوات الامريكية تدريجياً عل عكس ما يطرح من افكار بخصوص حجم القوات الامريكية او التوجه نحو زيادتها في العراق.
النقطة الاهم في مذكرة رامسفيلد انه كان يصر على تعزيز الامن في المناطق العراقية التي لا تشكل بؤراً للارهاب كي تكتسب حصانة امنية من محاولات اختراقها امنياً، كذلك اوصت المذكرة بأن تتحول هذه المناطق الى ورشة اعمار كنقطة انطلاق نحو بناء هذا البلد وفق اسس وضوابط تكنولوجية حديثة، وهذه رؤية تتفق مع الكثير من الرؤى الوطنية التي تؤكد على ضرورة الشروع باعادة اعمار العراق انطلاقاً من المناطق او المحافظات المستقرة امنياً، لا شك ان هنالك نقاطاً اخرى احتوتها المذكرة قد لا تكون مناقشتها ذات جدوى الا انها باي حال من الاحوال تبقى نقاطاً مكملة للمذكرة خصوصاً ما يتعلق منها بالجانب الاقليمي والدولي او تقديم الاموال للقادة السياسيين ورجال الدين لمساعدتهم في تأهيل مناطقهم امنياً واجتماعياً من خلال وضع برامج خدمية وتربوية وصحية تنتشل العاطلين من التوظيف السلبي الى التوظيف الايجابي، لكن في كل الاحوال نقول حتى وان جاءت مذكرة رامسفيلد بهذه النقاط المهمة الا ان اهميتها مطعون فيها طالما ان الرجل كان يدرك تمام الادراك انه لم يتبق له مزيداً من الوقت في ادارة الرئيس بوش بل تنتفي الاهمية تماماً عندما يكون الرجل قد ادرك ان كل ما تبقى له من الوقت في ادارة البنتاغون هو ثمان واربعون ساعة قبل كتابة المذكرة.
https://telegram.me/buratha