( بقلم : ناجي الغزي )
أن موضوع المصالحة الوطنية موضوع واسع وشامل ولا يمكن اختزاله في جانب معين أو في زاوية واحدة.. حادة أو حرجة , أنما نأخذ هذه الموضوع على اتساع رقعة مفهومه الأخلاقي والوطني النظري والعملي . وان الكتابة من قبل الأقلام الوطنية الشريفة بهذا الموضوع الضروري والجاد جدا - لبلد مثل العراق في هذه الظروف يشد من عضد القائمين على مشروع المصالحة الوطنية و يزيدهم وحدتا وإصرار على تحقيق أهدافه وغاياته والتي تعتبر القارب الامثل لوحدة العراق وشعبه . وان مشروع المصالحة يعتبر مشروع ترميم الصدع الحاصل في وحدة البلد ونسيجه الاجتماعي , وهذا الترميم مسؤولية الجميع وليس مسؤولية الحكومة صاحبة المشروع وعلى جميع مكونات المجتمع المشاركة الجادة في هذا المشروع ضمن آليات ناجعة وفعالة تدفع مشروع المصالحة إلى الأمام وتنقله من حالة التنظير إلى الواقع العملي .
وان مشروع المصالحة الوطنية ضروري جدا لبلد كالعراق يملك كم هائل من التنوع الديني والثقافي والاجتماعي , والذي يمكن من خلال وحدت وانسجام هذا التنوع يشكل نموذج حضاري للتعايش في منطقة الشرق الأوسط . ورغم النوايا الحسنة التي تبديها الحكومة صاحبة المشروع , إلا أنها تحتاج إلى خطوات عملية وعلمية - إضافة إلى القدرة والإرادة من قبل القائمين على المشروع والمتلقين له , وعلى الحكومة صاحبة المشروع خلق آليات وورش عمل مرنة وبسيطة لخلق مناخ وطني نقي يعتمد لغة الحوار والمكاشفة والمصارحة وتشخيص مفاصل الخلل التي تحول دون اندماج الآخرين في مسيرة الدولة الجديدة والأيمان المطلق في العملية السياسية القائمة , وعلى الأطراف المختلفة أن تتلقى هذه المبادرة بروح وطنية متفهمة وعاقلة وان تعدل من خطابها السياسي بما ينسجم مع أطار الحكومة صاحبة الدولة , وذلك يعود لمصلحة الوطن ومن اجل التقليل من الاحتقانات المتوترة في الشارع السياسي" الطائفية والعرقية " وعلى جميع الأطراف أن تبدي استعدادها لطي صفحة الماضي وان تقدم دراسات مجدية لإمكانية تفادي الأخطاء في حياة المجتمع العراقي مستقبلا , وان تستفيد كل القوى السياسية المتخاصمة من فترة الركود والبرود الذي انتاب الكثير منها بعلاقاتها ببعضها البعض أو بعلاقتها بمكونات الشعب وان تعيد قراءة المشهد السياسي بعقلانية واضحة ورصينة وتبادر بانتقاد نفسها قبل غيرها , وان تصلح ما أفسده الدهر في تلك العلاقة التي دفع ضريبتها المواطن العرقي البسيط ثمنا غاليا . وعلى منظمات المجتمع المدني أن تساهم في تقريب وجهات النظر بين الأطراف المختلفة وتقليل الاحتقان الطائفي من خلال خلق قنوات اتصال وتواصل مع أبناء الشعب الواحد . عن طريق منافذها المؤثرة داخل المجتمع العراقي وتقوم الحكومة بالدعم المالي والسياسي لها.
فالمنظمات الرياضية والفنية والاجتماعية والسياسية والتجارية والصناعية ونقابات العمال والتجمعات النسوية والشبابية المنتشرة على جغرافية العراق بمجموعها تشكل التنوع الطبيعي في المجتمع والتي هي أساس المجتمع المدني في أي بلد . وان من ايجابيات المصالحة هو تفعيل الحراك السياسي في المجتمع ورفع الوعي السياسي لدى المواطن العادي وتقلل الاحتقان القائم بين الحكومة والفرقاء السياسيين وهذا يعود بالنفع والاستقرار على الوضع السياسي والاقتصادي للبلد والانتعاش الاقتصادي ورصد حركة أموال الدولة من صادرات وواردات , والمصالحة هي البديلة للمؤامرات والنزاعات الغير مجدية للشعب والدولة , وان القبول بها يعني فتح أبواب المفاوضات في مجال توزيع السلطة في المناطق الرخوة والساخنة وتوزيع عملية أعمار البلد المهشم وتوزيع موارده المالية بصورة ناجعة وفعالة والاستفادة من طاقاته البشرية ,وان هذه المبادرة التي جاءت من قبل الدولة والتي هي مصدر صنع القرار هو دليل على روح التسامح الذي تمتلك الحكومة وشعورها بمشاركة جميع الأطراف في العملية السياسية وقبولها بالطرف الآخر, ووضع حل وحد للحالة الشاذة التي تعيشها القوى المختلفة مع الحكومة .
وهذا دليل على التقدم الفكري لدى السلطة الحاكمة وان الذين ينحون بأنفسهم جانبا !! هؤلاء يحولون دون تحقيق مشروع المصالحة الوطنية ويتربصون لهذا المشروع الوطني بتفسيرات وتحليلات خاطئة , لا مصلحة لهم في المجتمع سوى زرع الفوضى وإغراق البلد في ظلام دامس , وهؤلاء هم الواهمون الذين يحلمون بعودة الحياة إلى ما قبل الصنم وهذا يكاد يكون في ضرب الجنون والمستحيل , لان عجلة الحياة السياسية تقدمت أشواطا والأوثان تهدمت والحقائق كشفت وما عليهم إلا الصحوة من الأوهام ومواجهة أنفسهم وإقناعها قبل ملامسة الحقيقة الواقعية التي أخذت طريقها إلى مستقبل الأجيال ,و من يريد الركوب في قارب النجاة الامثل "المصالحة الوطنية " يريد لنفسه الكرامة والعافية وللعراق الأمن والسلام , أن دولة العراق الجديد طالما تحسن النية وتقدمها بروح وطنية تسامحية اتجاه أبناءها دون تمييز تستحق المساندة والدعم من أرواحنا قبل أقلامنا وفعلنا قبل كلماتنا , لا نريد أن نكون أبواقا للسلطة والنظام !! ولكننا نريد أن لا تتكرر غلطة الزمن الغابر مرة أخرى , وان تنجب لنا الأقدار دكتاتور آخر بقناع آخر ,
https://telegram.me/buratha