زهراء الحسيني
اثبتت سيرة ومسيرة عزيز العراق انه القائد الاستثنائي الذي نجح في ادارة الازمات وفك الاختناقات السياسية وبراعته في ايجاد الحلول العاجلة في ضنك الازمات والتوترات ومرحلة الشد الطائفي التي كادت ان تحرق العباد والبلاد بنار الفتنة الطائفية وشرارة الحرب الاهلية خاصة تلك المرحلة الاصعب التي رافقت اغتيال اية الله العظمى السيد محمد باقر الحكيم (شهيد المحراب) ومشاعر الغضب والانفعال العارمة التي تجاوزت التعقل والحكمة والوعي لادخال العراق الى مستنقع الفتنة الطائفية عبر تعميم الانتقام وخلط الاوراق في اصعب مقاطع العراق حساسية وحراجة حيث كان مختلف الاسلحة بيد الجماهير بعد انتقالها من معسكرات الجيش العراقي السابق الى البيوت والمساجد العراقية وهو ما يصعب ايقاف اي انفلات غاضب او ردود فعل غير منضبطة تطالب بالثأر بطريقة خاطئة.توفرت خيارات عديدة للتعبير عن الغضب الشامل بعد اغتيال شهيد المحراب في المكان المقدس والزمان المقدس وربما يسهم في تعقيد هذه الخيارات هو تردي الوضع الامني وتوفر السلاح بيد الاهالي والجماهير الغاضبة.وربما توفرت امام عزيز العراق خيارات مماثلة لمواجهة الازمة التصعيدية والانفلات المتوقع والثأرات التعميمة واستغلال دماء شهيد المحراب بطريقة مخطوئة كانت تحرص عصابات القاعدة على تأكيدها، ولعل اهم هذه الخيارات لعزيز العراق هو ترك الامور تجري بعفويتها وتلقائيتها وان تعبر الجماهير الغاضبة بطريقته الخاصة دون تدخل من سماحته باعتبار ان السيطرة على مشاعر الشارع امر في غاية الصعوبة وهو ما يعطي التبريرات المنطقية لعدم التدخل في ما يمكن حدوثه بسبب الغضب الجماهيري العارم.ولكن عزيز العراق لم يقف عن هذه الحدود التي تجعله معذوراً امام الله والتأريخ والشريعة لانفعالات الشارع وارهاصات الغضب فشمر عن ساعديه ليسجل وقفة تأريخية في عقلنة الانفعالات وتهدئة المشاعر الغاضبة لمريديه ومناصريه معلناً بكل شجاعة بان الذي استهدفوا شهيد المحراب هم اعداء الشعب العراقي بكل مكوناته مؤكداً التحلي باليقظة والحذر محذراً من الانسياق وراء مخططات الارهابيين والتكفيريين لنسف الوحدة الوطنية والتأخي بين ابناء الشعب العراقي مفوتاً الفرصة على اعداء العراق من احداث ابشع فتنة طائفية في العراق والمنطقة.وما تجدر الاشارة اليه والوقفة عنده هو حرصه الشديد على متابعة الوضع السياسي في العراق رغم اشتداد مرضه وتوصيه اطبائه بضرورة البقاء في العناية المركزة وهذا يحتاج الى رؤية متبصرة علينا التذكير بها وهي ان شعور الانسان واي انسان بمصيره واجله القريب بحسب معطيات الواقع ومؤشرات المرض الذي تفاقم وملاحظات اطبائه فانه ربما يبتعد كثيراً عن اهتمامات واولويات لم تشكل هموماً انية وظرفية لاعتقاده بانه مغادر لا محالة الحياة ولا جدوى في متابعة قضايا بعيدة الامد ستفارقه بالتأكيد وهي ليست ذات جدل في واقعه خاصة عندما يصارع المرض رغم تأكيدات اطبائه بقرب اجله.ويبدو ان رؤية عزيز العراق خارجة عن هذه السياقات السائدة التي يتحلى بها الاخرون من عشاق السلطة والدنيا فهو انما ينظر الى مستقبل الامة دون ان يكون هو المستفيد شخصياً من البناء والمشروع وهذا يفسر لنا بوضوح اقدام علمائنا وقادتنا وتصميمهم على الشهادة من اجل اهداف عليا مقدسة ليس بالضرورة ان يكونوا هم المستفيدين منها وهذا يعزز الايثار والتفاني والاخلاص للمبادىء التي يسعون الى تحقيقها.فقد كان في اخر ايامه وفي لحظات المرض الشديد يفتح عينيه ليستفسر عن اوضاع العراق ويتابع تشكيل الائتلاف الوطني العراقي مستبشراً مبتسماً على سرير الموت وان كانت في قلبه حسرة ولوعة لم تفارقه لو كان الائتلاف الوطني العراقي واحداً غير متشظ الى شظايا غير متآخية بسبب رغبة بعض السياسيين للانفراد بعيداً عن الائتلاف الذي كان عزيز العراق مؤسسه والمتابع لاعادة تشكيله لانه يشعر خطورة ما ستؤول الامور اليه في حالة التشظي والتمزق والتفرق.
https://telegram.me/buratha
