اكرم الثوري
الحديث عن العظماء الراحلين قد يضعنا امام تساؤلات واشارات استغرابية يطرحها الوعي العراقي وقد تثار استفهامات تبدو وجيهة في اغلب الاحيان وهي انكم امة لا تعرف قدر عظمائها الا وهم راحلون نحو السماء وربما تؤبن الامة عظمائها وهم راحلون وتؤنبهم وهم احياء يرزقون وقد يتمادى اخرون بالافراط بالعتب والغضب على الاقلام التي تتفجر تألقاً وهو تكتب عن الراحلين العظماء الذين ربما قصرت عنهم هذه الاقلام وهم احياء.وقد تتسلق هذه الاقلام بفضول الى الخوض في فضل هؤلاء العظماء وانتزاع سجاياهم ومزاياهم في زمن المزايدات والادعاءات وقد تتطفل نفس هذه الاقلام الى تطريز نسيج الطاف هؤلاء العظماء علها ترقى الى مستويات ما ارتقوا اليه ، ظناً منها ان توصيف مسارات هؤلاء الراحلين قد يستصعب البلوغ الى قممها.وقد يكون الحديث عن العظماء الذين حفروا آثارهم وتأثيرهم في ذاكرة ووجدان البشر حديثاً لا يفي ولو بقدر يسير من حقائق واسرار هؤلاء الراحلين وقد يكون هذا الحديث اكثر غموضاً وضبابية عند يغوص في اعماق اولئك العظماء الذين يجعلون اعمالهم لله خالصة لا يريدون منها جزاءً ولا شكوراً لكي تخلص النوايا لله وحده وهو ما يستعسر النيل منها لانها لله وحده وهذا شان اولئك الذين نحاول التقرب الى فتح افاق صفحات حياتهم كالراحل الكبير عزيز العراق حجة الاسلام والمسلمين السيد عبد العزيز الحكيم (رضوان الله عليه).ومن هنا فان سيرة عزيز العراق سيبقى الكثير منها رهن الخفاء والغموض لانه اراد ان تكون جزءاً من سيرته التي اخلصها لله بان تكون لله وحده لا يعلمها الا الله الذي يعلم السر واخفى.وهذا المقطع المهم من سيرة عزيز العراق الذي اختصه مع الله مخلصاً وخالصاً سنغض النظر عنه لانه ذخيرته في اخرته وهو عمل يكاد يكون عبادياً محضاً كعبادته وتعبده في خفاء الليل ومساعدته للفقراء والمحتاجين بالسر الذي لم يرغب بالاطلاع عليه سوى الله لانه كان لله وفي الله.سنؤجل الحديث عن سجاياه ومزاياه العبادية والاخلاقية لنفس الاسباب التي اشرنا اليها وسنركز الحديث حول سيرته السياسية وحذاقته وحنكته في ادارة الازمات والحفاظ على الحقوق وتأكيد الهوية الدينية والمذهبية دون التفريط ببقية المكونات او الافراط في الخصوصيات.توصيفه بالشجاعة والاقدام والتحدي يتمظهر عبر مواقفه في مواجهة النظام البائد وخاصة تلك المواجهة العنيدة التي رافقت اعتقال السيد الشهيد محمد باقر الصدر ووقفته الشجاعة في ظروف الاقامة الجبرية والحصار الظالم على السيد الشهيد محمد باقر الصدر فقد استطاع عزيز العراق كسر هذا الحصار المضروب على الصدر الشهيد بشجاعة فائقة وتواصل مع استاذه في اصعب لحظات المواجهة واشدها حراجة وهذا ما ذكره الشيخ محمد رضا النعماني احد مقربي الشهيد الصدر في ذكرياته وتوثيقة لمرحلة الحصار والاقامة الجبرية على الشهيد الصدر.وقد نطوي صفحات مهمة لضيق المجال عن عزيز العراق في مرحلة المعارضة وادارته لاصعب الملفات الجهادية داخل العراق واشرافه على حركات جهادية كانت تعمل داخل العراق في عهد المعارضة بالاضافة الى ادارة ملف حقوق الانسان وتوثيقه وفضح ممارسات النظام السابق ضد الشعب العراقي وهو ما تم تداوله في الامم المتحدة عبر تزويدها بالوثائق والمعلومات عن خروقات وجرائم النظام ضد حقوق الانسان في العراق.سنتجاوز مقاطع مهمة من حياته في زمن المعارضة وقد لا نتحدث كثيراً عن مشاركته في مؤتمر لندن لتوحيد وتحشيد الجهد المعارض لتغيير النظام والاتفاق على مشتركات واولويات لما بعد سقوط النظام وهي مشاركة تعبر عن شجاعة فائقة وتحد واضح في زمن المزايدات والانفعالات والشعارات الثورية التي تبتعد كثيراً عن الواقعيات وتشذ بعيداً عن ايجاد الحلول العملية للتوافقات السياسية لمرحلة التغيير للنظام البوليسي الاجرامي البائد.ولعل موقفه من ازمة الشد الطائفي ووقوفه الشجاع في حقن الدماء وتوجيه مسارات الانفعال والغضب في الشارع العراقي باتجاه الوحدة والانسجام الوطني يعزز هذه القناعة ونجاحه في تفكيك الاحتقانات الطائفية في العراق.
https://telegram.me/buratha
