حافظ آل بشارة
تحت وطأة درجات الحرارة المرتفعة في صيف لا ينتهي ، وانقطاع شبه كامل للكهرباء، وصيام عسير في ظل الصبر والاحتساب ، تتسع دائرة التشاؤم والخوف في اوساط الشعب العراقي خاصة بعد أن تكاثر الحديث في الاوساط السياسية عن احتمال لجوء الولايات المتحدة بمساعدة الأمم المتحدة الى تشكيل حكومة انقاذ وطني ، فمرور خمسة اشهر على نقاشات تشكيل الحكومة بلا جدوى قد يدفع باتجاه قرار كهذا ، وحكومة الانقاذ تثير قلق الشعب العراقي للاسباب الآتية : 1- تصبح هذه الحكومة بديلا عن الانتخابات وباعتبار الولايات المتحدة هي راعية العملية السياسية تقوم بتعيين اعضاء الحكومة الجديدة ولن تتعب واشنطن نفسها بالتشاور مع الاطراف السياسية كثيرا ستكون غاضبة وتتصرف بتوجيه الاوامر والاملاءات . ستعين الاشخاص الذين تتوقع ان يمتلكوا كفاءة خاصة في ادارة حكومة هي اقرب في شكلها وواجباتها الى حكومة الطوارئ ، وسيكون اكفأ الناس لادارة ملف كهذا اصحاب التجربة القمعية القديمة أي الصداميين او من يشبههم في الوعي والسلوك . 2- حكومة الانقاذ تعني تدويل الملف العراقي حيث يصبح للامم المتحدة دور استثنائي في ادارته استنادا الى حالة الاحتلال وصلاحيات البند السابع الذي مازال العراق يعيش تحت وصايته ، وسيجري على رؤوس العراقيين ما يجري على دولة مدولة لا حول لها ولا قوة يتدخل في شؤونها كل من هب ودب تحت مبرر التدويل . 3- كما ان حكومة الانقاذ تعزز الاحتلال وتلغي انسحاب قواته الى أجل غير مسمى بترحيب شعبي مبني على الخشية من اسوأ الاحتمالات والقبول بأسوأ الحلول . 4- حكومة الانقاذ تعني وقف العمل بالدستور واغلاق مجلس النواب وربما اعتبار نتائج الانتخابات التشريعية الاخيرة ملغاة ، ستكون الحكومة المنقذة اقرب الى الحكومة العسكرية في اسلوبها ، وعندما يخضع بلد مثل العراق الى حكومة انقاذ فهذا يعني نهاية الخيار الديمقراطي وفشل العملية السياسية ، خاصة وان هذه البلاد خارجة توا من قبضة حكم استبدادي وتفتقر للبنية الثقافية الديمقراطية اللازمة لانجاح التجربة ، سيكون هنال الف مبرر لدعاة الحكومة الانتقالية لكي يرسخوا من جديد طريقة الحكم الفردي في البلاد ، وسوف يهيمن الارهاب مجددا وتكون هناك فرصة لاختراق دوائر الحكومة الجديدة من قبل الارهابيين وحواضنهم ، وبدل ان تكون الحكومة للانقاذ ستصبح مطلوبة لمزيد من التدمير ، ستكون الديمقراطية مجرد ذكرى وبشارة موؤودة دفع الشعب العراقي لاجلها قوافل من الشهداء ، ستكون حكومة الانقاذ سحقا لطموحات البلد والشعب ولن تقوم له من بعدها قائمة ، من باب اسقاط الواجب علينا تذكير الساسة بأن الفرصة مازالت قائمة لأعلان مبادرة جريئة وشجاعة وتأريخية يتنازل فيها المعاندون مأجورين لانقاذ العباد والبلاد من هذا المستقبل المجهول واعادة الأمل .
https://telegram.me/buratha
