المقالات

فياضانات باكستان ، والدور "الإنساني" لتنظيم القاعدة وطالبان باكستان


جاسم السعيدي

لا شك ان حجم الدمار والخراب لكارثة فيضانات باكستان أكبر من أن يوصف ، فقد تأثر خمس مساحة البلاد و حوالي العشرين مليون شخص بهذه الكارثة الطبيعية التي وصفت الأمم المتحدة تأثيرها بأنه أكبر من تسونامي عام 2004 الذي أودى بحياة مئات الآلاف ،، وما زاد من حجم المعاناة من هذه الكارثة هو القدرة والإمكانات المحدودة لدولة مثل باكستان التي تعيش منذ سنوات صراعا مريرا مع تنظيمي القاعدة وطالبان باكستان طال تأثيرة كافة نواحي الحياة وجعل من تلك الدولة "النووية" أسيرة ورهينة لصراعها مع منظمات تعمل بأجندات لا يعلمها إلا الله والمطلعون على خبايا هذا التنظيمات ،،إن نظرة سريعة على أداء الحكومة الباكستانية وهذه التنظيمات الإرهابية يكشف لنا عن تناقض غريب بين الآيديولوجية المعلنة لكل منهما والممارسات العملية على أرض الواقع ،، فالحكومة الباكستانية ترفع شعار محاربة الإرهاب وتقف رأس حربة في مواجهته وتعتبرها الولايات المتحدة حليفا استراتيجيا في معركتها الكونية على الإرهاب ، حيث تكاد العلاقات بين البلدين لهذا السبب تتركز في الجانب الأمني والعسكري فقط على حساب الجوانب الأخرى التي اعتادت فيها باكستان سابقا الحصول على دعم الولايات المتحدة ،، ولكننا نجد في الوقت نفسه علاقات مشبوهة بين المخابرات الباكستانية وتنظيم القاعدة او طالبان ، فضحتها الوثائق السرية التي نشرت حديثا واتهمتها بعلاقات مباشرة مع القاعدة وطالبان وبالوقوف وراء بعض الأعمال الإرهابية ،، رغم أن الكثيرين لا تصدمهم هذه الحقيقة نظرا للارتباط العقائدي بين بعض كبار ضباط المخابرات وتنظيم القاعدة و طالبان ، أو لجهة تأثير بعض الدوائر والدول على دور وعلاقة المخابرات الباكستانية مع هذه التنظيمات بما يجعل منها أداة طيعة تخدم الأهداف المرسومة للمنطقة وللعالم.ومن الناحية الأخرى نجد أن تنظيمي القاعدة وطالبان باكستان اللتان بنتا أساس وجودهما على الشعارات الإسلامية الرنانة لم يفرقا بين الحكومة الباكستانية التي أعلنت الحرب عليها وبين المواطنين الآمنين ، فهاهي انفجاراته وأعماله الإرهابية تطال الجميع من دون استثناء ، وهذه الممارسات ليس بغريبة على هذه التنظيمات في جميع مناطق عملياتها من افغانستان والعراق مرورا باليمن والصومال والجزائر وغيرها ،، ولكن الغريب أننا قد توهمنا لبعض الوقت أن حجم الكارثة الإنسانية التي تواجهها باكستان سوف يحرك الضمير أو يعيد الروح في إنسانية هذا التنظيمات التي يبدو أنها فقد وبغير رجعة أي إنسانية أو ضمير أو شعور بالمسؤولية ،، وأنه كارثة بهذا الحجم سوف تقود إلى إعلان هذه التنظيمات وقف أو تعليق عملياتها الإرهابية للمساعدة في التركيز على جهود الإغاثة والإنقاذ ،، فالكارثة كبيرة وجهود المخلصين مطلوبة لإنقاذ مئات آلاف بل ملايين الأرواح من أطفال ونساء وشيوخ ألقت بهم هذه الفيضانات فريسة للعراء والبرد والجوع والأمراض الفتاكة ،، وسرعان ما اكتشفنا سذاجة هذا المعتقد فالدور المرسوم لهذه التنظيمات أكبر من توقفه أو تعلقه معاناة ملايين أشخاص ، فالدور مشبوه وتخريبي بامتياز ولا يقوم به إلا من باع وطنه أو وقع فريسة الجهل والتخلف الأعمى الذي لاخروج منه ،،نعم لقد اتضح جليا لكل ذي بصيرة أن هذه التنظيمات لا تنتمي إلى أي دين أو معتقد إنساني ، فمعاناة الناس وسيلة من وسائلها لتحقيق أهدافها ، بل قد يكون من أهدافها الرئيسية العمل على استمرار معاناة الناس ، ولا يهمها ما يعيشه الناس من هموم أو كوارث ، فهم في واد مع من رسم لهم الدور وأمدهم باسباب البقاء والاستمرار طوال هذه السنين رغم الشعارات الجوفاء والمخادعة التي تدعي محاربتهم والقضاء عليهم ،، والآخرون في واد ضحية للمخططات التي تحاك ضدهم أو فريسة لكوارث نتجت من أختلال موازين الطبيعة التي لم تكن لهم يوما ما يد فيها ،، وهيهات أن يرأف الذئب بفريسته أو يقدم الإرهابي عونا لبلده ،، وهيهات أن نرى قاعديا أو طالبانيا يرمي السلاح ويقدم مواد الإغاثة للضحايا او يمد يد العون لبناء بلده ، واسئلونا نحن العراقيين عن تجربتنا ،، والله المعين.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك