احمد عبد الرحمن
تكفي احداث ووقائع وتفاعلات الشهور الخمسة الماضية للتدليل على حقيقة مهمة وجوهرية، الا وهي ان التصلب والتشدد والتشبث بسقوف ومطاليب وشروط عالية دون النظر الى معطيات الواقع القائم، لايمكن بأي حال من الاحوال ان ينتهي الى نتائج ايجابية وطيبة، بل على العكس من ذلك تماما، فأنه يمكن ان يفضي الى مزيد من التعقيد والمشاكل والازمات التي لايستبعد ان تفضي الى كوارث نحن في غنى عنها.الديمقراطية الحقيقية تقوم من بين ماتقوم عليه من مباديء ومتبنيات، على الالتزام بالدستور والاحتكام اليه عند حصول اختلاف في وجهات النظر، او خلاف في المواقف والتوجهات، وعدم التجاوز عليه وانتهاكه والالتفاف عليه لتحقيق مكاسب وامتيازات خاصة على حساب المصالح الوطنية العامة.وتقوم الديمقراطية كذلك على مبدأ التوافقات السياسية خصوصا في المجتمعات المتعددة القوميات والمذاهب والاديان والطوائف والاعراق، كما هو الحال مع المجتمع العراقي، وتقوم استتباعا لذلك على مبدأ الشراكة الوطنية الحقيقية، وليس المحاصصة وتقسيم كيان الدولة ومؤسساتها بين مجموعة من القوى والتيارات والكيانات وكأن الدولة بكل مافيها مجرد تركة او ارث لعدد محدود من العناوين السياسية ليس الا، وتقوم الديمقراطية كذلك على مبدأ ان المسؤول في اعلى المستويات انما هو موظف حكومي لم يصل الى منصبه الا عبر اليات وسياقات دستورية وقانونية معينة ولفترة زمنية محددة، وواجبه الاساسي والرئيسي هو العمل على توفير افضل ظروف ومقومات العيش الكريم للمواطنين، وتقوم الديمقراطية الحقيقية ايضا على مبدأ التداول السلمي للسلطة وعدم التشبث بها بما بها يتقاطع مع رغبات وارادتالاخرين الذين هم شركاء حقيقيون واساسيون في البلد، وبما من شأنه ان يلحق الاذى والضرر بأبناء المجتمع ويعرض البلاد لمخاطر مختلفة.ولمسنا خلال الشهور الخمسة الماضية ان بعض القوى والشخصيات لم تراعي تلك المباديء ، بل واكثر من ذلك ضربت بها عرض الحائط، مما ادخل البلاد في دوامة خطيرة للغاية من التجاذبات والسجالات والتناحرات، التي ماكان لها ان تقع لو احتكم الجميع الى الدستور، ووضع المصلحة العامة قبل المصلحة الخاصة، ولو لم يتشبث بهذا الموقع او ذلك ويصم اذنيه عن الاصوات الداعية الى المرونة والرافضة لمنهج الاملاءات وفرض الامر الواقع.
https://telegram.me/buratha
