حافظ آل بشارة
بدأ الامريكيون يفقدون صبرهم على ما يجري في العراق من تأخير ، وهناك وفود سرية واخرى علنية وضغوط وتهديدات وايحاءات ، ولأول مرة يبدو القوم وكأنهم أقل ذكاء واكثر تشاؤما وكأن خلافات الساسة العراقيين لم ترهق الشعب العراقي فقط بل ارهقت الامريكيين واصدقاءهم وهذه كفاءة واضحة يجب الاعتراف بها فهم ليسوا بارعين في احراق قلوب العراقيين فقط بل ربما يستطيعون تدمير اعصاب الأصدقاء ايضا ، كان نائب الرئيس بايدن في زياراته السابقة يحمل الى بغداد نصائح وتوجيهات ومجاملات ، ومن بعده تعاقبت على بغداد وفود أمريكية صغيرة وكبيرة ، كما تحدث سياسيون اكثر مساسا بالعملية السياسية مثل السفير الامريكي وقائد القوات وغيرهما ، ولكن الجماعة كانوا يتغابون ، آخر ضيف أمريكي حضر الى بغداد اسمه جيفري فيلتمان ويعمل معاونا لوزيرة الخارجية الامريكية ، الرجل حمل معه هذه المرة مشروعا واضح المعالم ينص على تولي السيد المالكي رئاسة الحكومة ، ولكي لايزعل الدكتور علاوي استحدثوا له منصبا استرضائيا سموه مجلس الأمن الوطني ، وقالوا انهم سوف يعطونه صفة دستورية ، وتوازي صلاحياته صلاحيات الرئاسات الأخرى ، نعم هذه ايضا كفاءة ، بجرة قلم امريكية يظهر لنا رئيس خامس اذ لايكفي ان يكون عندنا أربعة رؤساء : رئيس جمهورية ، رئيس وزراء ، رئيس مجلس نواب ، ورئيس سلطة قضائية ، اربعة لا يكفي ، ما هذا البخل ؟ اربعة رؤساء ونحن بلا أمن ولا كهرباء ولا ماء ولا خدمات ولا مساكن ولا زراعة ولا شغل ولا عمل ، أذكياء اخترعوا لنا رئيسا خامسا ربما تنحل عقدة العراق فيخرج من نفق القرون الوسطى ليشم نسيم الحداثة ، احيانا حظ الرئيس الجديد يصنع المعجزات ، والدول حظوظ ، صحيح ان معدلات اللغف الديمقراطي الاتحادي تزداد باضافة رئيس جديد الا ان الشغل يتطلب ذلك ماذا نصنع ؟ بعض الساسة كانوا قد حذروا من نتائج الخلافات وتأخر تشكيل الحكومة لانه يبرر التدخل الأجنبي وهذا ما حدث ، الورقة الأمريكية الجديدة ستكون أكثر جدية لكن رافضي التدخل يتوقعون انهيار أي مشروع سياسي يولد منها لأن الخلافات بين كتلتي العراقية ودولة القانون عميقة ومعقدة ، بيان للمجلس الاعلى الاسلامي دعا جميع القوى السياسية الى الالتزام بمبدأ الشراكة الوطنية مجددا رافضا الاشتراك في حكومة يهمش فيها أي طرف . ويمثل هذا البيان رؤية سائدة في الشارع ترفض اضافة مناصب سيادية جديدة للارضاء ، لأن سلوكا كهذا يؤدي الى الاستهانة بمقدرات البلد وسيادته ودستوره ويزيد التداخل في صلاحيات الرئاسات وتشتيت القرار الوطني والغاء المركزية بحدها الادنى الضروري لادارة البلاد ، كما يجزئ الملف الأمني بين رئاستين وهو اخطر ما في هذه الصفقة ، ورقة فيلتمان اصبحت جزء من المشكلة وليست جزء من الحل ، وفي هذه الحالات ينصح الحكماء صاحب الورقة بأن يبللها ويشرب ماءها .
https://telegram.me/buratha
