حافظ آل بشارة
سيكون اليوم الاخير من شهر آب الجاري يوما تأريخيا في العراق الذي كثرت فيه الأيام التأريخية ، انه اليوم الذي ستنهي فيه القوات الأمريكية عملياتها القتالية أي حضورها العسكري وتنهي انسحابها تاركة خمسين الف جندي لأعمال التدريب والتطوير ومساعدة القوات العراقية ، ومع وجود أزمة سياسية أمنية يصر الأمريكيون على الأنسحاب ، المشكلة ان هناك شعورا بالخطر يهيمن على الجميع لكنهم يستحون ان يطلبوا من الامريكيين البقاء كان طارق عزيز في سجنه هو الاكثر جرأة عندما دعا الأمريكيين الى البقاء ، يفترض الأمريكيون أن هناك قوات مسلحة عراقية قادرة على تسلم الملف الأمني كاملا بدون أي رعاية أو دعم من أحد ، وجميع المعنيين يؤيدون الفكرة ولكن عمليا يقول خبراء الاستراتيجيا ان القوات المسلحة تكون جاهزة فعلا للقيام بدورها عندما تكون مدربة جيدا ومسلحة ومتماسكة سياسيا وذات استخبارات متطورة ، ويبدو ان جميع العناصر المذكورة مفقودة أو ناقصة ، أي ان البيئة الداخلية للقوات المسلحة حافلة بعناصر الضعف والوهن ، أما البيئة الخارجية فهي بيئة مليئة بالمخاطر والتحديات حيث يتزامن انسحاب القوات الأمريكية مع ذروة الأزمة السياسية الناتجة عن تأخر تشكيل الحكومة ، الأمر الذي جعل القوى الارهابية وحواضنها المحلية والاقليمية تنشط مجددا مستغلة الفراغ السياسي وقد نجح الارهابيون خلال اشهر في اعادة العراق الى المربع الاول في التدهور الأمني ، كما ان بعض القوى المحلية عادت تراهن على الارهاب وما يمكن ان يحققه من مكاسب سياسية لها ضمن أجواء التنافس الحاد على السلطة ، كانت النجاحات الأمنية في السنوات الاربع الماضية قد تحققت بجهود فريقين هما القوات المسلحة العراقية والقوات المتعددة الجنسية الساندة في جميع الشؤون ، واليوم يفقد العراق الفريق الاول الذي اصبح مشلولا بسبب الازمة السياسية وغياب الرقابة ، والفريق الثاني المنسحب حسب جدوله الزمني ، وقد ترك الفريقان ثلمة لايسدها شيء وبزوال المضلة الأمنية وصل النشاط الأرهابي مديات مذهلة ، عادت عمليات القتل الجماعي للمدنيين بسيارات مفخخة وعبوات تستهدف الأماكن المزدحمة ، وهجمات مسلحة على نقاط السيطرة في وضح النهار ، وكان شهر تموز الماضي هو الأكثر دموية وقد يفوقه آب الجاري ، الناس يتحدثون عن كوارث منتظرة خاصة اذا شعرت بعض القوى انها خسرت المعركة السياسية وقررت الانتقام ، الا ان البعض يتحدثون عن احتمال انقلاب عسكري يعقب الانسحاب الامريكي خاصة وأن منفذي الانقلاب والمتحمسين له يملأون دوائر الدولة ومقراتها العسكرية وحتى الدوائر الحساسة لرئاسة الوزراء ، وأمام هذه الحقائق والتوقعات لم يعد مفيدا توجيه النصح أو التحذير الى أي جهة فالوقت متأخر ، المعنيون غير متحمسين لسماع شيء من هذا القبيل لأن الشعب هو الذي يدفع الثمن .
https://telegram.me/buratha
