المقالات

قصة استيلاء الحكومة على شبكة الاعلام /


سعد منصور

يواصل الفساد السياسي فرض هيمنته على اغلب القطاعات الحكومية في العراق ، شبكة الاعلام العراقية واحدة من الحقول التجريبية للفساد السياسي ونشره وتطبيعه ، هذه الشبكة عندما اعلن عن تأسيسها كانت هناك مبررات كثيرة يتداولها القريب والبعيد لتبرير هذا المشروع ، قيل ان الحكومات الديمقراطية التعددية والتداولية المؤمنة بحقوق الانسان لا تملك وسائل اعلام ، وقيل ان الذين اخترعوا النظام الديمقراطي أوكلوا العمل الاعلامي الى القطاع المدني والمؤسسات غير الحكومية لكنهم اعطوا للاحزاب حرية ممارسة العمل الاعلامي بشرط أن لا يشكل تهديدا للأمن أو المنظومة السياسية التي هي تجربة أمة وليست ملكا لاحد ، فيجب اذن ان لا تمتلك الحكومة وسيلة اعلام قد تساعدها على التدخل في صناعة الرأي العام وبالتالي استغلال السلطة لفرض معلومات واخبار وآراء موجهة وليست حرة بما يفسر على انه تحد للحريات وتقييدها ، المبرر الأكبر والمعقول لظهور شبكة الاعلام العراقي هو التعبئة الايجابية وبناء رأي عام ايجابي لمساندة التغيير والعملية السياسية في العراق وعدم الاكتفاء بالاخبار والمعلومات والرأي بل النهوض ببرنامج ثقافي متعدد الاشكال هدفه تثقيف المجتمع على الديمقراطية والتعددية وحقوق الانسان والتداول السلمي للسلطة والاعتدال وترك التعصب وغير ذلك مما هو مطلوب لتطهير الوعي الاجتماعي من آثار المنظومة الصدامية ، ورعاية تجربة اعلامية جديدة تؤسس لمنحى حر في التداول الاعلامي على ان تكون الهيئة مستقلة وتابعة للدولة وليس للحكومة وبالتالي تدرج ضمن الهيئات الوطنية التي يشرف عليها مجلس النواب كهيئة النزاهة ، ومفوضية الانتخابات ، والمسائلة والعدالة وغيرها ، ومن الطبيعي ان هذه الهيئة يتم تمويلها من المال العام ليكون فيها لكل مواطن نصيب ، ومن ناحية الهيكلية تشرف على اعمالها هيئة أمناء تمثل كافة الوان الطيف السياسي في البلاد ، وهذه التدابير اتخذت للحيلولة دون انحراف الشبكة المذكورة عن أهدافها وكذلك دون وقوعها في قبضة أي حزب من الأحزاب ، وما أن وصلت الحكومة الحالية الى المنطقة الخضراء حتى بدأت عملية السطو الحكومي المنظم على شبكة الاعلام ، كواحدة من تجليات الفساد السياسي المبني على تعطيل القوانين واختراق الانظمة والتعليمات واتضح ان المسؤولين الاساسيين والفرعيين في هذه الشبكة يجري اعفاؤهم من عملهم بمجرد أن يظهروا ممانعة عن الخضوع لتوجيهات رقباء الحكومة ، واتضح ان مكتب رئيس الوزراء ومستشاريه يتدخلون في شؤون الشبكة بشكل يومي بل ويتعاملون مع المسؤولين في قناة العراقية وصحيفة الصباح بالاملاءات المباشرة ، واخطر مافي هذا التدخل ان الحكومة نجحت في تحويل قناة العراقية الى منبر لها ولحزب الدعوة ، اذ يتناوب المالكي واخوانه الدعاة على قناة العراقية وكأنها منبرهم الحزبي ويصولون ويجولون صقورهم وحمائمهم ، وعندما تجري العراقية حوارا مع السيد رئيس الوزراء يجلس في الاستوديو وكأنه في منزله القروي تحت ظلال نخيل الهندية الغناء ، واذا جادله المقدم او احرجه بسؤال رماه بنظرة تهديد تنذر بشر مستطير فتتعثر الكلمات بين شفتي المقدم وكأنه يواجه القدر الحتمي ، قناة العراقية وشبكة الاعلام ككل وقعت في محضورين الاول انها اصبحت واجهة اعلامية للحزب الحاكم ورموزه وتحت توجهاته وتوجيهاته ولم تعط فرصا متساوية للاطراف السياسية كي تعبر عن نفسها على شاشتها بصفتها جزء من الواقع السياسي الوطني ، وبذلك تكون قد خالفت اصول الحياد والعدالة وعدم الانحياز لطرف ، والمحضور الثاني هو انها انحرفت عن رسالتها فاصبحت تروج للزعامة الفردية وتكرس رؤى وتوجهات غير ديمقراطية ، والمشكلة ان قناة العراقية بالخصوص عندما يشاهدها المواطن العراقي يشعر انه يشاهد قناة تمثل الشعب العراقي خارج اطار الانتماءات الثانوية القومية والمذهبية والحزبية بما هو كيان اجتماعي موحد ، وكل من يطل من هذه الشاشة يفترض انه يجسد رسالة العراقية فان هي سمحت لوجه حزبي ان يظهر فيفترض ان تسمح لكافة الاحزاب بالظهور ، وهذا يعني ان قناة العراقية تتمتع بثقة وقبول استثنائي لانها تمثل نبض الوطن ، الا ان الحكومة وحزب الدعوة والسيد المالكي استخدموا هذا القبول وهذه الثقة لتسويق سياسي له طابع حزبي ، واستخدموا نفوذهم كحكومة فسيطروا على شبكة الاعلام والغوا السلطة المستقلة التي يتمتع بها الرئيس التنفيذي للشبكة وهيئة الامناء المشرفة ، وطيلة السنوات الماضية لم نلمس دورا لمجلس النواب في رعاية وتفقد وتقييم شبكة الاعلام ودعمها أو محاسبة الحكومة في تجاوزها على الشبكة واحتلالها حزبيا مع انها مثل بقية الهيئات التابعة للمجلس يجب ان تحضى برعايته ، ولو ان حزب الدعوة وامينه العام استخدموا هذه القناة المنتهكة في تسويق انفسهم لهان الأمر الا ان الذي يجري هو استخدامها منبرا للهجوم على الآخرين ، فهي حصان طروادة في هذه الصولات المتشنجة ، مجلس النواب المقبل مطالب بان يضع في رأس واجباته الملحة انقاذ شبكة الاعلام من احتلال الاخوة الدعاة واعادتها الى احضان الوطن .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
ابو محمد
2010-08-12
مهم جدا ان نتطرق لموضوع العراقية واعتقد ان من الملح جدا ان تلغى العراقية ... لماذا ؟ 1.ان الاعلام اليوم ضيفك الاجباري شئت ام ابيت وبالتالي يؤثر في العائلة وبشكل ملموس وخصوصا اذا انحرف 2.ان الاعلانات القبيحة ذات السمة اللبنانية والخليجية لها الوقت الاكبر وهذا غير مقبول على الاطلاق وهذا ترويض لان نصبح مثل لبنان اذ تجد اعلانات كبيرة جدا في الشوارع لرجل وامراة يخلعون ملابسهم فما هو الايحاء في ذلك ؟؟؟ وبجانبه صورة سيد معمم محترم وهذا لقتل الغيرة وترويض العراقي الاشم 3.كل البرامج للمغنين والراقصات
اسعد سعيد
2010-08-11
بل ان على مجلس النواب القادم الغاء شبكة الاعلام بالكامل وعدم اهدار المال العام فوسائل الاعلام بمختلف انواعها موجودة ولكل الاحزاب والاطياف مما يوفر حرية الاختيار ويبقى الدور الرقابي لمجلس النواب ومن خلال تشريعات واضحة بما يحفظ الامن القومي ولا يتعارض مع الثوابت الدستورية ولا اعتقد بوجود اعلام تابع او خاضع للدوله في اي من الدول المهمه والمعروفه
جابر السلماني
2010-08-11
لقد قلت حقا يا سعد منصور فاننا وعوائلنا تركنا مشاهدة الغراقية لسببين : انها اصبحت من ممتلكات حزب ( شدعوة ) اولا ولان ما يعرض فيها لا يتناسب مع تقاليد العائلة العراقية . واسال ( القائد الضرورة) لماذا لايتدخل المالكي بمنع عرائس العراقية من منافسة مذيعات قناة روتانا ؟ هل ان التوجه الجديد للحزب يقتضي ان تتحول العراقية الى مجموعة ام بي سي ؟ على مجلس النواب ان يطلق العراقية من الاسر ويجعلها قناة العائلة العراقية .
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك