المقالات

الصياد واللؤلؤة والغفلة


حسن الهاشمي

أيام حياتك هي رأسمالك في الدنيا، وأنفاسك في هذه الحياة هي التي تقرر مصيرك في الآخرة، والكيس العاقل هو الذي يستغل تلك الثواني والدقائق والساعات ليشتري بها رضا الله الذي يؤدي إلى الجنة والفوز والرضوان، أما الذي لا يستغل تلك الآنات الثمينة من عمره في أعمال الخير فإنه أحمق مثله كمثل صاحبنا الصياد الذي نسرد قصته آنفا وكيف إنه آثر الذي هو أدنى بالذي هو خير عند عثوره على تلك اللؤلؤة الثمينة، وإليكم القصة ونتيجة ما آلت إليه مصير الصياد المسكين الذي هو نسخة قد تتكرر في كل واحد منا، ولكن ينبغي الاعتبار للوصول إلى شاطئ الأمان.كان هناك صياد سمك .. جاد في عمله، يصيد في اليوم سمكة .. فتبقى في بيته ما شاء الله أن تبقى حتى إذا انتهت .. ذهب إلى الشاطئ ليصطاد سمكة أخرى، في ذات يوم وبينما كانت زوجة الصياد تقطع ما اصطاده زوجها إذا بها ترى أمراً عجباً، رأت في بطن تلك السمكة لؤلؤة، تعجبت.. لؤلؤة .. في بطن سمكة ..؟؟ سبحان الله؟!زوجي .. زوجي .. أنظر ماذا وجدت؟! ماذا؟ إنها لؤلؤة، لؤلؤة !! لؤلؤة في بطن سمكة، يا لك من زوجة رائعة .. أحضريها .. لعلنا نقتات بها يومنا هذا .. ونأكل شيئا غير السمك.أخذ الصياد اللؤلؤة، وذهب بها إلى بائع اللؤلؤ الذي يسكن في المنزل المجاورنظر إليها جاره التاجر، لكنني لا أستطيع شراءها .. إنها لا تقدر بثمن .. لو بعت دكاني وبيتي ما أحضرت لك ثمنها، لكن اذهب إلى شيخ الباعة في المدينة المجاورةلعله يستطيع أن يشتريها منك، أخذ صاحبنا لؤلؤته .. وذهب بها إلى البائع الكبير .. في المدينة المجاورة، وعرض عليه القصة.. والله يا أخي .. إن ما تملكه لا يقدر بثمن، لكني وجدت لك حلا .. اذهب إلى والي المدينة فهو القادر على شراء مثل هذه اللؤلؤة، وعند باب قصر الوالي وقف صاحبنا ومعه كنزه الثمين .. ينتظر الإذن له بالدخول.الله .. إن مثل هذه اللآليء هو ما أبحث عنه .. لا أعرف كيف أقدر لك ثمنها، لكني سأسمح لك بدخول خزنتي الخاصة، ستبقى فيها ست ساعات .. خذ منها ما تشاء .. وهذا هو ثمن اللؤلؤة، سيدي .. لعلك تجعلها ساعتان .. فست ساعات كثيرة على صياد مثلي، لا .. بل ست ساعات كاملة لتأخذ من الخزنة ما تشاء، دخل صاحبنا خزنة الوالي .. وإذا به يرى منظراً مهولاً، غرفة كبيرة جداً .. مقسمة إلى ثلاثة أقسام، قسم مليء بالجواهر والذهب واللآليء، وقسم به فراش وثير .. لو نظر إليه نظرة نام من الراحة، وقسم به جميع ما يشتهي من الأكل والشرب.الصياد محدثاً نفسه، ست ساعات ؟؟ إنها كثيرة جداً على صياد بسيط الحال مثلي ؟؟ ماذا سأفعل في ست ساعات، حسناً .. سأبدأ بالطعام الموجود في القسم الثالث، سآكل حتى أملأ بطني، حتى أستزيد بالطاقة التي تمكنني من جمع أكبر قدر من الذهب، ذهب صاحبنا إلى القسم الثالث، وقضى ساعتين من الوقت .. يأكل ويأكل .. حتى إذا انتهى .. ذهب إلى القسم الأول، وفي طريقه رأى ذلك الفراش الوثير .. فحدث نفسه، الآن أكلت حتى شبعت، فمالي لا أستزيد بالنوم الذي يمنحني الطاقة التي تمكنني من جمع أكبر قدر ممكن، هي فرصة لن تتكرر .. فأي غباء يجعلني أضيعها، ذهب الصياد إلى الفراش .. استلقى .. وغط في نوم عميق، وبعد برهة من الزمن..قم .. قم أيها الصياد الأحمق .. لقد انتهت المهلة، هاه .. ماذا ؟؟ نعم .. هيا إلى الخارج، أرجوكم .. ما أخذت الفرصة الكافية هاه .. هاه .. ست ساعات وأنت في هذه الخزنة .. والآن أفقت من غفلتك، تريد الإستزادة من الجواهر .. ؟؟ أما كان لك أن تشتغل بجمع كل هذه الجواهر، حتى تخرج إلى الخارج .. فتشتري لك أفضل الطعام وأجوده، وتصنع لك أروع الفرش وأنعمها، لكنك أحمق غافل، لا تفكر إلا في المحيط الذي أنت فيه .. خذوه إلى الخارج...لكن العبرة لم تنتهي، أرأيتم تلك الجوهرة: هي روحك، إنها كنز لا يقدر بثمن، لكنك لا تعرف قدر ذلك الكنز، أرأيت تلك الخزنة؟؟ إنها الدنيا، أنظر إلى عظمتها، وانظر إلى استغلالنا لها.أما عن الجواهر: فهي الأعمال الصالحة، وأما عن الفراش الوثير: فهو الغفلة، وأما عن الطعام والشراب: فهي الشهوات، والآن .. أخي صياد السمك أما آن لك أن تستيقظ من نومك وتترك الفراش الوثير، وتجمع الجواهر الموجودة بين يديكقبل أن تنتهي تلك المدة الممنوحة لك، وهي عمرك فتتحسر وأنت تخرج من الدنيا.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك