اليمن

عباس الألماس ..!

2638 2022-04-11

عبدالملك سام ||

 

منذ متى أعرف عباس ؟ منذ أن كنا صغارا نلعب في طرقات الحي .. طبعا الحديث هنا ليس من باب إجترار الذكريات ، وأعرف أن هناك من سيقول لي غاضبا وما شأني بك أنت وصديقك عباس ؟! لحظة لو سمحت لي يا عزيزي ، الموضوع خطر لي عندما أستمعت لمحاضرة السيد القائد عن الصبر ، فلنحاول أن نكون صبورين هنا ..

أنا وعباس تفرقنا مع الأيام وإنشغالنا بالحياة ، ولم يكن يخطر ببالي أن العدوان سيجمعنا .. جاء عباس في وقت كنت فيه أبحث عمن يعينني ، ففي بداية العدوان كان العمل الإعلامي مرهقا جدا ، وكنا نقضي ساعات طوال في العمل في ظل شحة الإمكانيات شبه المعدومة ، وكان من الصعوبة بمكان لدرجة أننا كنا أشبه بالخفافيش نسهر الليل حتى وقت متأخر في الإعداد والنشر والمتابعة ، وبفضل الله واجهنا الأعداء وهزمناهم رغم ما يمتلكونه من إمكانيات رهيبة بما يشبه المعجزة .

جاء عباس - المبتسم دوما - في طريقي ، وكان ما يزال يعاني من كدمات وتعب بعد عودته من إحدى الدورات القتالية ، وكانت حالته يرثى لها فجسمه النحيل الذي يشبه جسم (أنوبيس) - إله الدفن عند الفراعنة - جعل من الصعب عليه أن يصمد في أي جبهة قتال ، هكذا أخبروه هناك ، وهكذا قالوا له هنا . ولكن عباس لديه إحساس بالمسئولية ، وضميره حي ، لذلك كان من المستحيل أن يكتفي بمشاهدة ما يحدث لوطنه وشعبه ولا يفعل شيئا .. كان يبحث عن موطئ قدم ليتحرك ، وفعلا عملنا معا منذ ذلك الحين .

عباس ليس لديه وظيفة ، وكان إرثه من أبيه أن تحمل مسؤولية جماعة من النساء ، وهو مثل معظم اليمنيين يبدأ يومه بالبحث عن الخبز والماء ، ويقف في طوابير الغاز ، وفي جيبه حفنة من الفواتير المستحقة الدفع ! وقد جعل العدوان والحصار مهمته تشبه إحدى الأساطير الأغريقية . ولكن عباس ظل واقفا رغم كل ما يحدث له ، بل والمعاناة جعلته أكثر إصرارا وصبرا وتحملا للمسئولية . صبر في الوقت الذي لم يتحمل غيره كل هذه الصعاب ، وحتى أنا كنت - وما زلت - أستمد منه الصبر إذا ما شعرت بالتعب .

رفاقنا القدامى البعض منهم أصبح عملهم رسمي يتقاضون منه حاجتهم ، وهؤلاء غالبا ما عادوا يردون على إتصالاتنا ! والبعض الآخر ترك العمل الجهادي بحثا عن لقمة العيش .. أما عباس فلم يتغير ، ولم يفتر صبره رغم كل الظروف ، وكأنه حجر ألماس يزداد لمعانا كلما أحاط به الفحم .. أحيانا كانت الظروف تزداد صعوبة فأتوقع منه أن ينهار ، وكنت أحمل له العذر في ذلك ، ولكنه لم يفعل ! لم يتوقف ولو يوما واحدا حتى عندما يقعده المرض . بل وكان يقول لي أنه يشعر بالتقصير وهو يرى الأبطال وما يسطرونه من بطولات في جبهات القتال ! وفي داخلي كنت أزداد إعجابا بحجر الألماس هذا ..

ما أريد قوله هو أن لدينا ألآف من عباس في بلدنا ، وبهؤلاء الذين يعيشون الصبر في أعظم صوره سننتصر .. وأقسم لكم أننا سننتصر ؛ فصبرنا لن يضيع سدى طالما نحن نتحرك ونصبر ، وطالما عدونا يراهن على نفاذ صبرنا بما يفعله بنا . نحن محظوظون بصبرنا ووعينا لأننا بهذا صرنا مع الله الذي يحب الصابرين ، وأنا محظوظ بأن لي رفاقا كعباس الذي جعلني أدمن الصبر مثله حتى يفرجها الله .. فأصبروا وصابروا ، وأجعلوا من صبركم ذخرا بغير حساب وبدون شروط ، فالغد أجمل بإذن الله ، وألا يكفينا أن الله يقول (وبشر الصابرين) ؟!

ـــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك