اليمن

أبي أشترى لي ساعة..!

1919 2022-03-30

  عبدالملك سام ||   كل أبناء جيلي يعرفون هذا النشيد الظريف الذي كان من ضمن المقرر الدراسي في الإبتدائية ، وجيل اليوم سيظل حائرا عن سبب عدم قدرة (أحمد) على النوم لمجرد حصوله على ساعة ! ولكننا كنا نعلم السبب ، ومازلت أتذكر بإستمتاع كبير إحتفائي الكبير بأول ساعة أحصل عليها من والدي - رحمه الله - كجائزة لتفوقي في دراستي .. ولكن دعونا من حديث الذكريات ولندخل صلب الموضوع .. في الدول المتقدمة صناعيا يحترمون الوقت ، ويحترمون المواعيد ، ويقدسون الدقة . وهناك ملاحظة لا يمكن أن تفوت كل من سافر لإحدى هذه الدول وعاشر القوم هناك ، وهذه الملاحظة أنهم رغم إنشغالهم وكثرة مواعيدهم فإنهم هادئون جدا ! فهم - بعكسنا - يحبون النظام ويكرهون الفوضى ، ويقفون في الطوابير بهدوء مهما كانت طويلة دون تململ أو محاولة الإحتيال على الآخرين ؛ فهم يحسبون الوقت الذي يمكن أن يقفوا فيه في أي طابور ويأتون مبكرا ، بينما نحن للأسف لابد أن نأتي متأخرين ، ولا يمكن أن ترى عندنا صفا أحاديا إلا في حالة واحدة وهي لو كان هذا في أحد كوابيسنا المزعجة ! أنا أتحدث هنا عن بلدان صناعية وتجارية ، بمعنى أن كل واحد منهم لديه ألف سبب وسبب ليكون مستعجلا . بينما نحن للأسف نملك وقتا طوووويلا جدا من الفراغ ، ورغم هذا نصر على تضييع هذا الوقت أكثر في مشادات بسبب عدم إنتظام أي صف ! ودعوني أبالغ في رأيي لأتهم الجميع بأنهم بهذا العمل يخالفون الدين والأخلاق والإنسانية !! فأنا أعتقد أن هذا التصرف وحده يعتبر نوعا من أنواع الفساد ؛ فهذه الفوضى تضر بمبدأ المساواة ، فللجميع الحق بأن يصلوا أولا ، كما أن هذا التصرف يشجع العاملين الفاسدين في تلك الأماكن لإستغلال الفوضى وعرض (خدماتهم) على الناس الواقفين في الطابور ، أليس هذا فسادا ؟! في الدول التي تحترم الوقت ترى ملايين السيارات وهي تسير بسلاسة دون أن تسمع تنبيها واحدا ، بينما نحن فيكفي أن تتواجد ثلاث سيارات في شارع واحد فتسبب ازدحاما وازعاجا ، وفي كثير من الأوقات تحدث مشادات لا داع لها ، فتؤدي للتباغض والسب والشجار أحيانا وكلها معاصي ، ألم اقلكم أننا فاسدون !! وعلى ذكر الشوارع .. في الدول (تلك) التي تحترم الوقت يوجد لديهم شوارع عريضة لتستوعب عدد أكبر من السيارات ، وتخيلوا .. لا يوجد عندهم من يأخذ قطعة أرض اضافية أمام أرضه ليوسع من ممتلكاته على حساب الطريق العامة !! بل أن هناك - وتخيلوا سذاجتهم - في تلك الدول (المتخلفة) من يتبرع بقطعة أرض من أملاكه للصالح العام ، وهذا يعود عليه بالفائدة أيضا ؛ فعندما تتحسن المرافق العامة التي بقرب أرضه فإن ذلك يؤدي لإرتفاع سعر الأرض التي يمتلكها ، وأحيانا أضعافا مضاعفة عما كانت عليه ! بينما نحن اليوم لم نعد نجد أرضا لندفن موتانا فيها !! لن نتقدم قيد أنمله حتى نتعلم أحترام أنفسنا ووقتنا ، وعندما أقول (أنفسنا) فأنا أعني أن نكف عن توريث الفوضى للأجيال القادمة عندما نمثل بالنسبة لهم قدوة سيئة ، فمن المؤلم أن نرى البعض يعلم إبنه أو بنته كيف يتلاعب على النظام بإعتبار أن هذه التصرفات نوعا من الرجولة والشطارة ، في حين أن هذا (الشاطر) لا يكف عن التناقض مع نفسه عندما يمتدح تلك الدول ويشيد بتقدمها وتطورها ونظامها أمام أطفاله (الشطار) ! حدثني أحدهم عن صديقه أنه كان مسافرا في دولة أسيوية ورأى ولدا صغيرا في حضن والده ، ومن باب التلطف قام بإعطاء الولد الصغير قطعة حلوى صغيرة ، وعندما لاحظ والد الطفل ما حدث ما كان منه إلا أن وضع طفله الصغير أمام هذا الرجل وأمره أن ينحني شكرا له ، وعندما لم يفهم الطفل ما يقصده والده قام  الأب بالإمساك برأس الطفل ليجبره على الإنحناء ، ثم شكر الرجل وأحتضن الصغير وتابع طريقه . طبعا أنا لا أقصد أن نجبر أطفالنا على الإنحناء حتى لا يتهمني أحد بأني أريد أن يركعوا لغير الله ! أنا أتحدث هنا عن القدوة الحسنة ، وأيضا ما تعلمناه من أهلنا "أن من لا يشكر الناس لا يشكر الله" . لذلك نرى منتجات هذه الدول تغزو أسواقنا ، بينما نحن نعاني من الضوضاء والفوضوية والمحسوبية والفساد والفقر ! هؤلاء تعلموا أن يحترموا أعمالهم ، وأن يحترموا أوقاتهم ، وأن يحترموا أنفسهم عندما يعلمون أبناءهم الأحترام ، ولو كانوا يعرفون ديننا لعرفوا أن لهذا ثمن ولو بعد وفاتهم ، فعندما نرى نحن صغيرا أو كبيرا على قدر عالي من الأخلاق فإننا سنقول بالتأكيد : "رحم الله من رباك" ، وهذا معنى آخر لحديث الرسول (ص) : "وولد صالح يدعو له" .. ودمتم بود .

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك