مثنى الطائي : منتظرون4
س : شيخنا الكريم .
بدأ البعض يطلق بعض العبارات ان التحدث بالشان المهدوي ، او بالاحرى ان روايات الظهور الشريف هي من اختصاص العلماء فقط كونهم الاختصاص بعلم الحديث وعلم الرجل الذي يجعلهم التمييز بين الروايات الصحيحة من عدمها ، ولايحق لاحد التخصص بذلك غير العلماء ، وانها مسالة كمسالة الحلال والحرام ؟ فما هو رايكم ؟
✍الجواب:
لا شك ان الحديث عن روايات الظهور يحتاج الى علم خاص، وليس هذا النمط من الروايات فحسب بل كل ما جاءنا من اهل البيت عليهم السلام وفي شتى المجالات يحتاج للتعامل معه الى قسم خاص، ولكن العلماء يفرقون بين الروايات التي يستدل بها على احكام الحلال والحرام او ما يطلق عليه بامور التشريع وهذه تحتاج الى درجة علمية متميزة تم التعارف عليها اصطلاحيا بالمجتهد سواء كان متجزئاً او مطلقاً.
وبين ما يتعلق بالامور التي لا يترتب عليها حكم شرعي فيه حلال او حرام او ما شاكل كالعقائد والتفسير والاخلاق والتاريخ والادعية والزيارات عند بعضهم ممن يتعاملون بقاعدة التسامح بادلة السنن وما شاكل وما الى ذلك من امور ومنها علامات الظهور فتحتاج الى دراية خاصة في بابها المبحوث فيه، ولان مثل هذه الامور تتداخل عوامل عديدة في فهمها وادراكها وطرق الاستدلال المتعلقة بها ليست جميعها مما يرتبط بالروايات وانما بعضها يرتبط بالامور العقلية وبعضها بالخبرة الاجتماعية وبعضها بالمتابعات التاريخية وفي بعضها قد نحتاج الى علوم متعددة كما يجري اليوم مثلاً في مناقشة العقائد الالحادية المعاصرة التي قد تحتاج الى دراية في العلوم البيولوجية او الفيزيائية او الكيمياوية وما الى ذلك.
ولذلك فان الحاجة الى الاجتهاد وما علاه يرتبط بالجانب الاول والذي يجب فيه التقليد، اما الامور الاخرى فان تعلق الامر بالرواية فان المقدار المطلوب هو الانسجام العام مع اصول المذهب وعدم الاخلال بها ولذلك بعضها لا يجوز التقليد فيها كما هو الحال بالعقائد والتي يكون فيها الدليل الروائي او النقلي احد ادلتها ولكنه ليس الوحيد فقد يستدل الانسان على الامر العقائدي دون الرجوع الى دليل نقلي فالعجوز التي استدلت على وجود الله تعالى بالبعرة والاثر بقولها ابعرة تدل على بعير واثر يدل على مسير اسماء ذات ابراج وارض ذات فجاج لا تدلان على اللطيف الخبير؟ لم تستخدم اي دليل نقلي وانما استخدمت خبرتها الحياتية في التوصل الى دليل عقلي متزن ومتين جدا.
والروايات التاريخية الواردة عن المعصوم صلوات الله عليه تحتاج الى خبرة موسوعية في روايات القوم وما كتبه المؤرخون وما الى ذلك لفهم طبيعة المراد وليس في ذلك ثمة حاجة للاجتهاد
اما في علامات الظهور ورواياتها فشانها شان البقية نعم نحتاج لتبين الاصيل من الدخيل وما اكثر الدخيل الى دراية روائية والى دراية رجالية كما ان معرفة الدلالات الروائية تحتاج الى ثقافات متعددة ومتابعة لكل الروايات الواردة في هذا المجال وليس في كل ذلك اي وقف على المجتهد خاصة وان اي شيء فيها لا ينتج حكما شرعيا، بل قصارى ما ينتج امرها غير مسألة فهم الحركة المهدوية الوعي بما سيجري واتخاذ العبرة منها او الحيطة منها او فهم الواقع الخارجي لو كان المبحث متعلق بزمانها واعتقد ان جميع الذين كتبوا في دلالاتها لم يتحدثوا على انها من اليقين المطلق وانما فدموا فهمهم دون الزام لاحد.
ومحض القول بان هذه الامور لا يمكن ان يبحث فيها الا المجتهد يدل على جهل كبير ويستلزم القاء الغالبية العظمى مما كتب في العقائد والتاريخ والاخلاق ومسائل الامام المنتظر روحي فداه وغير ذلك جانبا لان المجتهدين لم يكتبوها كما واننا سنحمل المجتهد عبئاً جديداً لا علاقة له بمهمته بشكل موضوعي.
انا احمل هؤلاء على البراءة حتماً ولكن احذر من انتشار ذلك لانه سيؤدي الى هجران العالم والفكر العلمائي بحجة انهم ليسوا من اهل الاجتهاد.
يبقى ان اشير الى انني في الفصل الرابع من كتابنا في العلامات قد انتقدت بشدة حالة الانفلات والتسيب في التعامل مع الروايات المهدوية ودعوت الى الاتزان بين منهجي التسامح في ادلة السنن التي عمل بها غالبية من كتب وبين منهج التشدد السندي المطلق الذي قد لا يبقي لدينا شيئاً كثيرا من الروايات.
بطبيعة الحال بعض ما يكتب لاغراض التسقيط السياسي فتعففوا عنه فليس بضار في دينكم شيئاً
https://telegram.me/buratha