الصفحة الفكرية

ملخص ملتقى براثا الفكري - منارات الهدى في طريق الانتظار


* الروايات اكثرت التحذير من الفتن كما هو واضح لدينا وعرضت للموضوع بطرق متعددة، واكثرت التحذير من طبيعة شدة هذه الفتن على المؤمنين، وانذرت بانه لن يبقى الا القلة وهم من سيثبتون، واوصلت الامور الى الدرجة التي نرى فيها ان القابض على دينه كالقابض على جمرة النار، بالنسبة للحريص على دينه والغيور على عاقبته لا بد من ان يرتجف خوفاً حينما يقرأ الكثير من الروايات ولا بد من ان يذعر في كيفية ايجاد حسن عاقبته وعدم سقوطه في هذه الفتن التي عرضت اليها الروايات الشريفة، بل حُذِّر فيها المؤمن بطريقة مرعبة بانه قد يصبح كافراً ولعل الصورة التي عرضنا اليها في فترة سابقة الى ان قارون كان مؤمناً وهو من قوم موسى وكانت اهدافه وتطلعاته ايمانية ولكن جرى له ما جرى فصيح به وقيل " فخسفنا به وبداره الأرض"، وفي المقابل كانت هناك امرأة فرعون التي هُدِّدت بعد ان كانت تنعم بكل اوضاع الدنيا وحلاوتها لكنها استطاعت ان تقف امام شهوة المال والدنيا وزخارفها ورغم انها هُدِّدت بجند فرعون الا انها طلبت النجاة" رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله " هذا التقلب في العواقب يُنذِر الانسان المؤمن في ان لا يستقر ولا يبقى معولاً على تأريخه، لاسيما وان التجارب المعاصرة اسقطت نماذج كنا نحسب ان لها تاريخاً وستستمر لكنها سرعان ما سقطت بطريقةٍ او اخرى وخرجت عن دائرة الايمان، بل هي تناست حديث الايمان حتى وانشغلت بامور اخرى، منهم من اسقطه المال او الجاه او الانا او الغرور او الحمق او طلب الرئاسة وما الى ذلك وبالنتجة سقطوا، وقلنا في اكثر من مرة نحن لسنا في منأى ولسنا من الذين يمكن ان يقولوا بانهم ضمنوا الطريق الى نهايته ولا يوجد لدينا سبيل الا مراقبة مستوى الوجل في قلوبنا على عواقبنا ومستوى الغيرة في ضمائرنا على مذهبنا وديننا ومستوى الحرص على موضع اقدامنا ومستوى الصبر على السِنتنا فيما نتحدث ونقول، العملية لن تكون سهلة وشتان ما بين من يتحمل ويصبر وبين من يريد ان يجرب كيف يكون الصبر. 

 

* لذلك نحن نعتقد اننا معنيون بالتفتيش عن المنارات التي لن تُضيّعنا وبوضع الاليات الموضوعية التي تضمن لنا حسن عواقبنا، نعم لا يكلف الله نفساً الا وسعها ولكن علينا ان نبذل ما في هذا الوسع لكي نضمن عدم المرور بالتكاليف التي لا طاقة لنا بها، هذه اللا طاقة قد تُصَب علينا من قبل المجتمع الذي نحياه او الابن او الزوجة او من قبل الحزب او الفئة او الطائفة او العشيرة كل هذه الولائج قد تاتينا بما لا طاقة لنا به، وحينما ياتي الموج عند ذلك لا عاصم الا الله سبحانه وتعالى، نحن هنا نريد ان نفتش عن العاصم الموضوعي بعد الله سبحانه وتعالى، ان الله رحيم ولا شك ولكن ثمة عوامل موضوعية وآليات لو اتبعناها سنكون اكثر اطمئناناً من اننا سنستمر في الطريق الذي يُرضي الله سبحانه علينا ويُرضي امام زماننا ص عنا، نرى ان الساحة تتلاطم فيها الامواج وتتعاظم فيها الامور بالصورة التي لا نجد فيها استقرار، وحينما نتحدث عن حركة العلائم نتحدث عن حركات يمكن ان نسميها دراماتيكية سريعة جداً قد يفقد فيها الانسان لبه ويُذهَل وقد يجد نفسه مكبلاً بولائج لايمكن له ان يتخلص منها بالسهولة التي يمكن ان يضمن المسير باتجاه الهدف، لذلك حينما نريد ان نخوض في مثل هذه الساحة خصوصاً واننا دخلنا في مراحل متقدمة في هذه البلاءات نحتاج الى مرافئ امان كالذي يسلك طريق البحر يحتاج الى منارةٍ تدله على طبيعة البقعة التي هو فيها وبدونها لا يمكن له ان يستدل على شيء وفي افضل الحالات لن يرى الا الماء، وحدها المرافئ الامنة ومنارات الضياء البعيدة هي التي تدلنا على الطريق، بالضبط مثل علامات الظهور حينما تلعب دور الدلالة على اننا باتجاه الهدف هناك مسألة منار الهدى الذي يُبقي على قلوبنا، علامات الظهور تدلنا دلالة معرفية على ما نحن مقبلون عليه اما مشكلة المعرفة مع القلب مشكلة كبيرة لانها تدخل في طبيعة المعادلة التي اشارت اليها الاية الكريمة "لِمَ تقولون ما لا تفعلون كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون " الفكر قد يكون صائباً ولكن العمل قد يكون خائباً للغاية لذلك مهمة منارات الهدى ان تُبقي العمل في اطار الفكر السليم، بمعنى اننا نحتاج علامات الظهور لكي تنقي فكرنا ونحتاج الى منارات الهدى لكي تُبقينا على نفس السبيل.

 * لا شك اننا بحاجة الى عاصم من الله سبحانه وتعالى لانه بيده الاسباب وبيده كل شيء ولكن ان يكون الله سبحانه وتعالى هو العاصم يجب ان نوفر في انفسنا قابليات العصمة لان الله لا يجبر خلقه ولا يكرههم على امر، حينما نريد ان نهيئ القابلية لهذه العصمة في البداية نحتاج الى علاقة فيها بعض التميز مع الله سبحانه وتعالى، وعلى سبيل المثال لو كنا في مجلس يجري فيه الكذب اوالغيبة، السؤال: كم نجد في انفسنا في هذا المجلس اننا نتذكر الله سبحانه وتعالى وانه مُطّلع وله حساب عسير مع الغيبة، وماذا لو تعرضنا للاهانة او الشتيمة من قبل احد المؤمنين ؟ عند ذلك صمتنا او ردنا هو الذي سيحدد طبيعة عُلقتنا مع الله سبحانه وتعالى، نلاحظ ان طريقة العلاقة مع الله سبحانه وتعالى لانلمسها دوماً في الدعاء بل لا نلمسها حتى في البكاء مع الدعاء ولا يمكن لنا ان نضمن بان هذه العلاقة علاقة جدية الا اذا اصطدمنا بنواهي الله سبحانه وتعالى، قد تكون الطاعة امر سهل لكن مشكلة النواهي هي الاصعب، سبق ان اشرنا الى ثلاثة اشياء في هذا الخصوص كذلك اننا نتيقن دوما برقابة الله سبحانه وتعالى علينا لكن المشكلة هي اننا في اللحظة التي نجابه فيها اندفاع العواطف نحو الهوى ونحو النواهي قد ننسى ربنا ولو للحظة ، يُفترض ان نبقى نحافظ على ذكر الله سبحانه في كل حين وعلينا ان نمتحن انفسنا في الصغائر قبل الكبائر ، احد اهم المشاكل التي تُنسينا ربنا هي حالة الغضب وحتى نحتفظ بذكر الله سبحانه وتعالى نحتاج الى هذه الاشياء الثلاثة وهي حسن الظن بالله وانه لن يختار لنا الا ما فيه مصلحتنا، والثانية حسن الاعتماد على الله والاتكاء الى قوته سبحانه وتعالى وليس على غيره لان طبيعة الحدث وضغطه والالام المصاحبة له قد تجعل الانسان يتوسل بقدرات ليست هي القدرات الحقيقية، والقضية الثالثة هي ان كل ما يصيبنا وياتي من الله سبحانه وتعالى هو خير " قل لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا"، ونحصل من ذلك على ثلاثة اشياء على اقل التقادير الاول ان الله يدافع عن الذين امنوا والثاني إن تنصروا الله ينصركم  والثالث وكذلك ننجي المؤمنين، كل ذلك مقابل التمحيصات والبلاءات المسلطة على الانسان، اذا ما انتهينا من ذلك وقلنا بان البعد المعنوي له محورية خاصة جداً بان الله سبحانه وتعالى لن يترك العبد مادام العبد لم يترك ربه، لذلك القضايا المعنوية لا يجوز التفريط فيها لانها هي من تربي قلب الانسان.

 * اما في الاسباب الموضوعية ما من شك ان اول منار للهدى هو المرجعية الدينية والاستدلال بسيط جداً لان الامام ص هو الذي كلفنا بالرجوع الى منار الهدى هذا من بعده صلوات الله عليه، لذلك قصة المرجعية ليست قضية شهوة او محبة وانما قصة تكليف لا مجال لنا ان نتخلى عنه وهو تكليف صارم لا يمكن لنا ان نتخلص منه باي وجه من الوجوه إن كان في العمل السياسي او الاقتصادي او الاجتماعي نحن مجبرون بالارتباط بالمرجعية ، ولتحديد المرجع ننصح الاخوة بنمطين من انماط المرجعية، النمط الاول هو المرجع الاعلى المسؤول عن كل الطائفة إن كنا نقلده او لا نقلده نحن ملزمون بالنظر اليه ومراعاة كل الخصوصيات المتعلقة به كمرجع اعلى، والنمط الثاني هو المرجع المتصدي لاي قضيةٍ لا يتصدى اليها المرجع الاعلى، وبصورة اخرى هو المرجع المتصدي لمصالح الشيعة والحفاظ عليها في قبال اعداء الشيعة لكون ان المرجع الاعلى في الكثير من الاحيان لا يستطيع نتيجةً لمقامه ان يتحدث بالتفاصيل لكن هناك مرجع متصدي لهذه التفاصيل، يجب مراعاة هذه القضية ايضاً بغض النظر عن قضية اننا قلدنا هذا المرجع ام لم نقلده، الأمر الاخر في منارات الهدى هو اننا يجب ان نطمئن من ولائجنا لانها هي المشكلة الاكبر في هذا المجال، لان هذه الولائج والعُلق والمصالح التي تربطنا مع الاخرين يمكن لها ان تلعب دوراً في غاية الفضاعة معنا، ذكرنا اكثر من مرة قصة الزبير الذي كان يقاتل بين يدي رسول الله ص وصولاً الى بيت السيدة فاطمة الزهراء ص الى يوم شورى عثمان كان الزبير مع اهل البيت ص لكنه سقط بوليجتين : الوليجة الاولى ابنه عبد الله والوليجة الثانية تراكم الاموال وتراكم الدنيا امام عينيه، فخرج حاملاً سيفه ضد من كان يقاتل عنه ويريد ان ينصره، كذلك خروج البترية في مقاتلة الامام ص فكرهم نفس الفكر لكن ولائجهم باتجاه من يقودهم ويبرر لهم قتال الامام ص، هذه الامور تاتي وتبتدئ من هذه المصالح والولائج، لذلك يجب ان نحرر انفسنا من المصالح التي يمكن ان تقف حائلاً بيننا وبين نصرة امام زماننا ص، لان العقيدة قد لا تخذلنا في ذلك الوقت لكن قد تخذلنا هذه الامور في نصرة الامام ص، نحن نذكر حبيب بن مظاهر الاسدي رض لانه كان له موقف صدقٍ مع امام زمانه في وقعة كانت هي الاشد من نوعها في التاريخ، كذلك زهير بن القين رض حينما تحرر من الولائج والتي هي الزوجة والاموال وما الى ذلك ليبقـى قلبه متعلق بامام زمانه ص، نحن اليوم في كل اوضاعنا نرتبط باصدقاء وبأسرة وباحزاب وبتجارة وما الى ذلك من هذه الولائج التي قد تعرقل السير باتجاه الامام ص، وسبق ان ذكرنا بان الذي يتخلى عن الحاجات والولائج يكون هو النمط الاقوى في المجتمع لان الحاجة دليل الضعف، لا نتحدث هنا عن الحاجات الاجتماعية الاعتيادية وانما حديثنا عن الحاجة التي نتصور بها انه حينما نأمر بالمعروف او ننهى عن المنكر ممكن ان تتسبب لنا باذى معين من قبل من نحتاج اليه في قضايا الرزق او العمل وما الى ذلك، نحن نعتقد بانه لو تم التفكير بشكل جدي نستطيع التخلي عن حاجة الاخرين مع مقدار من التعفف ومن اباء النفس يمكن تحقيق ذلك ، الامر الرابع في هذه المنارات هو ايجاد حالة البصيرة في قلب الانسان بحيث يكون كما وصفه الرسول ص "المؤمن كيّس فطن" يعرف ما يجري حوله من احداث والتي تهم مصلحة المذهب والقاعدة الشعبية للامام ص، وللحديث تتمة ان شاء الله تعالى.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك