الصفحة الفكرية

ملخص ملتقى براثا الفكري _ للاسبوع الماضي « الحرب الناعمة الامريكية اخطر على المنتظرين من السفياني »


* اهمية الحديث عن الحرب الناعمة تكمن في ان اصحابها وروادها يخفون انفسهم وراء سُتُر ويستغلون او يوجدون نقاط الضعف في الشعوب من اجل استغلالها والتمكن منها بدلاً من الحرب العسكرية التي تكلفهم طائلاً ، من يراقب شعوبنا بشكل دقيق وطبيعة الحراكات الثقافية والفكرية يجد انها خاضعة بشكل كبير الى غزو فكري ونفسي وايديولوجي كبير جداً، والخطورة هنا حينما لا تعي الشعوب انها تتعرض الى الغزو بل تعتبر الغازي هو الصديق وتعتبر الفكر المحارب لها ولأمّتها هو الفكر المحبوب الذي يجب ان يتحكم بالشعب ويقبل عليه هذا الشعب، وفقاً لادبياتنا يمكن ان نقول ان الحرب الناعمة اشبه ما تكون بحرب الشيطان على الانسان حينما يُبدِل انيابه بابتسامة ويخفي مخالبه بما يمكن ان يخفيها ليتسلط على الانسان ويوجهه ويحركه، في هذا البين انطلقت فكرة الحرب الناعمة في السياسة العالمية من خلال اتجاهات متعددة ولكنها يمكن ان نقول انها امتداد للحرب الباردة واستغلال لأساليب الحرب الباردة مع استبدال طبيعة العدو، حيث كانت الشيوعية هي المستهدفة ولكن بعد سقوط الشيوعية وتنامي الوعي الاسلامي في الشعوب ودخول الامريكيين والانظمة التابعة لها في معارك كيفما تصورناها هي تضع الاسلام احد الواجهات خلف هذه المعارك ولكي تكون الولايات المتحدة هي العامل الأساسي في طبيعة التعامل مع هذه الشعوب، لاسيما وان الاسلام بدأ يضغط بشكل كبير على طبيعة الشارع الغربي والحضارة الغربية، لكن مع نشوء فكرة العالم الجديد ذو القطب الواحد، تعهدت امريكا في ان تفتت هذا العالم المقابل لها وتطيح بكل عناصر القوة فيه من اجل ابقاء السيطرة عليه، ولإن اثبتت عمليـة اسقاط النظام المجرم في العراق قدرة متنامية وكبيرة جداً للاسلاميين التي فوجئ بها الامريكيون في بداية عملية سقوط النظام وحالة الممانعة الاتي ابداها الاسلاميون مرجعيات كانت او شعوب تتحرك بارادة هذه المرجعيات، قيادات ميدانية كانت او مجاميع تتبع هذه القيادات اظهرت اسلوباً من الممانعة بالشكل الذي يضايق المصالح الامريكية وطبيعة رغبتها في التسلط على هذه الشعوب،

كل هذه الحالة اثبتت للامريكيين ان تعاملهم يحتاج الى الكثير من الحنكة والتجديد وان الاساليب التي اتبعت سابقاً مع الحركات الشيوعية لايمكن ان تكون فاعلة في اتجاه الحركات الاسلامية، حديثنا في تسمية الحركات الاسلامية لا نقصد منه مصاديق هذ الحركات، قد تكون بعض هذه الحركات هي معادية اساساً الى الدين من خلال انتهاجها لخط التكفير، ولكن السمة العامة في الاسلام حينما تصبغ هذا الصراع لذلك لا نتوقع من الامريكيين ان تكون لهم صفحة واحدة في المعركة مع هذه الجهة من دون بقية الجهات، تنامت هذه الفكرة بعد خسارة الامريكيين الجولة السياسية الاولى في العراق حينما امتلك العراق قدرة كتابة الدستور واجراء الانتخابات وايجاد الحكومة المنتخبة ومع الاحساس بالفشل امام عوامل اقليمية متعددة خاصةً الجمهورية الاسلامية وطريقة تعاملها مع الأمريكيين، كل هذا ادى الى الحاجة الى بديل وهذا البديل مهمته الاساسية هو استعادة القدرة من هذه الشعوب وتحويل هذه الشعوب الى حركة مضادة تعمل على خلخلة الوضع الاجتماعي للوصول الى الامساك بالقدرة واعادة القوة للقرار الأمريكي في داخل هذه الشعوب ، طُرِحَت فكرة القوة الناعمة من خلال احد المحللين السياسيين وهو جوزيف ناي في كتابه المعروف القوة الناعمة، اشار الى اساليب كثيرة مهمتها اسقاط الشعوب بالاقناع واقبالها على تمليك القرار في دولتها الى من تريده الادارة الامريكية، ومثلما كان الهدف هو تحبيب الخيار الامريكي في نفس الوقت مهمة هذه القوة الناعمة هو تشويه صورة القوى التي لايمكن ان تتفق مع المصالح الامريكية ،لذلك حينما اعطتنا ثقافتنا الدينية صيغة مخيفة عن السفياني وجعلت مشكلتنا الرئيسية في تصور الكثيرين هي مع السفياني في الوقت الذي نرى ان السفياني مع كل الشراسة التي تحكى عنه سواء في رواياتنا او في روايات القوم التي تبين صورة مهولة من الخوف،

في الغالب رواياتنا لا تذكر ذلك ولكن روايات القوم هولت من موضوع السفياني بحيث جعلت حركة هذ الشخصية احد الهواجس المخيفة جداً عند شيعة اهل البيت ، لكن الروايات تحدثت عن مرحلة ما قبل السفياني بصورة تُظهِر رعباً كبيراً على حالة التدين بينما مع السفياني لم تتحدث الروايات عن الانقلاب على الاعقاب ولم تتحدث عن ان يمسي الانسان مؤمناً ويصبح كافراً ولم تتحدث عن الضلال والفتن التي تخلط الاوراق وتحيل المعروف الى منكر والمنكر الى معروف وما الى ذلك من الاساليب التي تحدثت فيها عن المجتمع، نعتقد ان من يراقب هذه الروايات والاساليب المقترحة من قبل ارباب الحرب الناعمة سيجد ان هناك تشابهاً كبيراً جداً، الخطورة في هذه الحرب انها مخفية والذي يُحارَب لا يعرف انه في وسط المعركة والسهام والرماح تتوجه اليه من كل صوب بينما في معركة السفياني العدو معروف والمُستَهدَف يعرف انه مُستَهدَف وحينما يعرف الانسان بانه مستهدف عند ذلك يحذر ويتخذ تدابير الحماية ولكن حينما لا يعرف عند ذلك يرخي العنان ويترهل ويعيش حالة من حالات الهدوء، القران الكريم حينما سمى الشيطان بالمضل المبين لأنه يخفى على الانسان في حين ان الانسان لو عَرِفَ ان هذا الاستهداف من الشيطان لتوخى الحيطة والحذر لكن حينما يسدل الشيطان على وجهه ستاراً ويظهر نفسه بالجهة الراغبة في حماية واسعاد وتلبية رغبات هذا الانسان عند ذلك يُقبِل عليه ويتصالح معه.

* اليوم في واقعنا نشهد ان الحرب الثقافية على الشعب العراقي اسلاميين او غير اسلاميين تستهدف بشكل جاد اسقاط كل القيم التي تجعل هذا الشعب متماسكاً، واحدة من هذه الاساليب التي تقترحها الجهات المعنية بالحرب الناعمة وهي في الغالب تتستر بالثقافة وبوسائل الميديا والتواصل الاجتماعي والفيسبوك والاذاعات وما الى ذلك خطابها الثقافي يستهدف كل الطبقات الاجتماعية على حد سواء بمعنى انه يتعمد ايجاد الصراع داخل المجتمع، في تصورنا العراق لا يُستهدف من قبل الامريكيين فقط وانما اللاعب الاسرائيلي في غاية الاهمية في هذه الحرب والبريطاني والفرنسي لهم تأثيرهم الجاد ولكن يبقى الكلام عن التأثير الامريكي باعتباره صاحب القدرة الكبيرة وعلى الاسرائيلي باعتباره صاحب القدرة الكبيرة على التخفي وسط هذه الشعوب، في حديث لكولن بأول حينما تحدث بعد سقوط الاتحاد السوفيتي وسُئِل عن الكيفية التي يمكن بها ان تحفظ المصالح الامريكية في الشعوب وكيف يمكن ان نسيطر بلا قوة اجاب نحن لم نذهب الى اوربا لنغزوها ولكن بعد الحرب العالمية تخفينا بمشروع مارشال، هذا المشروع الذي ذهب بحجة اعانة الشعوب بعد الحرب لكن هذه الاعانة تحولت الى احد دعائم السيطرة الامريكية على اوربا واليابان من بعد ذلك، بالنسبة للشرق الاوسط هناك قصة اخرى كون شعوبه عاشت فكرة التصارع مع الغرب بعنوانها اصل ديني ومشكلة احتلال لذلك حينما جاءت امريكا فاتحة الى المنطقة تحت ذريعة اسقاط النظام الصدامي وكانت ترغب في الوصول الى محبة الشعب العراقي من خلال اسقاط هذا الطاغوت،

وحينما جاءوا الى العراق تحدثوا عن شرق اوسط جديد وارادوا فتح الشرق الاوسط من خلال بوابة العراق، لكنهم اصطدموا ببوابات صلدة جداً رأوا فيها المرجعية وتماسك الناس مع قرار المرجعية راوا فيها القوى السياسية التي ابت ان تنحني لهم ورأوا فيها قدرة كبيرة على المزاحمة الاقليمية من قبل عدوهم اللدود الجمهورية الاسلامية، من كل ذلك وصلوا الى قناعة بان الحرب لا يمكن ان تتم من خلال الجند فقط لذلك سلطوا على العراق ما سموه بالفوضى الخلاقة، ادوات هذه الفوضى هي السيارات المفخخة والعبوات وتحريك قوى التفرقة في داخل المجتمع وهنا لعبت الوهابية الدور المنتظر منها بكفاءة عالية جداً، لا نحتاج الى دليل من ان الوهابية استطاعت ان تقنع الكثير من الشعوب بان تنسى اسرائيل وان يكون العدو الاول والاخير لها هو الشيعة، مع انه في زمن نظام الشاه لم تكن الشيعة مرعبة بل كانوا ينحنون الى ايادي الشاه ليقبّلوها لان التشيع آنذاك بعنوانه السياسي لم يكن مخيفاً للمصالح الامريكية والاسرائيلية لكن مع تبدل المعادلة أُذِن لهؤلاء ان يستهدفوا الشيعة بشكل مباشر، بشكل طبيعي فرض هذا الوضع معادلات وضغوط على الوضع الشيعي ومن يعرف حقيقة الحال بقي متماسكاً ولم يهتز ولكن المشكلة في الذين لا يعرفون ما يجري عليهم هؤلاء كانت مشكلتهم ومحنتهم كبيرة والكثير منهم سقطوا في شِباك هذه الحرب الناعمة التي اخذت من اذاعة سوا ومن قناة الحرة ومن المنظمات التي رعاها مركز الاغاثة الامريكي هذه المنظمات التي بدأت تتلقى مساعدات ودورات وتطرح عليها افكاراً لا يحس ان هذه الافكار موجهة سلفاً في مقابل ما تفعله المفخخات في ادارة الدولة وما يفعله التغلغل البعثي والقوى المؤيدة للامريكيين والركام الذي تركه النظام المجرم والعبث التي قامت به القوى السياسية في بعض الاحيان وعدم ادراك خطورة المهمة وجسامتها من قبل الاحزاب وواقع الضغط النفسي الناشئ من حرب الارهاب على الشعب، كل ذلك اوجد معادلات يمكن لكثير من القوى الناشئة ان تتحدث بها وان تمتطي جوادها، هذه المعادلات تستهدف وبأسئلة ماذا فعلت المرجعية والدين لنا؟ وما الذي جاءت به احزاب الاسلام السياسي؟ ما الذي فعله السياسيون وما الذي فعله البرلمان والحكومة؟ حيث تم ايجاد عقول شطبت على كل شيء، مع ان عملية القول بان اصلاحاً شاملا كان مجرد حلم وشعار ليس الا ولكن الكلام عن الظلام الكامل ايضاً لا وجود له، لذلك من الذي اقنع الناس بان كل هؤلاء يمثلون ظلاماً وحقبة سوداء الى أن امتد الامر الى ازاحة كل القيادات السياسية القديمة والاتيان بقيادات جديدة؟ في حين ان القيادات الجديدة لا تعرف معنى الظلم والويلات التي جرت على البلد لذلك ليس صعباً عليهم ان يقنعون بان صدام كان صورة أفضل من الصورة الحالية، وفي حديثنا عن التغيير الثقافي الذي يُراد المجتمع ان يدخل فيه.

اليوم هناك عمل كبير جداً لإسقاط الدين من اعين الناس واسقاط المرجعية والعلماء والاسرة والممارسات و الشعائر والفكر الديني بدعاوى مختلفة من اصلاح وتجديد ديني وما الى ذلك، والاعلام يريد اقناعنا بان ذلك يجري بضغط من كل الشعب في حين ان ذلك لا يمثل الحقيقة ولا نريد ان نضرب مثالاً بزيارة الاربعين واضرحة اهل البيت ص فهي صورة واضحة تبين ان هذا الشعب لا زال اتجاهه ديني، لكن اذا كانت مهام هؤلاء هي الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي لإقناع الاخرين ولو تفحصنا سنجد ان الفيسبوك يلعب دوراً اساسياً في اثارة هذه الافكار من قبل اصحاب القدرة والترويج المنظم من قبل الجيوش الالكترونية و حالياً كل حزب او تجمع مهما كان حجمه لديه جيش الكتروني يتحرك به، وواضح ان العقل الموجه في هذه المجاميع هو عقل سياسي من اشخاص معدودين، لذلك الصورة التي تقول ان ما يُكتب يمثل هاجس الشعب وما الى ذلك خدعة كبيرة والمزري ان القيادات سواء كانت سياسية او دينية ان تقع في فخ هؤلاء وتقول ان الشعب يفكر بتلك الطريقة بينما من يصنع هذه المعادلات هم اشخاص معدودين ولكن لديهم قدرة على ذلك العمل،

لذلك لو قُدِّر الاعتداء على المرجعية الدينية بهدف ان لا تبقى قيادة تمسك بالناس يمكن اتخاذ اجراء لكن المشكلة ما بين الجهة المهاجِمة والجهة المهاجَمة ثمة همج رعاع يتأثرون بكل ما يقال عند ذلك يشتد اللغط، بالنتيجة هذه الاعمال لا ترتقي الا لمستوى العبث وايجاد الخصومات ما بين افراد المجتمع ونستطيع القول ان حجم تأثير هؤلاء ليس بالصورة التي يمثلها من يروج لأعمالهم، لذلك نقول عدو معروف مثل السفياني اهون على المنتظرين من عدو متخفي لكن صورته صورة الصديق.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك