الصفحة الفكرية

بالفيديو مع ملخص/ محاضرة سماحة الشيخ جلال الدين الصغير في ملتقى براثا الفكري"الكرامة تصنعها الصعاب في الطريق المهدوي "

2639 2017-03-01

 

الكرامة تصنعها الصعاب في الطريق المهدوي ملتقى براثا الفكري الاسبوعي في : 26 جمادي الاول 1438 هجري الموافق لـ 24 / شباط - فبراير / 2017 ميلادي

 

 

 

 

 

 

 

ملخص ملتقى براثا الفكري - الكرامة تصنعها الصعاب في الطريق المهدوي 

 

* في القران الكريم كما في سيرة اهل البيت ص نلاحظ ان اشخاصاً عديدين تنصرف اذهاننا اليهم بعنوانهم رموزاً وواجهات ايمانية كبيرة وفي المقابل هناك صور معكوسة تماماً لمثل هؤلاء، التساؤل الذي يهم هذه المحاضرة هو كيف أن هذه الرموز وصلت الى هذا الوهج التاريخي الكبير؟ بعد مئات السنين نحن لا نتذكرهم فحسب وانما نتذكرهم ونقتدي بهم ونضرب بهم الامثال ونعتبرهم رموزاً للاسوة والقدوة وبعضهم على مستوى الشاهد التاريخي من نتخذه وسيلة بيننا وبين الله او بيننا وبين المعصوم في حوائجنا، السؤال كيف وصلوا الى هذا المجد؟ وكيف احتلوا هذه البقعة من وعي الرساليين وعبروا فيها الحدود الزمنية والمكانية بحيث لا نعرفهم ولا نمت لهم بصلة ولكننا نقتدي بهم وفي اشد الحالات في بعض الاحيان؟ بتعبير الامام الصادق عليه السلام "أن عظيم الاجر لمع عظيم البلاء"، الانسان لا يحضى بالمقام العالي في الدنيا او في الآخرة كيفما اتفق ولا يوجد نموذج في التاريخ او في السيرة من يمكن لنا أن نمجده من دون أن نعرف أنه عبر مسيرة الآلام والمعاناة او انه ابدى من نفسه مواقف يعبر عنها بنكران الذات الشديد وتحويل ذاته لمصلحة هذا الدين ولمصلحة هذا الكيان، حينما نتحدث عن الطريق المهدوي ونتحدث عن رجال متميزين في هذا الطريق اذن لن نتحدث عن اناس عاديين وحينما نتحدث عن الثلاثمائة وثلاثة عشر عن اصحاب رايات الهدى وعن الذين ينصرون ويضمنون حسن العاقبة وعن الذين يموتون ثم توقظهم الملائكة للخروج مع الامام ص او امثال هذه الامور لا يمكن ان يحضى بها الانسان العادي ولا يمكن ان تعطى هذه المقامات لانسان لم يمر بالمصاعب والمكاره  والشدائد والبلاءات العظيمة ، نبي الله نوح عليه السلام حينما قيل عنه "سلام على نوح في العالمين . إنّا كذلك نجزي المحسنين" وصل الى درجة أن يُسلَّم عليه في العالمين ولو تساءلنا كيف جاءت هذه الكلمة ومتى قيلت ؟ هل قيلت في مفترقٍ من الطرق مر عليه وتعرض لصعوبةٍ ما ؟ ام انه نزف من عمره ٩٥٠ سنه أمام من يسخر ويشمت ويعيب وأمام من يستسخف ما يقوم به، لكن وخلال هذه الفترة لم يُرى من نوح عليه السلام اي خلل في شخصيته وبقي ثابت البصيرة باتجاه ما تم تكليفه به، ذكرنا فيما سبق أن بعض الناس كان يأتي بابنه ويطلب منه أن يضرب نوح ص لشدة حمقهم وجهالتهم، كان نوح ع يعيش في مجتمع ينبذه بهذا المستوى من النبذ لكنه لم يتخلى عن الرسالة، وبعد كل تلك القرون والتاريخ الذي أنجزه وصل الى هذه الكرامة "سلام على نوح في العالمين"، وحينما ننظر الى نبي الله ابراهيم عليه السلام حيث سبق ان قلنا انه لم يصل الى الخلة مع الله سبحانه و تعالى الا بعد ان ابتلي بلاءً شديداً في ان يرمى بالمنجنيق وهناك في تلك اللحظة يأتيه مثل جبرائيل عليه السلام فلا يستسلم لاغراء مثل جبرائيل عندما يقول له هل لك من حاجة، في تلك اللحظه لا ينسى ابراهيم عليه السلام خصوصية العلاقة مع الله سبحانه وتعالى لذلك لم يجد مجالاً ليستعين باحدٍ حتى وان كان جبرائيل عليه السلام فيقول له اما لك فلا واما الى الله بلى، هنالك أُ ختُبِرَ إيمان ابراهيم عليه السلام فتبين لمن يراقب المشهد أن لا خلة له حتى مع جبرائيل وانما خلته الصافية كانت مع الله سبحانه وتعالى، وحينما تحولت النار الى برد وسلام ليس قيمة الأمر أن تتحول النار الى برد وسلام لكن قيمة هذا الامر ان الله سبحانه وتعالى تدخل مباشرةً لاخراج ابراهيم من البلاء العظيم وتحويله إلى منزلة الصفوة، ولو رأينا كيفية بناء هذه الخلة وكيفية وصوله إليها لرأينا عجباً، لم يكن هذا هو المشهد الوحيد الذي صنع هذه الخلة لأنه المشهد الاخير في هذه الصورة، اما المشهد الاول هو أن يأتي بعائلته وبرضيعه وزوجته الى وادٍ غير ذي زرع ويستقر حتى يأتيه النداء أن أخرج الى فلسطين وطُلِبَ منه أن يترك فلذة كبده وان يترك زوجه وهذا الأمر له علاقة برجولة ومروءة هذا الشخص في أن يترك زوجته في تلك الأرض في وادٍ غير ذي زرع، لم نرى من هاجر تذمراً هذه المرأة كان يمكن لها أن تكون من المنسيات في التاريخ ولكنها تحولت الى مقام عظيم في هذا الطريق، في قصة خروجها للبحث عن الماء لصغيرها بين جبل الصفا والمروة لم تجد غير السراب، ركضت بين الصفا والمروة سبعة مرات لذلك هذا الذي يفعله الحجاج انما هو لمقام هاجر عليها السلام لانها فعلت ذلك ولم تجد لحديثها الا المناجاة لله سبحانه وتعالى واذنها تصيخ لصوت اسماعيل عليه السلام الذي كان يبكي ومع كل تلك الصعاب واذا بها ترى ابنها اسماعيل عليه السلام يسبح في بئر زمزم، لذلك بئر زمزم هو بئر معاناة هاجر عليها السلام و قبل ذلك لم يكن موجود ولكن وُقِّتَ خروجه لكي ينبئ عن ثمرة تحمل المصاعب، ثم ابتلي ابراهيم عليه السلام بأن يذبح ابنه في رحلة المعاناة التي ترتفع به، فحينما رقى ابراهيم عليه السلام درجة فابتلاه الله سبحانه وتعالى بما يتناسب مع رُقيّه هذا " اني ارى في المنام اني اذبحك"،

فكان موقف ابراهيم وإسماعيل وهاجر عليهم السلام استسلام مطلق فقال اسماعيل عليه السلام" قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين"، لذلك الحصول على منزلة " وفديناه بذبح عظيم" حصلت بعد استسلام الجميع لصدقية عملية الذبح، لذلك الاضحية التي تُذبح في الحج بقيت مرسماً لتذكِّر بهذه العائلة، فمرّ ابراهيم عليه السلام بمعاناة تلو الاخرى الى ان تم اصطفاءه، تذكر الاية الكريمة " وإذ ابتلى ابراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناسِ إماما" فبعد مرتبه الخلة والنبوة جاءت قضية ان يكون إماماً الى الناس .

* لو لاحظنا جميع القصص الواردة في القران الكريم سنجد ان جميع الانبياء ص الا ومر بصنف من اصناف المعاناة والبلاء، بل نستطيع ان نقول ان القصص القراني تضمن انواع عديدة من انواع البلاء في صورها الرئيسية التي يمكن ان يُبتلى بها الانسان لكن الانبياء والائمة واصحابهم اخذوا الصورة العظمى في هذا البلاء ومن يريد الوصول الى ما يُمجَّد به عليه الاقتداء بهؤلاء، لذلك قالت العرب ان المكارم لا تاتي الا من المكاره، يذكر لنا التاريخ شخصيات امثال ميثم التمار، رشيد الهجري،  سعيد بن جبير، كميل، عمار وامثال هؤلاء ممن تسلطت عليهم الاضواء ونحن عرفناهم لانهم سلكوا طريق الكريهة وهم ثُبّت وصُبّر، بينما كان هناك الكثير من اصحاب الائمة وممن يرون ويلتقون بالامام ص يومياً ولم يعرفهم احد ولم يُسمع بهم لانهم لم يمروا بطريق المصاعب، في تصورنا هناك مخطط رباني لمن يريد ان يسلك طريق الامام المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف ولا يمكن لاحد ان يقطع هذا الطريق الا من خلال المرور تحت هذا المنهج، معرفة هذا الطريق سهل بمقدار سهولة ان الله اذا احب عبداً ابتلاه، لكن هذه كلمة تقال، والكلام كيف نمضي بعقيدتنا حينما نتعرض الى البلاء لاخر الطريق ونحن نحمل هم العقيدة؟، ذكرنا سابقاً ولاكثر من مرة في ان بلاء الله سبحانه وتعالى لا يتوقف عند حد او عند صورة ولا عند سن او يتوقف عند مكان فمادام الانسان مصر على أن يمضي في هذا الطريق سوف يتعرض الى محطات متعددة من البلاء فإذا نجح في البلاء الاول فلا يعني ذلك انه نجح في بقية البلاءات، في تعبير الرواية على وجود انتكاس في شخصية من كان يشق الشعرة بشعرتين يشير الى مروره ببلاءات كثيرة ونجح ولكنه يسقط في البلاء الاعظم من ذلك، هناك رواية مهمة للغاية بالنسبة للمؤمنين يجب ان يعرضوا انفسهم عليها إن كانوا يجدّون ويهتمون في السير الى الطريق المهدوي، الرواية عن الامام الحسين ص يقول" : والله البلاء ، والفقر والقتل أسرع إلى من أحبنا من ركض البراذين ، ومن السيل إلى صمره "والبراذين نوع من الخيول وصمر السيل هو منتهاه، ثم قال " ولولا أن تكونوا كذلك لرأينا أنكم لستم منا"، لذلك من يتعرض لهذا البلاء والفقر هل سيصبر ام يتقحم مع الاخرين؟، نحن لا شك الان في ساحات البلاء وسبق ان قلنا بان الاختبارات الكبيرة بالنسبة للمؤمن ليست في بلاءات الضراء ولكن اخطر حالات البلاء هو الذي ياتي من حالة السرّاء وفي وقت راحة الانسان وقصة قارون شاهد على سقوط الانسان في بلاء السراء وليس الضراء، كان فقيراً ومؤمناً وسر رزقه انه طلب ليتذوق حلاوة الصدقة لكن كانت العاقبة ان خسفت به الارض وهكذا الكثير من النماذج، في قصة الزبير الذي كان الى يوم شورى عثمان كان موقفه محسوب الى امير المؤمنين ص لكنه أُغرِق بالمال وحينما سمع ان امير المؤمنين بانه سيسترجع المال الماخوذ من المسلمين فخرج بسيفه ضد الامام ص بعد ان كان هو السيف بيد امام زمانه.

* في تصورنا ان البلاء له ثلاث مستويات، كلما ارتقى الانسان في مستواه كلما تعاظم عليه البلاء وكلما قل مستواه قل عليه البلاء، المستوى الاول هو التدين العادي للانسان الذي يعمل بالتكاليف العامة للمؤمنين فيأتيه البلاء بمقداره فإذا تعاظم هذا المقدار ازداد هذا البلاء شدة، والبلاء هنا لا ياتي في صورة واحدة لكون ان المؤمن والبلاء صنوان كما اشرنا في اكثر من مرة، كذلك يرد في الاية الكريمة " أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون"، اما المستوى الثاني من البلاء هو المستوى الذي ياتي للانسان الذي يخرج من دائرة التكليف العام الى دائرة التكليف الاكثر خصوصية وتشمل الانسان الذي يحمل هم المؤمنين وغايته خدمة الناس ومهتم بالواقع الاجتماعي معتبراً هؤلاء الناس هم ايتام آل محمد ص وهم القاعدة الحاضنة لمشروع الامام ص والواجب هو الحرص على هؤلاء، عند ذلك البلاء الذي ياتي في هذا المستوى اعظم بكثير من البلاء الذي ياتي في المستوى الاول، لذلك من يريد ان ينتخب طريق الانتظار النوعي عليه ان يتاهب لبلاءات اعظم مما كانت عليه، اما في المستوى الثالث فالامر لا يتعلق بانتخاب المكلف لتكليفه وانما سيتم التكليف من قبل نفس الامام ص وستاتي تكاليف خاصة من صاحب هذا الطريق ، هذا الطريق الذي لا يكون الخوف فيه الا من الاستدراج والاستبدال، والاستدراج ياتي حينما يبتدئ الانسان يفقد القدرة على الثبات والصبر وحينما يبتدئ بالتحول الى الانانية الذاتية بحيث يرى نفسه اعلى درجة من اي مؤمن عند ذلك يُبتلى بالاستدراج وياتيه طريق الضلال الاخطر فينظر للامور من خلال بوابة نفسه كما هو حال ابليس الذي يعد من العلماء لكنه سقط بسبب هذه الانا في قوله انا خير منه، لذلك وبسبب ان سلسلة البلاءات مستمرة يجب ان لا نتهيب من البلاء ويجب ان نحصن انفسنا تجاه كل انماط البلاء، فكيف نفعل ذلك؟، والجواب هو ان للبلاء وللسقوط او النجاح هناك بوابات وعنوان البوابات الاكبر هو الصبر والصمت، اليوم ساحتنا مقبلة على الانتخابات وسنرى نماذج كثيرة من الناس ومن جملة هذه النماذج من يسمي نفسه مؤمناً ولكنه لن يتورع من ان ينتهك حرمات الاخرين ولن يتورع من ان يتسبب بالاذى للاخرين مع انه يقول باني مؤمن، كون الانتخابات فرصة لفضح كثير من القضايا وهي فرصة لتساقط الشخصيات واحداً بعد الاخر، لذلك نقول بان اللسان هو مفتاح السقوط وكلما اقفل الانسان فمه في الفتن كلما ساعد نفسه على الالتزام بالتدين وبالطريق الذي يحبه ويريده الامام ص.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك