الصفحة الفكرية

بالفيديو مع ملخص/ " سلوكية العدوان بين حضارة الالحاد السياسي والحضارة المهدوية"محاضرة سماحة الشيخ جلال الدين الصغير في ملتقى براثا الفكري

3070 2017-02-22

سلوكية العدوان بين الالحاد السياسي والحضارة المهدوية 19 جمادي الاول 1438 هجري الموافق لـ 17 / شباط - فبراير / 2017 ميلادي

 

ملخص ملتقى براثا الفكري - سلوكية العدوان بين حضارة الالحاد السياسي والحضارة المهدوية 

 

* حديثنا اليوم يتعلق بسلوكيات العدوان عند الالحاد السياسي وعند حضارته مقارنةً بالسلوكية المضادة وهي سلوكية الحضارة المهدوية التي تبتنى على الرحمة لا على العدوان، والحديث طويل لانه يحتاج الى افق معرفي اساسي في شأن القواعد التي انشأها الالحاد السياسي في تثبيت اخلاقيات العدوان في داخل نظامه السياسي او نظامه الاجتماعي، سيتم تركيز الحديث في حلقة واحدة تجنباً لاعادة قسم من الحديث في كل حلقة، لذلك سيتم التركيز في الخطوط الاساسية للموضوع لنلاحظ ان العدوان اساساً ليس حالةً جديدة في المجتمع البشري ولكن في الغالب هذا العدوان كان ياخذ مديات مختصرة في الزمن وفي المكان و غالبيته اما كان بحثاً عن الطعام او عن النفوذ، الى ان وصل المقام في التاريخ الاوروبي الى الامبراطورية  اليونانية و الرومانية  وصولا الى عهد القرون الوسطى و سيطرة الكنيسة  الكاثوليكية  في اوروبا والكنيسة  البروتستانتية  في بريطانيا ومن بعدها في اميركا، وقد شاع في هذه الامبراطورية  شرعنة الاعتداء باسم الدين وباسم الدين اوجدوا محاكماً واوجدوا قضاءً قاسياً للغاية وصولاً الى ما تبلور لديهم باسم محاكم التفتيش، هذه المحاكم التي اذاقت الويل لكل من ناهض السلطة  الكهنوتية إن في الفاتيكان او في بقية الولايات وكان من الطبيعي جداً ان يحكم السلطان ويعاقب باسم الله، ومن يقرأ قصة محاكم التفتيش يقرأ خلاصة العهد الكهنوتي الذي مرت به اوربا ومحاكم التفتيش وإن كانت غالبيتها قد مرت على مسلمي الاندلس وادت الى تنصيرهم الا انه يمكننا ملاحظة انها طالت الكثير من المسيحيين واليهود بحجج متعددة، ومن سمع قصص كوبرنيكوس وغاليلو وامثالهم سنجد ان من حاكمهم وعذبهم واعدمهم او سخر من العلم الذي حملوه كان هو الدين الذي يشيعه الاباطرة والباباوات المسيحيين، كانت الشعوب تُنهب باسم الصليب ثم  جاء هذا الصليب لكي يعرض شقاقاً كبيراً ما بين المسيحيين انفسهم فحصلت حروب متعددة، لكن حينما احتاج الامبراطور الفرنسي الى ان يوحد صفوفه الداخلية ضد اعداءه التقليديين ويحرجهم اعلن الحرب الصليبية لاستعادة اورشليم، و ابتدأت حقبة الحروب الصليبية التي اكلت من المسيحيين ومن المسلمين عشرات بل ربما مئات الالاف من القتلى غير الدمار، لعدة قرون وبعدة موجات كانت الحروب الصليبية قد تركت آثار جمة على المجتمع الغربي، لكن هذا المجتمع وبارادات وتوجهات مختلفة قسم منها يحمل طابع العلم والعقلانية في رفض خرافات الكنيسية وقسم منها يغطي شهوات السلطة لدى الاخرين اعداء الكنيسية من الامراء والمتسلطين على هذه البقعة او تلك، لكن بعد ذلك تغطى الجميع باسم العلم وباسم التيار التنويري والعقلاني لينتج موجة مع رينيه ديكارت، ديفيد هيوم، بيركلي، جون لوك وصولاً الى عهد ايمانويل كانت،  هؤلاء اسسوا لفراق فيه بعض الحق وهو فراق ما بين الكنيسة وبين التيار العقلاني في المجتمع، لكن هذا التيار ارتكب خطأه الكبير حينما اعتبر ان الكنيسة هي دين الله سبحانه وتعالى وبالنتيجة اسس لمحاكمة الله إن صح التعبير من خلال دور الكنيسة وما صنعته، جاءت من بعد ذلك الموجة الاخطر والتي اسست للالحاد ونظمت امورها على اساس ابعاد الاله وابعاد الدين عن الحياة الاجتماعية والعلمية والاقتصادية والحضارية بشكل عام، حتى راينا ان رجلاً كنيتشه الالماني يعلن عن موت الاله ويؤسس لواحدة من اخطر الافكار العدوانية التي يمكن القول انها كانت قد صنعت الحربين العالمية الاولى والثانية، والاعلان عن موت الاله استندوا به الى اتجاهات فلسفية متعددة هذه الاتجاهات بعضها لم يعلن بهذه الصراحة ولكنه اسس لهذه الصراحة واوجد فهماً اجتماعياً يؤسس لحضارة الالحاد ويحول الامور من حضارة الكنيسة الى حضارة الالحاد، في هذه العصور سنجد رجلاً اساسياً في التاسيس لفكرة اخلاقيات العدوان هو الايطالي نيكولا ميكافيلي الذي ربما اقتبس من معاوية بن ابي سفيان فكرة ان الغاية تبرر الوسيلة واعطى للسلطان والامير والمقتدر اعطاه ضخاً باتجاه اخلاقيات العدوان بناءً على نظافة الغايات، اذا ما اراد اي امير ان ينشر خيراً في تصوره يمكنه ان يشن الحروب ويمكنه ان يستولي على  حقوق الاخرين ويفعل ما شاء من ذلك كما هو واضح في كتابيه الامير والمطارحات، لكن ميكافيلي وان كان قد اطلق هذه الفكرة في المجتمع الاوربي الا ان من جاءوا من بعده فلسفوا هذه القضية ووضعوها على اسس فلسفية مقنعة او أُسس تيار لاقناع الجمهور بمثل هذه الحالات، يمكن لنا ان نلاحظ افكار توماس هوبز البريطاني او ما سنجده واضحاً في الاخلاقيات التي يدعوا اليها العديد من فلاسفة تلك البرهة وعلى راسهم نيتشه، سبق ان قلنا بان دارون وإن كانت ابحاثه تتعلق بعالم الحيوان ومن بعد ذلك بعالم البيولوجيا الا ان الفلاسفة والسياسيين سرعان ما اخذوا  منه هذه الفكرة وعمموها على الواقع الاجتماعي، نشأ لدينا مؤسس علم الاجتماع ان صح التعبير وهواوغست كونت ومن بعده دور كايم ومن بعده هربرت سبنسر ثم ماركس وفرويد كل اخذ من هذه النظرية ما يتلائم مع طبيعة الطرح الذي سيطرحونه وسيهيمن بشكل رئيسي على بناء حضارة الالحاد، اوغست كونت اخذ من دارون مسالة انعكاس الطبيعة على المجتمع واخذ مقاسات الطبيعة لتعميمها على المجتمع وانشأ من خلال ذلك ما يعرف بالمذهب الوضعي وقوامه قضيتان : الاولى ان الاخلاقيات تنبع من التجربة لا من الفكر ولا من الامور المجردة بمعنى ان الانسان بدلا ان يعيش حالة السعي باتجاه الفروسية او العدل وما الى ذلك عليه ان ينظر الى التجربة وما تعطيه من مدد لاقامة الاخلاقيات، فابعد الفكر التجريدي عن عالم الاخلاق وتُرِكَ للمجتمع ان يقرر طبيعة الاخلاق التي يستفيد منها او التي تضر به، الامر الاخر الذي استفاده ان اي ثبات في الاخلاقيات لاوجود له وانما هي النسبية في عالم الاخلاق، لذلك ما يمكن ان نسميه عدواناً في مرة يمكن ان نسميه عدلاً في مرة اخرى بالطريقة التي نؤمن المصلحة الطبيعية التي نستخرجها من الواقع الاجتماعي، بعد ذلك راينا ان دور كايم ياخذ صورة العمل القطيعي في عالم الحيوان ليحوله الى فكرة تسيطر على المجتمع وتنظمه وبالتالي يعمل على الغاء ذاتية الانسان من اجل ان يكون خادماً للوضع الاجتماعي ويكون مجرد اداة في داخل الوضع الاجتماعي وهذا الانسان لا يفكر الا بناء ً على ما يعطيه المجتمع من افكار ولا يتخلق الا بما يعطيه المجتمع من اخلاق وطرح مع ذلك تركيزاً على ان الانسان يجب ان يعيش في داخل المجتمع كما يعيش واحد القطيع ضمن القطيع المجموع وبالتالي عقله يجب ان يصاغ جمعياً عبر العقل الجمعي وعواطفه يجب ان تصاغ عبر العواطف الجمعية واخلاقياته كذلك بهذه الطريقة، بعد ذلك راينا هربرت سبنسر الذي اخذ من دارون كل النظرية وعممها على كل المجتمع، ثم ان فرويد الذي حول الانسان الى صورة حيوانية وراح يفلسف كل حركة الانسان بناءً على مقتضيات الطبيعة الحيوانية للانسان لا على اساس مُثُل هذا الانسان ونبله و اخلاقياته، بقي لدينا نيتشه هذا الرجل بطرحه للنظرية العنصرية او ما نسميه بفكرة السوبر مان الاعلى رأى ان المجتمع يجب ان يكون خادماً للدم الخاص والعنصر النقي، هو راى في العنصر الآري تقدماً على بقية العناصر البشرية لذلك راح ينادي باعلائية العنصر الاري ولكن هذه الاعلائية كلها تصب في داخلها من اجل رجل واحد وهو سوبر مان الاعلى، بمعنى يجب ان يخضع الجميع الى اكثر الشخصيات صفاءً ونقاءً في دمه. 

* كل هذه الامور انتجت حروباً هائلة ليست بالضرورة هي التي اسست للحروب ولكنها لاشك اعطت لموقدي هذه الحروب الاغطية الفكرية والفلسفية التي كانوا يحتاجونها لتعبئة الناس واخراج المقاتلين ،في ملاحظة لمناظر الحروب نجد لا عقلانية كبيرة عند الذين يندفعون باتجاه الموت في تلك الفترة باعتبار ان المُثُل والقيم سقطت، لذلك كيف يمكن لامبراطوريات الالحاد ان تقدم مبررات للناس ان يخرجوا للحرب؟المسيحية كان لديها دائما الرب الذي تخرجه امامها لكي يلتحق بها المؤمنين، لكن كيف للالحاد ان يقنع الملايين ان يخرجوا ويحاربوا في قضية لا يفهمونها اصلاً؟ وكيف غامر الناس في ان يُقتِّلوا بعضهم بعضاً من اجل ان يجلس فلان او فلان على كرسي امبراطورية الالحاد الجديدة؟هنا لابد من افكار وفلسفات تغزوا الاذهان وتسقط الحدود التي تجعل الناس لا يعتدون على بعضهم، من يقرا مسار الحرب الفرنسية الروسية ويجد كيف ان الملايين خرجت في ذلك البرد القارس لتقاتل بعضها بعضاً على شيء لا تفهمه ولا يعود بالمصلحة عليها ، هنا انتج فلاسفة الالحاد مبدأ القومية اولاً ثم مبدأ الوطنية بعد ان كانت الاراضي مفتوحة بشكل عام اصبحت ولايات وكل ولاية مسجلة باسم امير ومثبتة حقوقها في الفاتيكان وغير ذلك، وبعد ان سقطت هذه العهود لابد من نظم فبدأ الحديث عن القومية بعنوانه هو المحرك الاساس فتحارب الاقوام ونتج من هذه الحروب ملايين القتلى لكن حينما عادوا من هذه الحروب كانت قيادات ناشئة قد نمت ما بين التذمر على الوضع القائم  وما بين الرغبة في حياة جديدة عند ذلك اخذ كل واحد من هؤلاء اقطاعية خاصة عندئذ بدأت حرب توحيد الدول، ما سمعناه ودرسناه عن توحيد ايطاليا والمانيا وامثال هؤلاء يعبر عن تلك الفترة، القوي اكل الضعيف وانشأوا شيئاً اسمه الوطن، حينما أُنشِأت الاوطان بدأت حرب الاوطان، أُنشِأت الاوطان بناءً على خلفيات الاعتداء باسم التوحيد ومن يقرا كيف اتحدت امريكا بعد حرب الشمال والجنوب الامريكية يعرف ان عشرات الملايين قد تم قتلهم في هذه الحروب، وبعد ان استتب الامر على شاكلة الاوطان جاء الالحاد السياسي ليحول الامر الى حرب عالمية اولى ثم الثانية وفي البين حروب تُشن على كل دول العالم غزواً بحثاً عن الموارد البشرية والاقتصادية والمواد الاولية وما الى ذلك كله قد اكل من البشرية مئات الملايين من البشر، ذكرنا سابقاً قصة تجارة العبيد وقصة الهنود الحمر وكيف تم ابادة مئات الملايين واستعباد امثالهم لوجدنا ان الحضارة

كلها قامت على اسس من العدوان، كيف بُنيت هذه الاسس؟ الرب وقد اخرج من المعادلة والقيم الثابتة اخرجت من المعادلة والاخلاقيات النسبية هي التي سيطرت على المعادلة، لكن هذه الاخلاقيات يصنعها المجتمع الذي يقع بيد القوى المهيمنة عليه وهذه القوى المهيمنة هم اصحاب القوة والقدرة سواء كان ذباح يسمونه قائد سياسي او من لديه مال بسبب وجوده يخضع الناس له لكن بالنتيجة الاخلاقيات حددها القوي سواء كان القوي بعرف نيتشه صاحب الدم الانقى او بعرف ادم سمث الذي كان يرى في الجشع نبل البشرية اوعند مالتوس الذي كان يفكر في كيفية تغذية شعب محدد من خلال قتل شعوب اخرى من اجل الموازنة ما بين مقدار الغذاء الذي ينتج وبين عدد السكان او من خلال ما حاول الامريكيون ان يبنوا لديهم قاعدة باسم شعب الله المختار او من بعد ما حاول كل هؤلاء ومن فوق كل هؤلاء وهم اليهود من اجل تحريك الشعوب التي لم يختارها الله باتجاه الفناء ليتقوّى شعب الله المختار، وباي طريقة كانت نجد ان سلوكية الاعتداء اسّاً اساسياً في هذا المجال. 

* حينما نرجع الى فلسفات القيم التي يحدثنا فيها علماء الاخلاق عن القيم النسبية التي تحدثنا عنها في ان ما له قيمة بالامس يمكن ان يكون منعدم القيمة في هذا اليوم في قبال ذلك جاءت القيم الاخلاقية الامريكية التي تلفعت مع وليم جيمس بمبدا ما يسمى بالبراجماتزم اوالذرائعية الاخلاقية التي تُشير الى  ان ما ينفعنا هو الصالح وما يضرنا هو غير الصالح ، هذه الامور لو ينظر الانسان اليها بنظرة ذاتية او فردية قد لا يدرك خطورتها ولكن حينما تتسلح بها شركات كبرى عند ذلك مبدا الغاية تبرر الوسيلة سيكون هيناً جدا ً، ننصح بقراءة قصة لجون شتاينبك اسمها عناقيد الغضب يمكن ملاحظة خطورة مبدا البراجماتزم على الحياة العامة وكيف صنع العدوان وبرر له سنجد الفقر الشنيع في قبال اصحاب الاموال في كاليفورنا كون القصة تتحدث عن المجتمع الامريكي في القرن الثامن عشر ، مهما يكن فقد انشات الهة جديدة هذه الالهة تطورت مع الايام وتحولت الى دعامات اساسية بنت نفسها على اساس العدوان وليس على اساس التصالح مع الاخرين ، هنا نلاحظ حالة امتصاص ثروات العالم بعد ان ما عاد الراي العام يتحملها حولوها من الاستعمار المباشر الى اللامباشر، وهنا جاءت ماساة الانظمة العربية وما صنعته في بلداننا لانهم كانوا مجرد وكلاء وعملاء لمن استعمر هذه الارض، ثم تخلوا عن فكرة الاستعمار اللا مباشر وتحلوا الى فكرة الهيمنة الاقتصادية او الهيمنة السياسية او كسر ارادات الدول، وفي هذا اليوم نشهد امثلة كثيرة على حالات الاعتداء التي في الكثير من الاحيان لا تُرى فوق الحزام إن صح التعبير وانما ينظر اليها بمعركة ماتحت الاحزمة، لو ننظر الى عملية خفض الاسعار النفطية نجد ان الاصل في هذه القضية هو سلوكية العدوان لدى هؤلاء ، واذا كانت امريكا تلقي بملايين الاطنان من القمح في البحر الذي يمكن ان يعطي لافريقيا دفقة من الشبع والقوة وذلك من اجل ان تحافظ على السعر عندها نعرف اي اخلاقيات يتمتع بها هؤلاء قد يسمونها باي اسم لكن بالنتيجة هي عدوان على البشرية واعلاء لمن يتحكم بارادة البشر، اذن هم غيبوا الهاً واوجدوا الهاً جديداً ، هذا الاله لا يعرف للدين شيء ولكنه يعرف كيف يسيطر على البشر وهو ليس خلوق ولا رحيم في سيطرته عليهم وقصة ما يعرف بالعالم الثالث تفضح القضية من اولها الى اخرها، هذا الاله لا نستغرب ان يكون عموده الفقري هم اليهود، اشرنا سابقا ان اليهود يعتقدون في انفسهم بانهم شعب الله المختار ووحدهم لهم حق العيش والكرامة وعلى بقية الشعوب تحمل وزر عدم انتسابها لبني اسرائيل ، لذلك نيتشه لم ياتي بجديد حينما نادى بالنظرية العنصرية لان اليهود سبقوه في ذلك ، واليوم ما يجري يمكن ملاحظة حقيقة اساسية في كون انطلاقة الكيان الصهيوني تاتي من بعد الحرب العالمية الاولى ساعدهم العالم بعد ان كانوا في الضحالة الاجتماعية قبل ذلك لانهم هم من صنع الحرب العالمية الاولى وغذاها وحصتهم حصة المنتصر واتضحت القضية بشكل اوضح بعد الحرب العالمية الثانية، نمت اسرائيل واصبحت قوة كبرى واليوم كل من يتحدث ممن يتصور نفسه عقلاني في التفكير او يتصور انه تنويري او مثقف بالفكر الحديث وما الى ذلك سيجدون كل مجهوداتهم خدماً لهذه المنظومة منظومة قتلت ملايين باسم العلم وباسم القوميات وباسم الوطنيات ثم امتصت الملايين باسم العهد الراسمالي ثم عهد الحداثة ثم العولمة ثم عهد مابعد الحداثة والان نتحدث في عهد ما بعد العولمة وهو عبارة عن امتصاص ثروات الشعوب وافلاسها وتحويل ثروتها الوطنية الى حيتان إله الالحاد، نعتقد ان ما طرحه فوكوياما في نهاية التاريخ وتصوير الامور بان نهاية المجتمع هو ان يصل الى ان يكون خادماً للنظام الرأسمالي وهم اقطاب الاموال واصحاب الشركات، لذلك كل هذه الديمقراطيات التي نراها عبارة عن زيف لاقناع الناس ولكن الحقيقة ان مال هذه الشركات والراسماليات هو الذي يقدم ويؤخر ويتحكم بالامور والصورة في

اميركا واضحة اليوم في فوز ترامب وخروج الناس بالاعتراض عليه، وحديث كاليفورنيا عن الانفصال معبّر عن هذه القضية، لذلك قصة الديمقراطية كذبة من اجل سيطرة هؤلاء على العالم. 

* في قبال هذا المشهد لدينا صورة اخرى وإن كان فيها وسمة من الدين ولكن هذه الصورة ايضاً ازاحت الاله والدين واخرجته من معادلة السياسة لتضع السلطة ومأربها ومأرب الرجل القوي لكي يكون هو باني الحضارة، في اول يوم من نشوء سلطة السقيفة ابتداتها باعتداء ثم سارت هذه السلطة في سلسلة كبيرة من الاعتداءات وصولاً الى العهد الاموي ثم الى العهد العباسي ثم العثماني كانت سمة الاعتداء هي اصل حتى ان الفكر السياسي السني شرعن لقضية الامير المتغلب على غيره حتى وان كان بحد السيف يكون امير واجب الطاعة ولذلك كان يزيد خليفة ومروان طريد رسول الله ص خليفة واولاده خلفاء وقبلهم معاوية ، في هذا البين كانت هذه المدرسة معتدية دوماً وهي مدرسة ابعاد الدين عن البنية الحضارية ، في قراءة سريعة لما فعله هارون العباسي والمتوكل وما دار في قصور بني العباس وقبلهم في قصور بني امية يشهد بشكل واضح على ان ما كان يسمى بالدين هو امر يبيعونه على الناس اما هم وسلطتهم كانت بعيدة تماماً عن الدين، في مقبال ذلك كان هناك خط ينموا مع الايام، خط أُعتدي عليه كثيراً ولم يبادر مرة واحدة لسن شرعة الاعتداء على الاخر، فلا يوجد اي نموذج من مدرسة اهل البيت ص اسس للاعتداء على الاخرين، فاذا كان الرب قد فُقِد من دين المعتدين اذن ماذا سيكون عند هذا الخط الذي سار وسط الاعتداءات وقفز من مرحلة موت الى مرحلة قتل الى استئصال وابادة لكنه نجى واستمر ولم يؤسس للاعتداء حتى مع قوته، هذا الخط الذي عَرِف الظلم وما يعني الظلم، نحن حينما نبكي الحسين ص نتحرق للعدل ونبكي على الظلم الذي سدر على ابي عبد الله ص، لذلك بشكل طبيعي شيعة اهل البيت اتخذوا من المظالم التي جرت على ائمتهم ص بتوجيه من الائمة اتخذوا من هذه المظالم سبيلاً لتقوية كراهية الظلم عندهم و لايجاد الرحمة في قلوبهم، عبارة احيوا امرنا ارتهنت بقضيتين :الحزن لاحزان اهل البيت ص والفرح لافراحهم ، ما يفرح اهل البيت هو طبيعة مشروعهم القائم على اساس نفي الظلم والجور واحلال القسط والعدل ،هذه الحضارة المهدوية لا تاتي من فراغ ولا تُصنع من دون ابعاد فكرية ولا من خلال عدم التهيئة الاجتماعية إن مرت بالغيبة فمن اجل تأهيل المجتمع لكي يحس بقيمة العدل والرحمة والامن والاستقرار وببشاعة الظلم والجور وسفك الدماء وقمع الحريات وما الى ذلك، نحن خلال اربعة عشر قرن نربى على هذه القضية، حينما هددت الزهراء ص ان ترفع يدها بالدعاء على من ظلمها كان الحديث عن رسالة الرحمة للرسول الاكرم ص هذه الرسالة التي قامت على مبدأ وما ارسلناك الا رحمة للعالمين، قد يحاسبونا على تاريخ في معارك معينة نقول كل ذلك جاء من قبل من اخرجوا الدين عن السلطة ومن ابعدوا اهل البيت ص عن مسار بناء الحضارة وسلموه الى من كان الاعتداء اصلاً في تربيته وقبلوا منه الاعتداء بل وشرعنوا له ذلك، بعد قصة مالك بن نويرة رض جاء عمر وكان له غيظ من خالد بن الوليد فطلب من ابي بكر ان يقتله لانه قتل مسلماً وطلب ان يرجمه لانه زنى بمحصن فشاح بوجهه عنه وقال له انه اجتهد فاخطا، بذلك تم شرعنة القتل والزنا وبعد ذلك فتحوا باب شرعنة كل شيء، لا نغتر بقولهم وددت اني لم اكشف بيت فاطمة لان من يندم يصلح الامور ولكنها كلمة اراد ان يستغفل بها الناس وان لا يظهر بها نفسه بالصورة التي يستحقها نتيجة الاعتداء على فاطمة الزهراء ص، الحضارة المهدوية لا كما يصور لدى الكثيرين بان الامام ص سيخرج ليحارب هذا وذاك في حين ان الامام ص لن يعتدي الا اذا اعتدي عليه، كذلك لن يكون هناك اكراه في الدين في زمن الامام ص وانما سيتم التعامل مع الاخرين وفق منهج القران الكريم، كذلك اخلاقيات امير المؤمنين ص في قصته مع ابن ملجم لم يعتدي عليه ولم يسمح باي انتقام او مضايقة ، وفي قضية عطش جيش امير المؤمنين ص لكنه حينما يسيتولي على الماء يسقي جيش معاوية، هذه هي حضارة و اخلاقيات اهل البيت ص، نكتفي بهذا القدر لهذه المحاضرة وسيكون هناك تتمات لمثل هذه المحاضرات نكشف الغطاء عن امور اخرى.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك