إن الخطاب عند بعض أتباع مدرسة آل البيت عليهم السلام كان خطاباً غير مسؤول، وغير موفق، أي أنّ صاحب الخطاب لا يعمل على الدفع بخطابه نحو رواية موفقة بل أن خطابه يموّه على السامعين بخصوص أن أمر الظهور المقدس قريب أو أنه بات أمراً قريباً، فهي آفة كبيرة، وهي آفة التوقيت، والمنهي عنها على لسان أئمة أهل اليبت عليهم السلام.
إن مثل هذا الخطاب ولاشك خطاب غير علمي لا يستند إلى علم، غناك عن المعرفة.
إن مثل هؤلاء الخطباء لم يقدّروا الإمام عليه السلام حق قدره، وعلى ضوء عدم تقديرهم لهذا المصلح المرتجى عليه السلام بهذه الطريقة سينتهي بنا الحال حتماً إلى مشاكل شنيعة وفضيعة.
أزمة التعريف أو أزمة التطبيق:
حيث يسعى البعض من الذين يوجهون الخطاب المهدي _كما يدّعون_ فيقولون إن فلاناً هو الخراساني أو إنّ فلاناً هو اليماني أو غير ذلك. وإنّ كلّ ذلك تخرصاً منهم ولا يتبع أي نهج علمي.
وترى وعلى نفس السياق أن يأتي شخص آخر ويسعى في تقريب الإمام المهدي عليه السلام إلى بعض المصلحين في هذا الزمان. أو الأزمنة الغابرة. ومن ذلك أن يذكر نموذجاً فيساوي بينه وبين الإمام الحجة عليه السلام، وبذلك فإنّه يساوي بين المصلح السماوي المنصوب من قبل الله تعالى وبين المصلح البشري _أي مصلح_ وأنه يخلط بين خطوات الطريق الإلهي وبين خطوات الخط الإنساني.
وثمة فرق جلي وواضح بين هذين الطريقين، وهذين المصلحين، وإنّه ولاشك فإن المصلح البشري مهما أتانا بالطيب لكنّه يبقى بشرياً محكوماً بالمقدرات البشرية الصرفة، أمّا المصلح السماوي سواء أكان الرّسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم أو أولياءه مع أنهم من البشر، لكنهم مدعومون ومسنودون من قبل السماء.
الإمام المهدي عليه السلام ومنطق السيف:
يعمد بعض الذين يتولون الخطاب باسم القضية المهدوية وعلى أساس علمي _كما يزعمون_ إلى القول بأن الإمام المهدي عليه السلام إذا ظهر فإنّ سلاحه هو السيف، الأمر الذي يسبب تنفيراً للناس من هذه القضية الإسلامية المركزية الأصيلة، وهو أمر مرفوض رفضاً باتاً لأن لدينا دليلاً معتبراً على أن الإمام يتكئ على منطق العقل ومنطق العلم، فالإمام المهدي عليه السلام _بهويته البشرية_ ليست هويته العصا، وليست هويته السيف، إنّما هوية الإمام عليه السلام العقل والحجة والعلم (ادْعُ إِلى سَبيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَ الْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ) هذا الخطاب الذي وجه من قبل السماء لدعاة السماء.
إن أي مقدس _مهما كان عنوانه_ يسعى لأن يقرّب الفكر السماوي بواسطة السيف والعصى فإنّه قد انحرف عن جادة الحق، جادة الصواب، جادة السماء.
وأن كل مجتمع يبتلى بمثل هذه الآلية المرفوضة فهو يحمل معه دليل انحطاطه، وإن المجتمع ليرقى بمستوى التفاهم والعلم والعقل لا بمستوى العصا والتخويف والتضعيف للآخر.
آفة الاختراق:
إن هناك تجاوزاً على الدين باسم القضية المهدوية، وذلك متأتّ من بعض الناس الذين يفهمون جزءاً من الدين وليس كل الدين.. أي أنه يحفظ شيئاً وقد غابت عنه أشياء.. ومثل هذا الشخص محال أن يصل إلى طريق السداد أو أن يصيبه.
إن مشكلة الكثير من متلقي الخطاب هي السذاجة، تلك السذاجة التي تسهل إختراقهم وخاصة في مثل هذه القضية _قضية الإمام المهدي عليه السلام_ نحن الآن نخترق فكرياً، نخترق دينياً.. والواقع أننا نحن الذين نسمح بهذا الاختراق، وقد نأخذ أية كلمة يقولها جهلة أو مدّعون.. نأخذها رأس مال ونطبّل لها ونزمّر.. ونكون لما يقوله المدّعي دعاة، ننشر ثقافته الباطلة، ومن حيث لا نشعر.
فلماذا نأذن بنشر مثل هذه الثقافات بيننا، ولماذا نسمح أن نكون جزءاً من الضريبة، إلاّ ينبغي أن يكون لنا موقف غير هذا تجاه هذا الصدع لنمنع مثل هذا الإنحراف والإختراق، لمثل هذه القضية المساوية التي أراد لها ديّان الدين أن تكون نهاية رسالته الخاتمة.
وفي ختام محاضرته توجّه السيد المحاضر بالكلام بالقول:
إنّ كيفية التعريف بالإمام أو تعريف الإمام المهدي عليه السلام للناس له المدخلية في تسويق القضية المهدوية لاخراجها من _جوها المحلي_ ونشرها على المستوى العالمي والحالة العالمية، بل ولأقصى ناحية في العالم.
إنه لابّد لنا من الالتفات والتنبه إلى أن العقل البشري مهما بالغ في نبوغه وعقله وذكائه ودهائه فهو عاجز أن يعرف مكنون الإمام المعصوم عليه السلام.
ولكن على الإنسان أن يعرف جاهداً ما يمكنه أن يلمسه بحسب إدراكه، ليعرفه، ويمكنه العمل به اتجاه هذه القضية وقائدها الإمام المهدي عليه السلام.. جعلنا الله من الممهدين لمقدمه الشريف.
تحرير علي عبد سلمان 35/5/140128
https://telegram.me/buratha