الصفحة الفكرية

نحو التكامل الإسلامي: قراءة في أطروحة دكتوراه مصرية عن الفكر التربوي الشيعي

4218 09:18:00 2013-10-10

 

أطروحـة دكتـوراة لأستاذ في جامعة دمياط بمصر تـدرس: معالم وأدوار الفكـر التربـوي الشيعـي في المجتمع الإسلامي المعاصر

أسهمت عدة مدارس فكرية في تشكيل الحياة الفكرية والثقافية الإسلامية خلال ما يزيد على أربعة عشر قرناً، ويكاد يتفق الباحثون في التاريخ الإسلامي على أن هناك أربع مدارس رئيسة كان لها الدور الأساسي في الحياة الإسلامية، هي: مدرسة أهل السنة، والمدرسة الإمامية، المعتزلة، الصوفية.

وقد نوقشت بدايات العام 2008بأحد الجامعات المصرية أطروحة دكتوراة للباحث التربوي حسان عبد الله حسان حول الفكر التربوي الإمامي، ونال عنها درجة الدكتوراة مع مرتبة الشرف، ثم صدرت بعد ذلك بفترة وجيزة في بيروت عن مركز الحضارة لتنمية الفكر الإنساني.درس الباحث الدكتور "حسان عبد الله حسان" الفكرالتربوى المعاصر عند الشيعة الإمامية فى إيران (1979-2006م) دراسة حصل بها على درجة الدكتوراه- 1428هـ-2007م ..

الفكـر الإمامـي .. لمـاذا؟

يقول مؤلف الدراسة إن هناك حزمة من الأسباب التي دعت إلى البحث في الفكر التربوي الإمامي، أهمها: أولا: أن الشيعة - موضوع البحث - من الفرق الإسلامية التي أسهمت بشكل واضح في الجانب العلمي والتربوي في الحضارة الإسلامية، وفي الوقت نفسه لم تنل من الاهتمام ما يكفي للتعرف على كل إسهاماتها الحضارية والمعاصرة.

ثانيا: أن المجتمع الشيعي المعاصر أصبح مجتمعاً فاعلاً اجتماعياً، ومن ثم فمن الضرورة بمكان معرفة الفكر التربوي الذي يوجه هذا المجتمع، على اعتبار أن التربية هي قائدة التغيير والتنمية في المجتمع، وهذه من الحقائق المسلم بها بين المربين والاجتماعيين والسياسيين.

ثالثا: الرغبة في فتح آفاق جديدة للبحث في التربية الإسلامية غير العربية، وهذا يؤدي بدوره إلى استفادة المجتمع العربي المعاصر من تجارب وأنماط من الأنساق التربوية لمجتمعات تتشابه معه في الظروف والمتغيرات نفسها، فضلاً عن التشابه في الخلفية العقدية.

رابعا: تحقيق قدر من التبادل المعرفي الموضوعي بين عنصري العالم الإسلامي، السنة والشيعة -لاسيما في ظل المتغيرات العالمية والإقليمية الأخيرة- بما يساهم في بناء شخصية إسلامية قادرة على مواجهة التحديات، وهو ما يبرز دور التربية في تحقيق الوحدة الإسلامية.

قضيـة الدراسـة وانعكاساتها المختلفـة

تتساءل الدراسة عن تأثير الفكر الشيعي الاثنى عشري على جوانب الحياة المختلفة للفرد والمجتمع الشيعي المعاصر، وبالتالي تسعى إلى إلقاء الضوء على موقع التربية من هذا التأثير باعتبارها المسئولة عن قيادة المجتمع إلى التطوير أو التجديد وبناء الدولة، ومن ثم كان التساؤل الرئيسي هو: ما معالم الفكر التربوي المعاصر عند الشيعة الإمامية الاثنى عشرية؟ وتفرع من هذا التساؤل عدة أسئلة فرعية سعت فصول البحث إلى الإجابة عليها، وهى: ما السياقات الاجتماعية والفكرية للفكـر التربــوي الشيعـي المعاصـر؟، ما مصادر الفكر الشيعي المعاصر؟، ما النظرية التربوية التي يتبناها الفكر الشيعي المعاصر؟، ما وسائط التربيــة المعاصــرة عنــد الشيعــة؟، ما معالم النظام التعليمي المعاصر في إيران وقضاياه؟

نتائج مهمة

إن السؤال الذي لم تطرحه الدراسة ولكنها أجابت عليه بشكل مباشر هو: هل أثرت الأبعاد الفكرية والتاريخية على السلوك الاجتماعي والسياسي للشيعة في الاسلام؟

والإجابة هي: نعم!، حيث توصل الباحث إلى مجموعة من النتائج العامة التي تحدد هذا السلوك مثل: أولا: أن البعد التاريخي لنشأة الشيعة- وفقاً للتفسيرات المختلفة - كان له أثره التربوي الواضح، حيث أصبح الهدف الأساسي للفكر التربوي الشيعي هو تكوين شخصية تقوم على مضامين ومفردات التمايز والخصوصية.

ثانيا: أن البعد الاجتماعي لنشأة الشيعة وما تأثر به من أحداث ووقائع سياسية مختلفة أدى إلى تبني الفكر التربوي الشيعي نسقاً فكرياً يقوم على تأكيد مفاهيم «الجماعة» و «الأقلية» و«الفئة» في مقابل المجتمع الأكبر الذي ساعد في تأصيل هذه المفاهيم في الشخصية الشيعية.

ثالثا: أن النسق الفكري والثقافي للشخصية الشيعية قد تأثر بمجموعة من العوامل التاريخية والاجتماعية مرت بها الجماعة الشيعية خلال المراحل والأدوار التي تكونت فيها، أدت إلى بلورة مجموعة من الأصول الفكرية والثقافية التي ساهمت فيما بعد في تشكيل الشخصية الشيعية عبر التاريخ وهي: الوصية أو النص للأئمة الاثني عشر بعد النبي (صلى الله عليه وسلم)، عصمة الأئمة، التقية، الغيبة أو المهدوية.

وبمجئ الإمام الخميني في القرن العشرين حدثت بعض التطورات في هذه الأصول أهمها إلغاء التقية، حيث أعلن أنه لا تقية لشيعي بعد اليوم، أي بعد الثورة الإسلامية، وأنتج وطور نظرية ولاية الفقيه، وهي تعديل لفكرة الانتظار السلبي في ظل الغيبة الكبرى للإمام الثاني عشر.

من الأصـول التربويـة

تذكر الدراسة أن الفكر التربوي الشيعي يستمد محدداته العقدية من خمسة أصول أساسية هي: التوحيد، النبوة، العدل، الإمامة، المعاد، وينفرد الشيعة بالقول بالإمامة وهي أساس الاختلاف بين الشيعة والسنة على المستوى المذهبي، وتحاول الآراء والكتابات الشيعية المعاصرة التقريب بين الشيعة والسنة فيما يتصل بمسألة الإمامة من خلال تجاوز الآراء الشيعية القديمة التي تؤكد على أن الإمامة من أصول الإيمان وجعلها من أصول المذهب فقط، وقد ذهب إلى ذلك علماء ومراجع شيعة كبار أمثال محمد كاشف الغطاء، وغيره.

وتؤكد أن الفلسفة التربوية الشيعية تتفق مع النظرية التربوية الإسلامية لاسيما في أهداف التربية وغايتها، والأبعاد الأخلاقية والمعرفية والرؤية الكونية، بينما تتمايز عنها في عنصرين أساسيين، هما: الإمامة والنظرة إلى المجتمع، حيث يذهب التفسير المذهبي الشيعي إلى تقسيم المجتمع الشيعي إلى ثلاثة أصناف: الأول: مجتمع الحضور، أي الذي شهد حضور الأئمة، والثاني: مجتمع المنتظرين، أي الذي يعيش فترة انتظار الإمام المهدي، والثالث: المجتمع المهدوي أو المجتمع الذي يشهد عصر ظهور الإمام المهدي.

مدخـل جديـد للتقريـب

قدمت الدراسة عددا من التوصيات والمقترحات في ضوء البحث والتحليل للفكر التربوي الشيعي المعاصر، منها:

دراسة صورة أهل السنة في مناهج التعليم العام الإيرانية، للوقوف على مدى تحقيق الثورة الإسلامية للانسجام الإسلامي والاجتماعي في إيران.

ضرورة توجيه نظر الباحثين في ميدان التربية إلى البحث في فلسفات التربية المختلفة في العالم الإسلامي، لاسيما الفكر التربوي الشيعي المعاصر، وذلك لثراء تجربته التربوية من ناحية، وللتقريب الفكري بين الباحثين في العالم الإسلامي من ناحية أخرى.

تقديم اللغة الفارسية في التعليم العام في مصر- كلغة ثانية-، حيث إنها تعد احدى أهم اللغات التي يتحدث بها عدد كبير من المسلمين، بعد اللغة العربية، بالإضافة إلى غزارة الإنتاج الفكري والتربوي الذي يصدر سنوياً بهذه اللغة، والتي يقف الجهل بها عائقاً أمام التعرف عليه.

وأوصت الدراسة أيضا بتعديل مفاهيم «التربية الإسلامية» لدى الباحثين، والتي اقتصرت في أذهانهم على التربية عند «أهل السنة»، وذلك بإدخال المذاهب الإسلامية الأخرى مثل الإمامية، الزيدية، الإباضية في هذا المفهوم، لاسيما وأن هذه المذاهب الإسلامية فاعلة في المجتمعات الإسلامية المعاصرة، وتنشيط حركة ودور الترجمة من لغات العالم الإسلامي إلى اللغة العربية، لإحداث نوع من الانفتاح الثقافي والفكري بين أبناء الأمة الواحدة.

ويستخلص الباحث في خاتمة دراسته العلمية درسا هاما للنظام التربوي والتعليمي العربي، يتمثل في تأكيد مبدأ «الاستقلالية الفكرية»، أي أن يكون النظام التربوي العربي مستقلاً في تفكيره، ويعود إلى هويته الإسلامية التي انسلخ عنها، والعمل على إيجاد فلسفة تربوية عربية واضحة المعالم، مما يترتب عليه وجود نوع من التعليم محدد الأهداف، متوافق مع قيم وعقيدة وتراث المجتمع العربي، إضافة إلى غرس روح الإرادة والتحدي في النشء، وهو ما تفتقده الشخصية العربية نتيجة لضعف بنائها التربوي، نظرا لأن حالة الاضطراب التي يعاني منها التعليم في العالم العربي ناتج بصورة أساسية عن عدم وجود فلسفة تربوية واضحة المعالم، وعن التبعية العمياء للمنهج الغربي.

 

الدكتور حسان عبد الله حسان، باحث مصري

تتكون الدراسة من ستة الفصول؛

في الفصل الأول: الإطار العام للدراسة - مقدمة الدراسة وأهميتها - الدراسات السابقة - أوجه الاتفاق - والاختلاف بين الدراسة الحالية والدراسات السابقة - قضية الدراسة - أهداف الدراسة - منهج الدراسة - حدود الدراسة - مصطلحات الدراسة - خطوات الدراسة.

في الفصل الثانى: أصول الفكر التربوى الشيعى المعاصر؛ أولاً: الأصول التاريخيــة - ثانياً: الأصول السياسيــة - ثالثاً: الأصول الاجتماعيــة - رابعاً: الأصول الفكرية والثقافية - خامساً : الأصول العقدية.

في الفصل الثالث: مصادر الفكر التربوى الشيعى المعاصر؛ أولاً : القرآن الكريم - ثانياً : السنة النبوية - ثالثاً : العقل.

في الفصل الرابع: النظرية التربوية المعاصرة عند الشيعة الإمامية؛ أولاً : التربية : مفهومها، أهدافها، مراحلها ، مجالاتها ،أساليبها - ثانياً : الرؤية الكونية - ثالثا ً:نظرية المعرفة - رابعا ً:الأخلاق - خامساً: المجتمع.

في الفصل الخامس: وسائط التربية اللامدرسية عند الشيعة الإمامية؛ أولاً : المناسبات الدينية: "ذكرى عاشوراء" نموذجاً - ثانيــاً : المؤسسة الدينية " الحــوزة العلمية" نموذجاً - ثالثــاً : الزيارات - رابعــاً: صــلاة الجمعة.

في الفصل السادس: التطبيقات التربوية للفكر الشيعى المعاصر فى إيران(1979-2006م )؛ أولاً : التعليم فى إيران منذ الفتح الإسلامى وحتى قيام الثورة الإسلامية (1979م) - ثانياً : الإطار العام للتعليم فى ظل الجمهورية الإسلامية - ثالثاً : التعليم قبل الجامعى - رابعاً : التعليم العالى والبحث العلمى -خامساً : إعداد المعلم - سادساً : التعليم والمسألة القومية فى إيران - سابعاً : ديمقراطية التربية والتعليم - ثامناً البحث التربوى المعاصر - تاسعاً: محو الأمية وتعليم الكبار - خاتمة الدراسة.

تنفرد تجربة "الأسلمة" فى النظام التعليمى الإيرانى بعدة سمات، أهمها ذلك المزج الذىحدث بين مفهوم الثورة والإسلام، حيث قُدم الإسلام فى البرامج التعليمية والتربوية على أنه ثورة على الأوضاع المخالفة والانحرافات القائمة، كذلك فإن عملية "الأسلمة" هى الشعار الأساسى الذى رفعته الثورة الإيرانية منذ نجاحها عام 1979م، وتبنته فى كافة النظم الاجتماعية - كما يتضح من الدستور والقوانين المختلفة- ، وأيضاً فإن تجربة الأسلمة فى إيران تتم بصورة نظرية وعملية واسعة وعلى كافة المستويات الاجتماعية.

كما تمثل الحوزة العلمية بُعداً أساسياً فى عملية أسلمة المؤسسة التعليمية، فهى فى الأساس نظام تعليمى إسلامى حر لا يخضع لأية سيطرة أو هيمنة من أى جهة حتى لو كانت الحكومة الإسلامية نفسها، إلا أنها بوضعها التاريخى والثقافى والتربوى قد وضعت نفسها فى مقابل نظام التعليم الرسمى حتى ولو كان هذا النظام التعليمى هو الذى تتبناه الثورة الإسلامية.

ولقد مثلت العلوم الإنسانية التحدى الأكبر لعملية الأسلمة، وذلك لأن العلوم الطبيعية تعتمد على حقائق لا تؤثر فى التوجه الفكرى والإنسانى، أما العلوم الإنسانية فهى التى تؤثر فى صياغة المنهج الفكرى والتربوى للشخصية، وكذلك البناء النفسى والتربوى والاجتماعى من خلال عدة مجالات أهمها : مجال الوعى بالتاريخ، والمجال الاجتماعى، الفكرى.

وتم خلال السنوات الخمس الأولى من عمر الجمهورية تأليف 200 كتاب وصلت عام 2006م إلى حوالى 1000 كتاب جديد للطلاب فى جميع المراحل التعليمية وقد بذلت وزارة التعليم جهداً لصبغ العلوم الإنسانية برؤية «الجمهورية الإسلامية»، خصوصاً أن كلاً من علوم الاجتماع، والفلسفة، والأدب، والجغرافيا، والتاريخ، والاقتصاد، تحمل شيئاً من العقيدة، وقد سعت المناهج إلى تغيير البرنامج والمحتوى في كل علم تقريبا ،ففي علم الاقتصاد مثلاً بدأت المناهج الدراسية الجديدة التركيز على مبدأ الاكتفاء الذاتي وغرس الإيمان به، والثقة بالقوى البشرية العاملة، بالإضافة إلى غرس قيم ومبادئ تخدم الخطط التنموية الاقتصادية مثل الوسطية في الاستهلاك وعدم الإسراف في الإنفاق، وتشجيع الادخار، وإبراز حرمة التعامل بالربا ، أما علوم الاجتماع وعلم النفس فأصبحت تزخر بإعلاء قيمة الأسرة والعلاقات الاجتماعية المستندة إلى المعايير الإسلامية.

وركزت السياسة التعليمية في هذا المجال على تحرير العقل من الأيديولوجيات الغربية من خلال العودة إلى بناء الشخصية الإيرانية المنتمية للحضارة الإسلامية، وأصبحت تلك العلوم تهتم بتفسير سلوك الإنسان وأعماقه من خلال دوافعه العقدية أو الإيمانية بدلاً من التركيز على النظريات المادية، والغرائز الحسية التي تسقط وجود الله والضمير الإنساني من الحسبان وشهدت مناهج علم التاريخ تعديلاً جوهرياً، فقد كانت فيما مضى تركز على القومية الفارسية وتعد الفتح العربي غزواً ، وتغذي الشعور المعادي للإسلام واللسان العربي، وتحفل بنقد العرب وتجريحهم، وقد ركزت المناهج الجديدة على تاريخ الإسلام، والقدر المعقول من التاريخ الإيراني وتاريخ العالم .

وفى جانب إعداد الكوادر العلمية –لاسيما فيما يتعلق بالجامعة- فإن مسألة علاقة النظام الإسلامى بجماعة التكنوقراط تمثل إشكالية فى الوسط الجامعى، حيث توجد نظرة خاصة لهؤلاء، ويفضل عليهم أساتذة الحوزة العلمية باعتبارهم أكثر قرباً للنظام السياسى، ومن ثم فليس من الغريب مثلا أن نجد رئيس أكبر جامعة فى إيران وهى جامعة طهران من المعممين ، كما أن الكوادر العلمية التى نشأت فى ظل الثورة لا تزال تفتقد النضج والخبرة الكافيين.

لذلك فإن الوسط الجامعى يشهد من فترة لأخرى صراعات بين المنتمين أيديولوجياً للجماعة الدينية والمنتمين للجماعة العلمية، بل إن مؤسسات الثورة داخل الجامعة أصبحت تمثل عنصراً أساسياً فى عملية الصراع، وهو ما يشير إلى وجود نوع آخر من ازدواجية "التعليم" فى إيران بين الجماعة الدينية والجماعة العلمية، والذى "كان الهدف الأول للثورة القضاء عليه".

لذلك توصى الدراسة بضرورة إعادة النظر فى سياسة القبول الجامعى فى إيران، وذلك لأن إيران الآن تواجه تحديات جديدة داخلية وخارجية، وإذا لم تتغير هذه النظرة فإن فائدة الدراسة فى الجامعة سوف تقل، وإن ذلك ليس مطلوباً لرفع المستوى الأكاديمى للجامعات الإيرانية فقط، ولكن –أيضاً- لتحسين الموقف الاقتصادى عن طريق ميلاد أفكار جديدة واختراعات تكنولوجية فى الصناعات الداخلية والأعمال التجارية، ولكى تتمكن إيران من تحقيق تحسين الوضع الاقتصادى ومواجهة التحديات الحالية يجب إعادة هيكلة التعليم العالى والبحث عن نظرية جديدة للكنكور أو حتى تغيير المقاييس المراعاة، فذلك ربما يكون أكثر فاعلية فى تحقيق هذه الأهداف.

ومن ناحية أخرى يعانى النظام التعليمى فى إيران من وجود خلل بين سوق العمل ومخرجات التعليم والتى وصلت إلى12.8% من مجموع السكان فى سن العمل، وقد اختص المتعلمين بجميع مستوياتهم بنصيب كبير من هذه النسبة لاسيما الحاصلين على شهادات عليا (تعليم عالى) –كما أشارت الدراسة- و هو ما يشير بوضوح إلى هدر كبير للطاقة البشرية الشابة فى إيران، وعدم توافق مخرجات التعليم وسوق العمل على الرغم من ارتفاع نسبة التعليم .

وعلى الرغم من المشكلات التى يعانى منها النظام التعليمى فى إيران , إلا أنه استطاع خلال الفترة الزمنية السابقة تخطى كثير من العقبات أبرزها خطر تغريب العقل الإيرانى , حيث استطاعت الثورة الإسلامية تكوين جيل مسلم يتسم بالأصالة الفكرية والمعاصرة فى نفس الوقت ,وهو ماساهم فى خلق شخصية إيرانية قوية قادرة على مواجهة التحديات الخارجية ونتائجها الداخلية , بل إن هذا الجيل الذى أنتجته الثورة الإيرانية أصبح رمزاً للأمة الإسلامية فى زمن الضعف .

وهذا يجعلنا نوجه هذا الدرس للنظام التربوى والتعليمى العربى , ونقصد به تأكيد مبدأ "الإستقلالية الفكرية"، أى أن يكون النظام التربوى العربى مستقلاً فى تفكي , ويعود إلى هويته الإسلامية التى انسلخ عنها , والعمل إيجاد فلسفة تربوية عربية واضحة المعالم، مما يترتب عليه وجود نوع من التعليم محدد الأهداف متوافق مع قيم وعقيدة وتراث المجتمع العربى، و غرس روح الإرادة والتحدى، فى النشء، وهو ما تفتقده الشخصية العربية نتيجة لضعف بنائها التربوى0فحالة الاضطراب التى يعانى منها التعليم فى العالم العربى ناتج بصورة أساسية عن عدم وجود فلسفة تربوية واضحة المعالم , وعن التبعية العمياء للغرب .

وقد أوضحت الدراسة أن هناك أوجه تلاقى كثيرة بين مصادر الفكر التربوى السنى و الشيعى الذى يستمد محدداته العقدية من خمسة أصول أساسية هى: التوحيد، النبوة، العدل، الإمامة، المعاد, وينفرد الشيعةبالقول بالإمامة وهى أساس الاختلاف بين الشيعة والسنة على المستوى المذهبى، وتحاول الآراء والكتابات الشيعية المعاصرة التقريب بين الشيعة والسنة فيما يتصل بمسألة الإمامة وتعدى الأراء الشيعية القديمة التى تؤكد على أن الإمامة من أصول الإيمان وجعلها من أصول المذهب فقط ، وقد ذهب إلى ذلك علماء ومراجع شيعة كبار أمثال محمد كاشف العظاء، ومحمد جواد مغنية وغيرهم.

كما أن الفلسفة التربوية الشيعية تتسم بالأصالة فى كثير من جوانبها وهى فى ذلك تتفق مع النظرية التربوية الإسلامية– بصفة عامة – لا سيما فى أهداف التربية وغايتها، والأبعاد الأخلاقية والمعرفية والرؤية الكونية . هذا بالإضافة إلى التشابه فى التحديات والمصير المشترك باعتبار أننا جميعا أمة واحدة .

لذلك توصى الدراسة ضرورة توجيه نظر الباحثين فى ميدان التربية إلى البحث فى فلسفات التربية المختلفة فى العالم الإسلامى، لاسيما الفكر التربوى الإيرانى المعاصر، وذلك لثراء تجربته التربوية من ناحية، وللتقريب الفكرى بين الباحثين فى العالم الإسلامى من ناحية أخرى.

وكذلك تسهيل دراسة اللغة الفارسية فى التعليم العام- كلغة ثانية-، حيث إنها تعد إحدى أهم اللغات التى يتحدث بها عدد كبير من المسلمين بعد اللغة العربية، بالإضافة إلى غزارة الإنتاج الفكرى والتربوى الذى يصدر سنوياً بهذه اللغة والتى يقف الجهل بها عائقاً أمام التعرف عليه.

وأيضاً تنشيط حركة ودور الترجمة من لغات العالم الإسلامى إلى اللغة العربية، ليحدث نوع من الإنفتاح الثقافى والفكرى بين أبناء الأمة الواحدة، وهو الأمر الذى تفتقده "الأمة الإسلامية" منذ زمن طويل,وإنشاء هيئة تربوية متخصصة لترجمة الفكر التربوى الإيرانى إلى اللغة العربية، حيث تنعدم الكتب والأبحاث التربوية الإيرانية باللغة العربية.

1/5/131010

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
صباح البدري
2013-11-28
السلام عليكم انا طالب دكتوراة ارجو منكم مساعدتي في الحصول على هذه الاطرحة لانها مهمة جدا في سنتي البحثية مع التقدير
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك