الذي يلاحظه المراقبون والنقاد ان التركيز على عنصر المأساة التي وقعت في كربلاء ،قد ادى الى اختزال تعاليم هذه المدرسة العظيمة بعنصر المصيبة الفاجعة التي حلت بالحسين (ع) واهل بيته واصحابه الكرام وغابت عن الانظار الاهداف الاخيرة التي سعى الامام الى التمهيد لتحقيقها ،عبر فعل تضحوي خلاق ،يؤسس لمراحل من الكدح الانساني المضني الذي لا يقف الا عند تحقيق الانتصار الالهي على قوى الشر والفساد والطغيان في اخر الزمان .
من هنا فان البحث في نهضة الامام الحسين (ع) يتطلب بحثا في النتائج المستقبلية الاخيرة والاهداف المهدوية وليس هو بحثا محددا بزمنه وعصره ومجتمعه لان النتائج التي صنعها المستبدون والطغاة لتعطيل حركة الامام الحسين (ع) ودفعها المستقبلي باتجاه الاهداف المهدوية العظيمة المتمثلة باستئصال شأفة الظلم والفساد من العالم ..تقابلها رؤية مهدوية تطالب بالثأرللامام الحسين واصحابه الشهداء (عليهم السلام) لا لشخوصهم ،بل لانهم مثلوا رمزا جليا للمأساة الانسانية والتحدي الاسلامي كما مثل جلاودهم الدرك الاسفل من الظلم ،والركوس في الفساد ورمز الانحراف عن المقاصد الشرعية.
والمطلوب منا ان نجعل من اهداف الامام الحسين (ع) منسقة ومتناغمة مع هدف الشريعة من ظهور الامام المهدي (عج) وان تكون مجتمعة اهدافا لنا ، لانها من افعاله واقواله ومواقفه التي تكون مصدر الالهام لنا والتوجيه فيما يصدر عنا من اقوال وافعال وفيما نتخذه من مواقف في مواجهة الظلم والظالمين ،تمهيدا للانضواء تحت لواء الممهدين لظهوره الشريف ،واما نتائج النهضة الحسينية بما تحمل من ثنائية المأساة والتحدي ،فتقع قراءتها في دائرة الاعتبار والاتعاظ الذي يؤمن لنا سيرا صحيحا باتجاه الاهداف المهدوية .
فلسفة الترابط
ان فكرة ظهور مصلح او منقذ في آخر الزمان ،هي فكرة انسانية غير مختصة بالمسلمين لكن الاختلاف في جزيئاتها وتفاصيلها ، يتاتى من الاختلاف المنهجي في قراءتها وفقا للعقليات المختلفة فقديما كان للفكر قراءات دينية لم تقتصر على الدين المسيحي او اليهودي بل حتى في عقليات الاديان الوضعية والحضارات القديمة كالبوذية والحضارات الصينية القديمة وايران القديمة والحضارة البابلية ،والمصرية وايضا هناك قراءات فلسفية لدى الاغريق والرومان وغيرهما (1)....
لكن المرجع في هذه القراءات هو العقل وحده او نصوص الاديان الوضعية او المحرقة ،او ماتؤمن به من خرافات السابقين واساطير الاولين لذا تجيء معظم هذه القراءات ناقصة وجزئية ومنفعة باحوالها مع انبثاقها من حاجة الفطرة الانسانية الملحة لمستقبل فاضل...
هذا وقد جاءت الرؤية الاسلامية لهذه الفكرة قراءة شاملة لجميع جوانبها وارتباطاتها بالحياة الاجتماعية ،والفكر الاسلامي ،ذات ابعاد وانعكاسات تصلح الانسان ووضعه وتعده لاستقبال عصر الخير ،والعدالة والفضيلة وتهيؤه ليكون من المشاركين والممهدين لعصر ظهور ذلك الامام المصلح العظيم الذي يملا الارض قسطا وعدلا بعدما يملؤها الفاسدون والمخربون ظلما وجورا كل ذلك بمجتمع صالح في الدنيا يحاول ان يكون مقدمة للظهور الموعود
والذي يستنتج هذه الفكرة ليس هو العقل القاصر وحده بل تشارك في صياغتها وصياغة حدودها وفلسفتها وتكشف عن ابعادها ، النصوص الاسلامية الكثيرة الواردة عن النبي الاعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) واهل بيته المعصومين (عليه السلام)
فللظهور فلسفة خاصة في الروايات الاسلامية تتلاءم ومعطيات الفكر الاسلامي الذي مثلته النهضة الحسينية في حدثها الكبي
https://telegram.me/buratha