ان الارتباط بأئمة أهل البيت (ع) ليس مجرد ارتباطٍ عاطفي أو وجداني يندرج في اطار الحب والمودة والتفاعل العاطفي أو النفسي. ولم يرد الله لنا أن تكون علاقتنا بالنبي (ص) أو بأئمة أهل البيت (ع) مجرد علاقة حب ومودة بقدر ما هي علاقة فكرية وعقيدية وعملية تتصل بما جعله الله لهم من موقع مقدس في الإسلام والعقيدة {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله}.
على أن الارتباط بالإمام الحجة المهدي (عج) ليس مجرد ارتباط بفكرة عقيدية غيبية بل بإنسان كامل حيٍّ جسداً وروحاً ...
إن الارتباط بأئمة أهل البيت (ع) ليس مجرد ارتباطٍ عاطفي أو وجداني يندرج في اطار الحب والمودة والتفاعل العاطفي أو النفسي. ولم يرد الله لنا أن تكون علاقتنا بالنبي (ص) أو بأئمة أهل البيت (ع) مجرد علاقة حب ومودة بقدر ما هي علاقة فكرية وعقيدية وعملية تتصل بما جعله الله لهم من موقع مقدس في الإسلام والعقيدة {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله}.
على أن الارتباط بالإمام الحجة المهدي (عج) ليس مجرد ارتباط بفكرة عقيدية غيبية بل بإنسان كامل حيٍّ جسداً وروحاً يعيش بيننا يرانا ونراه يعرفنا ولا نعرفه يسددنا ويوجهنا إلى حيث مصلحتنا ومصلحة الأمة وهو إمام الانس والجن بل إمام الكون وقوامه، فلولا وجود الإمام لساخت الأرض بأهلها، فهو أمان لأهل الأرض كما أن النجوم أمان لأهل السماء كما ورد في الأحاديث المأثورة عنهم (ع) وهذا يعني أن الإمام لو سحب ألطافه ولم يتدخل في بعض الشؤون، ولم يعمل على رعاية الأُمة وتسديدها في حركتها ومواقفها فالله وحده يعلم كيف سيصبح حال المجتمع الإسلامي وإلى أي درجة من الانحطاط والضياع يمكن أن يصل.. فقد كتب الإمام (عج) مخاطباً الشيخ المفيد ومن وراءه كل المؤمنين: «... أنّا غير مهملين لمراعاتكم، ولا ناسين لذكركم ولولا ذلك لنزل بكم اللأواء أي الشدائد واصطلمكم الأعداء، فاتقوا الله جلّ جلاله، وظاهرونا على انتياشكم من فتنة قد أنافت عليكم، يهلك فيها من حمّ أجله ويحمى عنها من أدرك أمله».
وقد ورد في بعض الأحاديث أن أعمالنا تُعرض عليه فيحزن لسيئها ويفرح لما حسُن منها. ولذلك علينا أن نطهّر نفوسنا ونراقب أعمالنا لتكون بمستوى رضا الله ورضا الإمام الحجة (عج).
يقول الإمام الخميني (قده): علينا أن ننظر في صحيفة أعمالنا قبل أن تصل إلى محضر الله ومحضر صاحب الزمان (عج).
وبعد النظر في صحيفة الأعمال ومن أجل أن يكون المؤمن بالمستوى اللائق في محضر الإمام (عج) لا بد من مراعاة جملة من آداب العلاقة معه والارتباط به، هي تلك الآداب التي وردت في الأحاديث عن أئمة أهل البيت (ع) والتي نذكر منها هنا ما يلي:
1ـ مبايعته: فقد ورد في دعاء العهد: «اللهم إني أُجدّد له في صبيحة يومي هذا وما عشت من أيامي عهداً وعقداً وبيعة له في عنقي لا أحول عنها ولا أزول أبداً».
2ـ إظهار الشوق لرؤيته: حيث ورد أن أمير المؤمنين (ع) ذكر المهدي (عج) من ولده فأومأ إلى صدره شوقاً إلى رؤيته.
وعن الإمام الصادق (ع) أنه قال وهو يتشوق لرؤيته : «... لو أدركته لخدمته أيام حياتي».
وعلمنا أهل البيت (ع) أن ندعو الله لرؤيته ففي دعاء العهد: «اللهم أرني الطلعة الرشيدة والغرة الحميدة، وأكحل ناظري بنظرة مني إليه».
وفي دعاء الندبة: «... وأره سيّده يا شديد القوى...» وفيه أيضاً: «.. هل إليك يا ابن أحمد سبيل فتلقى».
وورد في دعاء العمري عنده (عج): اللهم إني أسألك أن تريني وليَّ أمرك ظاهراً نافذ الأمر.
وفي بعض الأدعية ورد: «اللهم أرنا وجه وليّك الميمون في حياتنا وبعد المنون».
وهنا لا بد من الإشارة إلى أن رؤية الإمام (ع) في زمن الغيبة الكبرى ممكنة بل وميسرة لخواص المؤمنين. وقد تشرَّف بعض علمائنا برؤيته صلوات الله عليه فقد نُقل عن السيد بحر العلوم أنه جاء إليه رجل وسأله عن إمكان رؤية الإمام الحجة (ع) في زمن الغيبة الكبرى. فسكت السيد عن جوابه وطأطأ رأسه وخاطب نفسه.. ما أقول في جوابه؟ وقد ضمني صلوات الله عليه إلى صدره. (جنة المأوى ص51).
كما ورد في وصية السيد ابن طاووس لولده: والطريق مفتوحة إلى إمامك لمن يريد الله جلّ شأنه عنايته به وتمام إحسانه إليه.
أما الروايات التي تكذّب من ادعى رؤيته فليس المقصود بالرؤية فيها ما أشرنا إليه بل هي تشير إلى معنى آخر وهو ما نقله الشيخ الاشتهاردي عن الإمام الخميني (قده) حيث يقول: .. والأخبار الدالة على تكذيب رؤيته منزَّلة على دعوى رؤيته بدعوى نيابته الخاصة من قبله (ع) كنيابة الحسين بن روح وغيره من النواب الأربعة (تنقيح الأصول ج3 ص139).
3ـ الثبات على ولايته: فعن الإمام الباقر (ع) أنه قال: يأتي على الناس زمان يغيب عنهم إمامهم. طوبى للثابتين على أمرنا في ذلك الزمان، إن أدنى ما يكون لهم من الثواب أن ينادي بهم الباري جلَّ جلاله فيقول: عبيدي وإمائي آمنتم بسري وصدّقتم بغيبي فأبشروا بحسن الثواب مني، أي عبيدي وإمائي حقاً منكم أتقبّل وعنكم أعفو ولكم أغفر، وبكم أسقي عبادي الغيث وادفع عنهم البلاء، لولاكم لأنزلت عليهم عذابي (البحار: ج52 ص145).
4ـ الاغتمام والبكاء على فراقه: فقد ورد في الكافي الشريف عن الإمام الصادق (ع) أنه قال: «نفس المهموم لنا المغتم لظلمنا تسبيح».
وعنه (ع) أيضاً: «والله ليغيبن إمامكم سنيناً من دهركم ولتمحصن حتى يقال: مات أو هلك بأي وادٍ سلك، ولتدمعنّ عليه عيون المؤمنين».
وروي في عيون الأخبار في خبر متعلق به (عج) عن الإمام الرضا (ع) أنه قال: «كم من حرى مؤمنة وكم من مؤمن متأسف حيران حزين عند فقدان الماء المعين. يعني الحجة (عج)».
5ـ الدعاء له: لا سيما دعاء: «اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة ولياً وحافظاً..».
وورد عن الإمام الحسن العسكري (ع) في دعاءه له (عج): «اللهم أعذه من شر كل طاغٍ وباغٍ، ومن شر جميع خلقك واحفظه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله واحرسه وامنعه أن يصل إليه بسوء واحفظ فيه رسولك وآل رسولك وأظهر به العدل وأيّده بالنصر». (البحار: ج94 ص78).
وقد ورد التأكيد على الدعاء له بتعجيل الفرج ففي التوقيع الشريف المروي عنه (عج): وأكثروا الدعاء بتعجيل الفرج فإن ذلك فرجكم (الاحتجاج ج2 ص384).
وروي عن الإمام الحسن العسكري (ع) أنه قال: «والله ليغيبن غيبة لا ينجو فيها من الهلكة إلا من ثبته الله عزّ وجلّ على القول بإمامته ووفقه للدعاء بتعجيل فرجه (كمال الدين: ج2 ص284).
6ـ زيارته: لا سيما زيارة آل ياسين الواردة عنه (عج) حيث يعلمنا فيها كيف نشعر بحضوره فنقول: السلام عليك حين تقوم، السلام عليك حين تقعد، السلام عليك حين تقرأ وتبين، السلام عليك حين تصلي وتقنت، السلام عليك حين تركع وتسجد.
7ـ التوسل به إلى الله سبحانه: سواء في أمور الحياة الدنيا كما توسل به الإمام القائد السيد علي الخامنئي (دام ظله الوارف) في مسجد جمكران من أجل نصر المقاومة الإسلامية في عدوان نيسان، أو في أمور الآخرة شفيعاً لنا كما في دعاء التوسل.
وقد ورد في بعض الروايات توسل بالإمام صاحب العصر والزمان (عج) منها: اللهم إني أسألك بحق وليك وحجتك صاحب الزمان إلا أعنتني به على جميع أُموري وكفيتني به مؤنة كل مؤذ وطاغ وباغ وأعنتني به فقد بلغ مجهودي وكفيتني كل عدوّ وهمّ وغمّ ودين، وولدي وجميع أهلي وإخواني ومن يعنيني أمره وخاصتي، آمين رب العالمين (بحار الأنوار: ج94 ص35).
8ـ القيام عند ذكر اسمه: لا سيما عند ذكر لفظ «القائم» فقد ورد أنه ذكر اسمه المبارك (عج) في مجلس الإمام الصادق (ع) فقام تعظيماً واحتراماً له.
وفي تنزيه الخاطر: أن الإمام الصادق (ع) سئل عن سبب القيام عند ذكر القائم من ألقاب الحجة (عج) فقال (ع): لأن له غيبة طولانية (منتخب الأثر: ص506).
وروي أيضاً عن الإمام الرضا (ع) أنه قام في مجلسه بخراسان عند ذكر لفظة القائم ووضع يده على رأسه الشريف وقال: «اللهم عجل فرجه وسهل مخرجه» (منتخب الأثر: ص506).
وفي كتاب مشكاة الأنوار قال: لما قرأ دعبل قصيدته المعروفة على الرضا (ع) وذكره (عج)، وضع الرضا (ع) يده على رأسه وتواضع قائماً ودعا له بالفرج (منتخب الأثر: ص506).
9ـ الصلاة عليه: فقد ورد استحباب الصلاة عليه في أكثر من مورد كما في دعاء الافتتاح. وكالصلاة الواردة عن الإمام العسكري (ع): «اللهم صل على وليك وابن أوليائك ولي الأمر المنتظر الحجة بن الحسن، اللهم صل على وليك وابن أوليائك الذين فرضت طاعتهم..» (مكيال المكارم: ج2 ص264).
وورد في مصباح الزائر ص420: اللهم صل عليه صلاة تظهر بها حجته وتوضح بها بهجته وترفع بها درجته وتؤيد بها سلطانه وتعظم بها برهانه وتشرِّف بها مكانه، وتعلّي بها بنيانه، وتعزُّ بها نصره، وترفع بها قدره، وتسمي بها ذكره، وتظهر بها كلمته، وتكثّر بها نصرته، وتعزُّ بها دعوته، وتزيده بها إكراماً، وتجعله للمتقين بها إماماً، وتبلغه منا تحية وسلاماً.
10ـ التصدق عنه: فقد ورد في دعاء التصدق حين السفر: اللهم إن هذه لك ومنك وهي صدقة عن مولانا محمد (عج)، وصل عليه بين أسفاره وحركاته وسكناته في ساعات ليله ونهاره.
..............
تح: علي عد سلمان
https://telegram.me/buratha