الصفحة الفكرية

تكاليف عصر الغيبة الكبري

5611 08:11:00 2013-07-07

 

اهتمت الأحاديث الشريفة بقضية تكاليف عصر الغيبة وأبرز هذه التكاليف هو واجب انتظار ظهور الإمام – عجل الله فرجه -.

 وأبرز التكاليف الأخري فكما يلي:

1-ترسيخ المعرفة بإمام العصر – عجل الله فرجه – وغيبته وحتمية ظهوره وأنه حي يراقب الأمور ويطلع علي أعمال الناس وأوضاعهم وينتظر توفر الشروط اللازمة لظهوره، وإقامة هذه المعرفة علي أساس الأدلة النقلية الصحيحة والبراهين العقلية السليمة.

وأهمية هذا الواجب واضحة في ظل عدم الحضور الظاهر للإمام في عصر الغيبة والتشكيكات الناتجة عن ذلك، كما أن لهذه المعرفة تأثيراً مشهوداً في دفع الإنسان المسلم نحو العمل الإصلاحي البناء علي الصعيدين الفردي والاجتماعي، فهي تجعل لعمله حافزاً إضافياً يتمثل بالشعور الوجداني بأن تحركه يحظي برعاية ومراقبة إمام زمانه الذي يسره ما يري من المؤمنين من تقدم ويؤذيه أي تراجع أو تخلف عن العمل الإصلاحي البناء والتمسك بالأحكام والأخلاق والقيم الإسلامية التي ينتظر توفر شروط ظهوره لإقامة حاكميتها في كل الأرض وإنقاذ البشرية بها.

وقد التقينا في الأحاديث الشريفة التي أخبرت عن غيبة المهدي قبل وقوعها بإشارات صريحة الي هذا الواجب وسنلتقي ضمن الحديث عن واجب الانتظار بنماذج أخري. يضاف الي ذلك معظم الأدعية المندوب تلاوتها في عصر الغيبة تحفز علي القيام بهذا الواجب وترسيخ المعرفة بالإمام، فمثلاً الكليني في «الكافي» عن زرارة أن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: «إن للقائم غيبة... وهو المنتظر وهو الذي يشك الناس في ولادته... [فقال زرارة]: جعلت فداك إن أدركت ذلك الزمان أي شيء أعمل؟ قال: يا زرارة متي أدركت ذلك الزمان فلتدع بهذا الدعاء: اللهم عرفني نفسك فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرف نبيك، اللهم عرفني رسولك فإنك إن لم تعرفني رسولك لم أعرف حجتك، اللهم عرفني حجتك فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني...» وفي الحديث إشارة الي الأسس العقائدية للإيمان بإمام العصر وثمار معرفته.

2- ومن التكاليف المهمة الأخري التي أكدتها الأحاديث الشريفة لمؤمني عصر الغيبة هو تمتين الارتباط الوجداني بالمهدي المنتظر والتفاعل العملي مع أهدافه السامية والدفاع عنها والشعور الوجداني العميق بقيادته وهذا هو ما تؤكده أيضاً معظم التكاليف التي تذكرها الأحاديث الشريفة كواجبات للمؤمنين تجاه الإمام مثل الدعاء له بالحفظ والنصرة وتعجيل فرجه وظهوره وكبح أعدائه والتصدق عنه والمواظبة علي زيارته وغير ذلك مما ذكرته الأحاديث الشريفة وقد جمعها آية الله السيد الإصفهاني في كتابه «مكيال المكارم في فوائد الدعاء للقائم» وكتابه «وظائف الأنام في غيبة الإمام».

3- إحياء أمر منهج أهل البيت (عليهم السلام) الذي يمثله – عجل الله فرجه – بما يعنيه ذلك من العمل بالإسلام النقي الذي دافعوا عنه ونشر أفكارهم والتعريف بمظلوميتهم وموالاتهم والبراءة من أعدائهم والعمل بوصاياهم وتراثهم وما تقدم من تعاليمهم ونبذ الرجوع الي الطاغوت وحكوماته والرجوع الي الفقهاء العدول الذين جعلوهم حجة علي الناس في زمن الغيبة والاستعانة بالله في كل ذلك كما ورد في النص:

«وإن أصبحتم لا ترون منهم [الأئمة (عليهم السلام)] أحداً فاستغيثوا بالله عز وجل وانظروا السنة التي كنتم عليها واتبعوها وأحبوا ما كنتم تحبون وابغضوا من كنتم تبغضون فما أسرع ما يأتيكم الفرج».

4- تقوية الكيان الإيماني والتواصي بالحق الإسلامي النقي والتواصي بالصبر، وهو من التكاليف التي تتأكد في عصر الغيبة بحكم الصعوبات التي يشتمل عليها؛ والثبات علي منهج أهل البيت (عليهم السلام): «يأتي علي الناس زمان يغيب عنهم إمامهم، فياطوبي للثابتين علي أمرنا في ذلك الزمان...».

أهمية الانتظار

تؤكد الأحاديث الشريفة وباهتمام بالغ علي عظمة آثار انتظار الفرج؛ بعنوانه العام الذي ينطبق علي الظهور المهدوي كأحد مصاديقه البارزة؛ وكذلك علي انتظار ظهور الإمام بالخصوص. فبعضها تصفه بأنه أفضل عبادة المؤمن كما هو المروي عن الإمام علي (عليه السلام): «أفضل عبادة المؤمن انتظار فرج الله»، وعبادة المؤمن أفضل بلا شك من عبادة مطلق المسلم، فيكون الانتظار أفضل العبادات الفضلي إذا كان القيام به بنية التعبد لله وليس رغبة في شيء من الدنيا؛ ويكون بذلك من أفضل وسائل التقرب الي الله تبارك وتعالي كما يشير الي ذلك الإمام الصادق (عليه السلام) في خصوص انتظار الفرج المهدوي حيث يقول: « طوبي لشيعة قائمنا، المنتظرين لظهوره في غيبته والمطيعين له في ظهوره، أولئك أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون». ولذلك فإن انتظار الفرج هو «أعظم الفرج» كما يقول الإمام السجاد (عليه السلام)، فهو يدخل المنتظر في زمرة أولياء الله.

وتعتبر الأحاديث الشريفة أن صدق انتظار المؤمن لظهور إمام زمانه الغائب يعزز إخلاصه ونقاء إيمانه من الشك، يقول الإمام الجواد (عليه السلام): «... له غيبة يكثر أيامها ويطول أمدها فينتظر خروجه المخلصون وينكره المرتابون...» وحيث إن الانتظار يعزز الإيمان والإخلاص لله عز وجل والثقة بحكمته ورعايته لعباده، فهو علامة حسن الظن بالله، لذا فلا غرابة أن تصفه الأحاديث الشريفة بأنه: «أحب الأعمال الي الله»، وبالتالي فهو «أفضل أعمال أمتي» كما يقول رسول الله (صلي الله عليه وآله).

الانتظار يرسخ تعلق الإنسان وارتباطه بربه الكريم وإيمانه العملي بأن الله عز وجل غالب علي أمره وبأنه القادر علي كل شيء والمدبر لأمر خلائقه بحكمته الرحيم بهم، وهذا من الثمار المهمة التي يكمن فيها صلاح الإنسان وطيه لمعارج الكمال، وهو الهدف من معظم أحكام الشريعة وجميع عباداتها وهو أيضاً شر قبولها فلا قيمة لها إذا لم تستد الي هذا الايمان التوحيدي الخال   الذي يرسخه الانتظار، وهذا اثر مهم من آثاره الذي تذكره الأحاديث الشريفة نظير قول الإمام الصادق (عليه السلام): «ألا أخبركم بما لا يقبل الله عز وجل من العبادة عملاً إلا به... شهادة أن لا اله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله والاقرار بما أمر الله والولاية لنا والبراءة من أعدائنا – يعني الأئمة خاصة – والتسليم لهم، والورع والاجتهاد والطمأنينة والانتظار للقائم (عليه السلام) ...».

وتصريح الأحاديث الشريفة بأن التحلي بالانتظار الحقيقي يؤهل المنتظر – وبالآثار المترتبة عليه المشار اليها آنفاً – للفوز بمقام صحبة الإمام المهدي كما يشير الي ذلك الإمام الصادق في تتمة الحديث المتقدم حيث يقول: «من سره أن يكون من أصحاب القائم فلينتظر»، وكذلك يجعله يفوز بأجر هذه الصحبة الجهادية وهذا ما يصرح به الصادق (عليه السلام) حيث يقول: «من مات منكم علي هذا الأمر منتظراً له كان كمن كان في فسطاط القائم (عليه السلام)...»، ويفوز أيضاً بأجر الشهيد كما يقول الإمام علي (عليه السلام): «الآخذ بأمرنا معنا غداً في حظيرة القدس والمنتظر لأمرنا كالمتشحط بدمه في سبيل الله»، بل ويفوز بأعلي مراتب الشهداء المجاهدين، يقول الصادق (عليه السلام): «من مات منكم وهو منتظر لهذا الأمر كمن كان مع القائم في فسطاطه؛ قال الراوي: ثم مكث هنيئة، ثم قال: لا بل كمن قارع معه بسيفه، ثم قال: لا والله إلا كمن استشهد مع رسول الله (صلي الله عليه وآله)».

حقيقة الانتظار

قال [الإمام الصادق](عليه السلام): «من سره أن يكون من أصحاب القائم فلينتظر وليعمل بالورع ومحاسن الأخلاق وهو منتظر، فإن مات وقام القائم بعده كان له من الأجر مثل من أدركه... ولا ريب أنه كلما اشتد الانتظار ازداد صاحبه مقاماً وثواباً عند الله عز وجل...».

والانتظار يعني: «ترقب ظهور وقيام الدولة القاهرة والسلطنة الظاهرة لمهدي آل محمد (عليهم السلام). وإمتلائها قسطاً وعدلاً وانتصار الدين القويم علي جميع الأديان كما أخبر به الله تعالي نبيه الأكرم ووعده بذلك، بل بشر به جميع الأنبياء والأمم؛ أنه يأتي مثل هذا اليوم الذي لا يعبد فيه غير الله تعالي ولا يبقي من الدين شيء مخفي وراء ستر وحجاب مخافة أحد...».

أن الانتظار لا يكون صادقاً إلا اذا توفرت فيه: «عناصر ثلاثة مقترنة: عقائدية ونفسية وسلوكية ولولاها يبقي للانتظار أي معني إيماني صحيح سوي التعسف المبني علي المنطق القائل: (فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون...) المنتج لتمني الخير للبشرية من دون أي عمل إيجابي في سبيل ذلك».

«إن انتظار الفرج نوعان: انتظار بناء باعث للتحرك والالتزام الرسالي، فهو عبادة وأفضل العبادات، وانتظار مخرب يشل الإنسان عن العمل البناء فهو يعتبر نمطاً من أنماط «الإباحية»... إن نوعي الانتظار هذين هما نتيجة لنوعين من الفهم لماهية الظهور التاريخي العظيم للمهدي الموعود (عليه السلام)... والبعض يفسر القضية المهدوية وثورتها الموعودة بأنها ذات صبغة انفجارية لا غير؛ وأنها نتيجة لانتشار الظلم والتمييز والقمع وغصب الحقوق والفساد... فعندها يقع الانفجار وتظهر يد الغيب لإنقاذ الحق... وعليه فإن أفضل عون يمكن أن يقدمه الإنسان لتعجيل الظهور المهدوي وأفضل أشكال الانتظار هو [السماح بـ] ترويج الفساد...

لكن المستفاد من الآيات أن ظهور المهدي الموعود حلقة من حلقات مجاهدة أنصار الحق لأشياع الباطل التي تكون عاقبتها الانتصار الكامل لأنصار الحق ومشاركة الإنسان في الحصول علي هذه السعادة مرهون بأن يدخل عملياً في صفوف أنصار الحق...

ويستفاد من الروايات الإسلامية أن ظهور المهدي (عليه السلام) يقترن ببلوغ جبهتي السعداء والأشقياء ذروة عملهم كل حسب أهدافه لا أن ينعدم السعداء ويبلغ الأشقياء ذروة إجرامهم وظلمهم، وتتحدث الأحاديث الشريفة عن صفوة من أنصار الحق تلتحق بالإمام فور ظهوره... فحتي لو فرضنا أنهم قلة من الناحية الكمية إلا أنهم من الناحية الكيفية خيرة أهل الإيمان وبمستوي انصار سيد الشهداء (عليه السلام)؛ كما تتحدث عن التمهيد لثورة الإمام المهدي بسلسلة من الانتفاضات التي يقوم بها أنصار الحق... كما تتحدث بعضها عن حكومة يقيمها أنصار الحق وتستمر حتي تفجر ثورة الإمام المهدي».

وعلي ضوء ماتقدم يتضح أن الانتظار الحقيقي يتضمن حركة بناء مستمرة واستعداد لظهور المنقذ المنتظر علي الصعيدين الفردي والاجتماعي مهما كانت الصعاب والتضحيات، يقول الإمام الخميني (قدس سره) في آخر بيان أصدره بمناسبة النصف من شعبان قبل وفاته: «سلام عليه (المهدي الموعود) وسلام علي منتظريه الحقيقيين، سلام علي غيبته وظهوره، وسلام علي الذين يدركون ظهوره علي نحو الحقيقة ويرتوون من كأس هدايته ومعرفته سلام علي الشعب الايراني العظيم الذي يمهد لظهوره بالتضحيات والفداء والشهادة...».

تبقي قضية علائم الظهور التي ذكرت الأحاديث الشريفة أنها تسبق الظهور المهدوي، وتعارضها من القول بوجوب الانتظار الفوري، وهو تعارض مرفوع بأن انتظار الحتمي منها هو انتظار للظهور في الواقعة  لأنها جزء كما أن زمن وقوع العلائم الحتمية للظهور قريب من موعد الظهور وأما شرائط الظهور وتوفير الأوضاع اللازمة له فإن من المحتمل اكتمالها في كل حال. يقول السيد الشهيد محمد الصدر (رحمه الله): «إن العلامات يحتمل وقوعها في أي وقت ويحتمل أن يتبعها ظهور المهدي (عليه السلام) بوقت قصير، وأما شرائط الظهور فيحتمل اكتمالها وانجازها في أي وقت أيضاً، وقلنا بأن وجود هذا الاحتمال في نفس الفرد كاف في إيجاد الجو النفسي للانتظار الفوري».

وهذا الجو النفسي المطلوب في الانتظار الفوري هو الذي يشكل الدوافع المحرضة للمؤمن لكي يسارع في توفير الشروط اللازمة لنصرة إمامه المهدي – عجل الله فرجه – من خلال إعداد نفسه وغيره بالتهذيب والتربية اللازمة للتحلي بخصال أنصار المهدي.

الجمهوريه الاسلاميه والاعداد للدور المهدوي المرتقب

استطاع خاتم الأنبياء – كما عرفنا – أن يتوج جهود سلفه الطاهر بإقامة أنظف وأطهر دولة في التاريخ شكلت بحق منعطفاً عظيماً في تاريخ الإنسان، وجسدت مبادئ الدولة الصالحة تجسيداً كاملاً ورائعاً.

وعلي الرغم من أن هذه الدولة قد تولاها في كثير من الأحيان بعد وفاة الرسول الأعظم قادة لا يعيشون أهدافها الحقيقية ورسالتها العظيمة؛ فإن الإمامة – التي كانت امتداداً روحياً وعقائدياً للنبوة ووريثاً لرسالات السماء – مارست باستمرار دورها في محاولة تصحيح مسار هذه الدولة وإعادتها إلي طريقها النبوي الصحيح، وقدم الأئمة في هذا السبيل زخماً هائلا من التضحيات التي توجها استشهاد أبي الأحرار وسيد الشهداء أبي عبدالله الحسين مع الصفوة من أهل بيته وأصحابه في يوم عاشوراء.

وقد امتدت الإمامة بعد عصر الغيبة في المرجعية، كما كانت الإمامة امتداداً بدورها للنبوة، وتحملت المرجعية أعباء هذه الرسالة العظيمة، وقامت علي مر التاريخ بأشكال مختلفة من العمل في هذا السبيل أو التمهيد له بطريقة وأخري.

وقد عاش العالم المسلم الشيعي دائماً – مع كل الصالحين وكل المستضعفين من أبناء هذه الأمة الخيرة – عيشة الرفض لكل ألوان الباطل، والإصرار علي التعلق بدولة الأنبياء والأئمة، بدولة الحق والعدل التي ناضل وجاهد من أجلها كل أبرار البشرية وأخيارها الصالحين.

وقد استطاع الشعب الإيراني المسلم أن يشكل القاعدة الكبري لهذا الرفض البطولي والثبات الصامد علي طريق دولة الأنبياء والأئمة والصديقين؛ باعتباره الجزء الأكثر التحاماً مع المرجعية الدينية وأسسها الدينية والمذهبية.

وقد بلغت هذه القاعدة الرشيدة بفضل القيادة الحكيمة للمرجعية الصالحة التي جسدها الإمام الخميني – دام ظله – قمة وعيها الرسالي والسياسي الرشيد من خلال صراعها المرير مع طواغيت الكفر ومقاومتها الشجاعة لفرعون ايران الحديث، حتي استطاعت أن تلحق به وبكل ما يمثله من قوي الاستعمار الكافر أكبر هزيمة يمني بها المستعمر الكافر في عالمنا الإسلامي العظيم.

وكان من الطبيعي أن يزداد الشعب الإيراني المسلم إيماناً برسالته التاريخية العظيمة وشعوراً بأن الإسلام هو قدره العظيم؛ لأنه بالإسلام وبزخم المرجعية التي بناها الإسلام وبالخميني القائد استطاع أن يكسر أثقل القيود ويحطم عن معصميه تلك السلاسل الهائلة، فلم يعد الإسلام هو الرسالة فحسب، بل هو أيضاً المنقذ والقوة الوحيدة في الميدان التي استطاعت أن تكتب النصر لهذا الشعب العظيم.

ومن هنا كان طرح المرجعية الرشيدة للجمهورية الإسلامية – شعاراً وهدفاً وحقيقة – تعبيراً حياً عن ضمير الأمة، وتتويجاً لنضالها بالنتيجة الطبيعية، وضماناً لاستمرار هذا الشعب في طريق النصر الذي شقه له الإسلام.

والشعب الإيراني العظيم – بحمله لهذا المنار وممارسته مسؤوليته في تجسيد هذه الفكرة وبناء الجمهورية الإسلامية – يطرح نفسه لا كشعب يحاول بناء نفسه فحسب، بل كقاعدة للإشعاع علي العالم الإسلامي وعلي العالم كله في لحظات عصيبة من تاريخ هذه الإنسانية، يتلقت فيها كل شعوب العالم الإسلامي الي المنقذ من هيمنة الإنسان الأوروبي والغربي وحضارته المستغلة، ويتحسس فيها كل شعوب العالم بالحاجة إلي رسالة تضع حداً لاستغلال الإنسان للإنسان.

وعلي هذا الأساس قام الشعب الإيراني المسلم في هذه اللحظات الزاخرة بالتاريخ والغيبة بمعاني البطولة والجهاد والمفعمة بمشاعر النصر وإرادة التغيير، بدوره التاريخي، فصنع لأول مرة في تاريخ الإسلام الحديث دستور الجمهورية الإسلامية، وصمم علي أن يجسد هذا الدستور في تجربة رائعة ورائدة.

وكما هز هذا الشعب العظيم ضمير العالم وزعزع مقاييسه المادية بقيمه التي جسدها في مرحلة المبارزة، كذلك سيهز ضمير الإنسانية المظللة ووجدان الملايين المعدبين، ويغمر العالم بنور جديد هو نور الإسلام الذي حجبه الإنسان الغربي وعملاؤه المثقفون وبذلوا كل وسائلهم – من الاحتلال العسكري إلي التشويه الثقافي والتحريف العقائدي – في سبيل إبعاد العالم الإسلامي عن هذا النور؛ لكي يضمنوا لأنفسهم السيطرة عليه ويفرضوا عليه التبعية.

ان الإسلام الذي حجزه الاستعمار عسكرياً وسياسياً في قمقم ليصبغ العالم الإسلامي بما يشاء من ألوان قد انطلق من قمقمه في إيران، فكان زلزالا علي الظالمين، ومثلا أعلي في بناء الشعب المجاهد والمضحي، وسيفاً مصلتاً علي الطغاة ومصالح الاستعمار، وقاعدة لبناء الأمة من جديد. ولم يبرهن الإمام الخميني بإطلاقه للإسلام من القمقم  علي قدرته الفائقة وبطولة الشعب الإيراني فحسب، بل برهن أيضاً علي ضخامة الجناية التي يمارسها كل من يساهم في حجز الإسلام في القمقم وتجميد طاقاته الهائلة البناءة وإبعادها عن مجال البناء الحضاري لهذه الأمة.

وهذا النور الجديد الذي قدر للشعب الإيراني أن يحمله إلي العالم سوف يعري أيضاً تلك الأنظمة التي حملت اسم الإسلام زورا بنفس الدرجة التي يدين بها الأنظمة التي رفضت الإسلام.

...............

28/5/13707

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك