الحمدُ لله والحمدُ حقه، كما يستحقهُ حمداً كثيرا، وأصلي وأسلمُ على مَنْ أُرسلَ للعالمينَ بشيراً ونذيرا، وعلى آلهِ الهداةِ الذين أُذْهِبَ عنهم الرجس وطُهِّروا تطهيرا.
إنَّ الحديث عن الأئمة المعصومين عليهم السلام من أهم الأحاديث التي يجب علينا أنْ ننشرها في كل آنٍ، لتتعرف الأجيال على أئمتها، وتستلهم من سيرتهم الدروس النافعة، للوصول إلى طاعة الله ورضاه، والفوز بسعادة الدارين في الدنيا والآخرة، والنجاة من الزيغ والضلال، حيث لا يكون ذلك إلا بالتمسك بهم كما روي في ذلك عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حديثه المشهور بحديث الثقلين، إذ يوصي الأمة بقوله صلى الله عليه وآله وسلم كما يروى عن أبي سعيد الخدري (إنِّي قد تركتُ فيكم ما إنْ أخذتم بهِ لن تضلوا بعدي الثقلين وأحدهما أكبر من الآخر كتاب الله حبلٌ ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل البيت ألا إنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض) وفي رواية بعد ذلك يقول صلى الله عليه وآله وسلم: (فلا تَقْدَمُوهُمْ فتهلكوا ولا تقصروا عنهم فتهلكوا ولا تُعَلِّمُوهُمْ فإنَّهُمْ أعلم منكم)(1).
ونسلط الضوء في هذه السطور على بعض ما يتعلق بمسألة الإمام الثاني عشر من أئمتنا عليه السلام وغيبته وتحقق الانتظار لدولته التي سيقيم فيها العدل الإلهي. فلو تتبعنا جميع أحاديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة المعصومين عليهم السلام في بيان أمر الإمام المهدي (عَجَّلَ الله تعالى فَرَجَهُ) لرأينا أنَّ أغلب هذهِ الأحاديث تبشرُ المؤمنين بفرجهِ في آخر الزمان، ذلك الزمان الذي تملأ الأرض فيها ظلماً، فترى الإسلام والمسلمين في صراعٍ عظيم مع الكفار والمنافقين الذي يريدون إطفاء نور الله في الأرض ونشر الظلم والعدوان والفساد، وهذا ما نراه اليوم مِنْ تكالب أعداء المسلمين وأعداء أهل البيت من الاعتداءات الأثيمة على المؤمنين، فيجب علينا أنْ نؤمنَ بما وَعَدَنَا اللهُ ورسولُهُ في الغلبة والنصرة عليهم عند خروج الإمام المهدي (عَجَّلَ الله تعالى فَرَجَهُ).
ولأجل أنْ يتحقق ذلك النصر الإلهي ويكون الانتظار لفرجه مثمراً سوف نحاول معك عزيزي القارىء أنْ نطلع على بعض الكلمات التي يجب علينا أنْ نطلع عليها ونعيها لنكون من المنتظرين لفرجه الشريف والعاملين لنصرته عليه السلام ويكون انتظارنا تحقيقاً لذلك الأمل الموعود.
فقد يسأل بعضٌ من الناس ما نوع النصرة التي يجب أنْ نقوم بها ؟
فهل الجلوس والتلفظ بألفاظ الفرج والدعاء له ؟
أم العمل الدؤوب لكل المستويات في المجتمع لتهيأة الأرضية الملائمة للظهور ؟!!
أم ما هو واجبنا الذي يجب أنْ نقوم به ؟
فسوف نحاول في هذه الصفحات بيان بعض الواجبات والأمور التي يجب أنْ نهيأها لذلك المجتمع المنتظر لإمام زمانه ليكون حقيقةً من المنتظر له، والاستعداد لذلك من أجل نصرته. والله ولي التوفيق.
ولادته عليه السلام:
الإمام المهدي عليه السلام هو الإمام الثاني عشر من أئمة المسلمين الذين فرض الله تعالى طاعتهم وولايتهم والذين نصَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم عليهم في موارد عدة منها الحديث المشهور بانَّ الخلفاء من بعده اثنا عشر كلهم من قريش وغيره.
فهو محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام.
ومن ألقابه عليه السلام: المهدي، المنتظر، الحجة، القائم ...
ولد الإمام المهدي (عَجَّلَ الله تعالى فَرَجَهُ) في سامراء في الخامس عشر من شهر شعبان سنة (255هـ)، وكان عمرهُ عند وفاة أبيهِ خمس سنوات، وكان أبوهُ الإمام الحسن العسكري عليه السلام يخشى عليهِ كثيراً من السلطات العباسية لعلمهم إنَّهُ يولد إمام من نسلِ النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيهِ هلاك ملوك الظالمين والطواغيت، ولقد كانت له عليه السلام غيبتان غاب بهما عن الناس، الأولى هي الغيبة الصغرى التي دامت سبعون عاماً فكان الناس لا يستطيعون الوصول إليهِ إلا عن طريق أحد من سفرائهِ ونوابهِ الأربعة وهم:
1- عثمان بن سعيد العمري ، المدفون في بغداد .
2- محمد بن عثمان الخلاني ، المدفون في بغداد .
3- الحسين بن روح النوبختي ، المدفون في بغداد .
4- علي بن محمد السمري ، المدفون في بغداد .
فلقد كان هؤلاء الأربعة هم السفراء والواسطة بين الإمام (عَجَّلَ الله تعالى فَرَجَهُ) وبين الناس في إيصالِ وصايا الإمام وحلِّ مشاكلهم ومسائلهم ولا يعرف مكانهُ سوى هؤلاء، وبعد وفاة السفير الرابع وهو الشيخ علي ابن محمد السمري بدأت غيبة الإمام الكبرى التي شاء الله تعالى فيها أنْ يغيب ثم يظهرهُ الله تعالى ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمتهُ وكذلك الأئمة المعصومون عليهم السلام، ولقد اتفق المسلمون على ظهور
https://telegram.me/buratha