(وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى * وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا * وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَينِ الذَّكَرَ وَالإنثَى * مِن نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى * وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الإخْرَى * وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى) [1]
مقدمة
أول جريمة نـُفـّذتْ على الأرض قتل قابيل أخاه هابيل، واستمر القتل والارهاب والفساد على الارض الى يومنا هذا وكان عبر التاريخ بين المد والجزر.
وقد طهّرَ الله تعالى الارض عدة مرات ببعث الانبياء والرسل والأولياء الصالحين، وأكبر التطهيرات كان زمن النبي نوح(ع)، التطهير الكلي من كل فاسد على وجه الارض.
وهكذا حال الدنيا حينما تبتعد عن مركزية النبوة والحجة حين تبتعد عن أخلاقها وقيمها كما قال الله تعال: (فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَوةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا)[2].
لكنّ الله تعالى لا يترك الارض دون حجة، اما ظاهر مشهور أو غائب مغمور، ليمكن الاولياء الصالحين من الاتصال بالغائب المغمور ليوصل التعاليم الصحيحة الى خلق الله دون ان يعلموا بذلك. وليكون حجة عليهم يوم القيامة.
أما كيف يمد الله تعالى بعض خلقه في أعمارهم، وينقص في آخرين فهذا شأنه وارادته، لأن الموت والحياة من خصوصيات الخالق العظيم الذي لا يُسئل عما يفعل وهم يُسألون كما قال في كتابه العزيز: (وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا) فالموت بيده والحياة وطولها وعرضها بيده تعالى، فهو القادر الحكيم، فكما وضع الموت لحكمة لا نعلمها، فقد وهب الحياة وأمكنها لبعض عبادة وطوّلها لحكمة لا نعلمها أيضاً.
فقد تجلت حكمة الله تعالى أن تـُصلح الارض ومن عليها في آخر الزمان، وليس في أوله ولا وسطه، وأن يرجع كل حق الى أهله، وأن يُقتص من الظالم، وتـُطبق العدالة قبل يوم القيامة، قبل الحساب الأخروي. جلت حكمته في ذلك. لا علم لنا إلاّ ما علّمنا وأخبرنا. واذا سكت الله عن شيء، نسكت عما سكت الله عنه ولم يخبرنا فيه، فالله الحاكم الرحيم، العادل الذي لا يظلم. الحق الودود الذي بيده كل شيء وهو بكل شيء عليم...
وهذا البحث بين يدي القارئ الكريم يتحدث حول ثقافة الانتظار في عصرنا هذا، عصر العولمة والارهاب، وبيان ارادة الله تعالى في خلقه في جعل تطبيق العدل على يد حجته في آخر الزمان.
راجية من الله القبول. والله ولي التو
https://telegram.me/buratha