بسم الله الرحمن الرحيم
تمهيد :
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيّدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ، ولعنة الله علىٰ أعدائهم أجمعين من الأولين والآخرين.
قال الله تعالىٰ : ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) (1).
هذه الآية المباركة تسمّىٰ في الكتب ب « آية الولاية » ، استدلّ بها الإماميّة علىٰ إمامة أمير المؤمنين سلام الله عليه ، وكما ذكرنا من قبل ، لا بدّ من الرجوع إلىٰ السنّة لتعيين مَن نزلت فيه الآية المباركة ، وبعبارة أُخرىٰ لمعرفة شأن نزول الآية.
ثمّ بعد معرفة شأن نزول الآية المباركة ، لا بدّ من بيان وجه الإستدلال بها على إمامة أمير المؤمنين ، ثمّ يأتي دور الإشكالات والإعتراضات والمناقشات التي نجدها في كتب الكلام والعقائد من قبل علماء السنّة في الإستدلال.
فالبحث إذن يكون في جهات :
الجهة الأُولىٰ : في شأن نزول هذه الآية المباركة
أجمعت الطائفة الإماميّة ، ورواياتهم بهذا الأمر متواترة ، بأنّ الآية المباركة نزلت عندما تصدّق أمير المؤمنين سلام الله عليه بخاتمه على السائل ، وهو في أثناء الصلاة وفي حال الركوع.
فالأمر مفروغ منه من جهة الشيعة الإماميّة.
إلاّ أنّ هذا المقدار لا يكفي للاستدلال علىٰ الطرف المقابل ، كما ذكرنا من قبل ، فله أن يطالب برواة هذا الخبر من أهل السنّة ، من المحدّثين والمفسّرين ، وله أيضاً أن يطالب بصحّة سند هذا الخبر في كتب السنّة ، ليكون حجّة عليه.
ونحن على طبق هذه القاعدة المقرّرة في أُصول البحث والمناظرة ، نذكر في الجهة الاُولىٰ أسماء بعض من روىٰ هذه القضيّة ، ونزول هذه الآية المباركة في أمير المؤمنين ، في خصوص تصدّقه في حال الركوع بخاتمه علىٰ الفقير ، علىٰ السائل ، لتتمّ الحجّة حينئذ علىٰ من يرىٰ حجيّة كتبه ، علىٰ من يرىٰ اعتبار رواياته ، علىٰ من يلتزم بلوازم مذهبه ، فحينئذ تتمّ الجهة الأُولىٰ ، ويتعيّن مَن نزلت فيه الآية المباركة ، ويكون الخبر متّفقاً عليه بين الطرفين ، ومقبولاً بين الخصمين أو المتخاصمين.
قول المفسّرين :
1 ـ يعترف القاضي الإيجي في كتابه المواقف في علم الكلام وهو من أهم متون أهل السنّة في علم الكلام وأصول الدين ، فالقاضي الإيجي المتوفّىٰ سنة 756 ه يعترف بإجماع المفسّرين علىٰ نزول الآية المباركة في هذه القضيّة الخاصّة المتعلّقة بأمير المؤمنين عليه السلام (2).
2 ـ وأيضاً يعترف بهذا الإجماع : الشريف الجرجاني المتوفّىٰ سنة 816 ه ، في كتابه شرح المواقف في علم الكلام ، وهذا الكتاب متناً وشرحاً مطبوع وموجود الآن بين أيدينا (3).
3 ـ وممّن يعترف بإجماع المفسّرين علىٰ نزول الآية المباركة في شأن علي عليه السلام : سعد الدين التفتازاني المتوفّىٰ سنة 793 ه ، في كتابه شرح المقاصد (4) ، وشرح المقاصد أيضاً من أهم كتب القوم في علم الكلام ، ومن شاء فليرجع إلىٰ كتاب كشف الظنون ليجد أهميّة هذا الكتاب بين القوم ، وفي أوساطهم العلميّة ، حيث كان هذا الكتاب من جملة كتبهم التي يتدارسونها في حوزاتهم العلميّة ، لذلك كثر منهم الشرح والتعليق علىٰ هذا الكتاب.
4 ـ وممّن يعترف بإجماع المفسّرين من أهل السنّة علىٰ نزول الآية المباركة في أمير المؤمنين ، في هذه القضيّة الخاصّة : علاء الدين القوشجي السمرقندي في كتابه شرح التجريد ، وهذا الكتاب أيضاً مطبوع وموجود بين أيدينا (5).
فعلماء الكلام الذين يبحثون عن أدلة الإمامة ، وعمّا يقول الطرفان في مقام الإستدلال ، وعمّا يحتجّ به كلّ من الطرفين علىٰ مدّعاه ، يقولون بنزول الآية المباركة في هذه القضيّة الخاصّة.
إذن ، فالمفسّرون من أهل السنّة مجمعون علىٰ نزول الآية المباركة في هذه القضيّة ، والمعترِف بهذا الإجماع كبار علماء القوم في علم الكلام ، الذين يرجع إليهم ويعتمد علىٰ أقوالهم ويستند إلىٰ كتبهم.
قول المحدّثين :
فقد رأيت من رواة هذا الحديث في كتبهم :
1 ـ الحافظ عبد الرزّاق الصنعاني ، صاحب كتاب المصنّف ، وهو شيخ البخاري صاحب الصحيح.
2 ـ الحافظ عبد بن حميد ، صاحب كتاب المسند.
3 ـ الحافظ رزين بن معاوية العبدري الأندلسي ، صاحب الجمع بين الصحاح الستّة.
4 ـ الحافظ النسائي ، صاحب الصحيح ، روىٰ هذا الحديث في صحيحه.
5 ـ الحافظ أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري ، صاحب التاريخ المعروف والتفسير المعروف المشهور.
6 ـ ابن أبي حاتم الحافظ الرازي المحدّث المفسّر المشهور ، الذي يعتقد ابن تيميّة في منهاج السنّة بأنّ تفسير ابن أبي حاتم خال من الموضوعات.
7 ـ الحافظ أبو الشيخ الإصفهاني.
8 ـ الحافظ ابن عساكر الدمشقي.
9 ـ الحافظ أبو بكر ابن مردويه الإصفهاني.
10 ـ الحافظ أبو القاسم الطبراني.
11 ـ الحافظ الخطيب البغدادي.
12 ـ الحافظ أبو بكر الهيثمي.
13 ـ الحافظ أبو الفرج ابن الجوزي الحنبلي.
14 ـ الحافظ المحبّ الطبري شيخ الحرم المكّي.
15 ـ الحافظ جلال الدين السيوطي ، المجدّد في القرن العاشر عند أهل السنّة.
16 ـ الحافظ الشيخ علي المتّقي الهندي ، صاحب كتاب كنز العمّال.
https://telegram.me/buratha